مازالت صورة الرجل الخارق شاخصة أمام أعيننا، ولم تغب عن بالنا حتما، فهو مثال للرجل الـ (superman) ذلك هو هوشيار زيباري وزير الخارجية السابق ووزير المالية بعدها، والله العالم على أية وزارة يستوزر هذا الرجل لو كان قد قدر له الحفاظ على ثقة برلماننا. أستذكر هذه الرجل المخضرم في الحكومات المتعاقبة، وأستذكر تصريحا له أدلى به في مقابلة مع مجلة كولان في الخامس من كانون الثاني من العام المنصرم تحديدا، إذ قال كاكه هوشيار: أن مبلغا من الموازنة قد خصص لتسيير وتسهيل عملية تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، وقال أن المال تم تخصيصه لتنفيذ المادة وهو مودع في حساب المادة 140 لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وقطعا لم يكن الرجل ليصرح (من جيبه) فالرأس الكبير في الجانب الكردي بارزاني يأمره -وآخرين- بعد تخطيط وحسابات بعيدة المدى، تطفو على سطحها الميول التوسعية التي يحملها.
سأستعرض في التالي من سطوري غيضا من فيض ما صرح به مسؤولون أكراد آخرون وجهات كردية أخرى بهذا الشان، خلال الشهور العصيبة التي مر بها العراق بعد أحداث الموصل -دون تحديد التاريخ بدقة- والتي كان من المفترض أن يكون الأكراد أول المساندين والمساهمين بإيجاد الحلول الناجعة لها، ويحصرون اهتمامهم بإنقاذ مايمكن إنقاذه، والسعي الحثيث في تحرير الأراضي المغتصبة، ومن ثم التوجه الى الخلافات الداخلية للنظر فيها، إذ صرحوا آنذاك بما لايمكن قبوله في ظرف عسير يمر به البلد لكن، كما قيل مصائب قوم عند قوم فوائد، فصار صيدهم الوفير في عكر المياه التي تُغرق العراقيين، فقد قالوا في تصريحاتهم:
– بارزاني: “شكلنا لجنة للتفاوض مع القوى السياسية وهناك خيارات أخرى لشعب كردستان”
– حزب طالباني: “90% من اهالي خانقين ونواحيها يؤيدون أن يصبحوا جزءا من إقليم كردستان”
– رئيس برلمان كردستان: “كركوك جزء من الاقليم ولن نسمح بتكرار سيناريو الموصل فيها”
وجلنا يذكر ماصرح به مسعود بارزاني عندما دخلت قوات البيشمركة مناطق من كركوك، بُعيد اجتياح عصابات داعش مساحات شاسعة منها، حيث قال:
– “إن المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بالمناطق المتنازع عليها قد “انجزت وانتهت” بعد دخول قوات البيشمركة الى المناطق المتنازع عليها عقب انسحاب قطعات الجيش منها”. ولم يفت أعضاء مجلس النواب من الكتل النيابية الكردستانية أن يشاركوا في هذه الـ (قصعة) وينتهزون دخول العراق في مأزق منظم ومبيت له، فقد قالوا:
– الجاف: “داعش دخل مناطق المادة 140 وعلى المالكي صرف مستحقات البيشمركة لمواجهته”.
– الجاف أيضا: “بارزاني يشترط تطبيق الشراكة الحقيقية “عملياً” للمشاركة في الحكومة المقبلة”.
– رئيس إقليم كردستان: “قوات البيشمركة تركزت في المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور بعد انسحاب قطعات الجيش منها وسيطرة عناصر تنظيم داعش عليها”.
– رئيس إقليم كردستان أيضا: “لقد صبرنا 10 سنوات مع الحكومة الاتحادية لحل قضية المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 لكنها كانت دون جدوى، ودخول قوات البيشمركة إلى تلك المناطق جاء لحمايتها ومنع سقوطها بأيدي الإرهابيين بعد إنسحاب القوات الحكومية منها”.
وأختتم ماقاله الأكراد بمختلف مناصبهم ومراكزهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية، بماقاله مسعود بارزاني بشكل يؤكد البت والحكم القطعي بما ينوي فعله، ويثبت عليه من دون تراجع بقرار اوتغيير رأي او تبديل موقف، إذ قال بالحرف الواحد:
– “الآن بالنسبة لنا المادة 140 أنجزت وانتهت ولن نتحدث عنها بعد الآن”.
والآن أيضا، هاهي الموصل تستعد للعودة الى أحضان عراقها، هل يكف ساسة الإقليم وأولهم كاكه مسعود من التصيد في عكر المياه؟ وهل سيفيقون من حلمهم السرمدي وينضمون الى ركب العراق واحدا موحدا يحتضن الجميع؟ أم سينطبق عليهم قول الشاعر:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
[email protected]