أحيانا تبدو بعض المواقع وكأنها معروضة للبيع , أو تم شراؤها من قبل جهات ما , فترى التغير الواضح في تفاعلها مع المنشور , وتريد أن تمرر أجندتها وتنشر رؤاها مهما كانت ذات معوقات ومعاثير , وتستجلب عددا من الكتبة المروجين لمنطلقاتها النظرية والعقائدية , وتجتهد في إيهام القارئ بأنها محايدة وتهتم بالفكر الحر والمثل والقيم الإنسانية , وتصف نفسها وفقا لما يساهم في تسويقها وخداع المتلقي وتضليله.
ولكثرة المواقع وسهولة إطلاقها صار التنافس بينها تجاريا بحتا , ولا يعنيها سوى الربحية , وما تستطيع التعبير عنه لكي ترضي الممولين لها , وهذا سلوك يضر بالثقافة والفكر , ويساهم في تعطيل العقول وتدمير قدرات النهوض والتقدم والتفاعل الواعي مع معطيات العصر.
هذه الظاهرة أخذت تبرز بوضوح وتتأكد في سلوكيات المواقع , وتماديها في الإستبدادية والتركيز على نشر ما يتوافق ومناهج القائمين عليها , فلا توجد مواقع ذات رسائل نزيهة مجردة من المنافع والنوايا الخفية , وكلما إنتشرت المواقع وزاد عدد المتفاعلين معها , كلما زاد ميلها للمتاجرة بنفسها وتحويل الموقع إلى بضاعة معروضة للمزايدة.
إنه سلوك إعلامي خالي من المصداقية والتمسك بالحقيقة الصالحة لبناء الحياة الطيبة , فلابد من ليلى يتم الغناء حولها , والتراقص بقربها , لكي تتألق الأمنيات وتتبرعم الرغبات وتتفتح النوازع والدوافع والطموحات , فالدنيا تدور في فضاءات المنافع والأهداف الساعية لتأمين إرادات الفاعلين في مسيرة الحياة في مكان ما.
ووفقا لذلك فأن الواقع لن يتغير نحو الأفضل , بل سيتركد ويصاب بالإستنقاع والتعفن , وتتنامى فيه العظايا والآفات , والتحولات السلبية المعتاشة على سفك الدماء وقهر البشر بالبشر , وسحق قيمة الإنسان وحرمانه من أبسط حقوقه.
ومن هنا فأن المواقع العديدة , والكتبة المستأجرون , سيكون لهم دور كبير في تدمير الواقع القائم وإلغاء المستقبل , والإمعان في تمزيق اللحمة المجتمعية , ومنع الأخوة والألفة الوطنية , وإذكاء نار العدوانية والكراهية وضخها بوقود الطائفية والمذهبية والعنصرية والمناطقية , وما يشير إلى معطيات الغوابر التي تجاوزتها الحياة منذ عدة قرون.
فقد تحول النور إلى نار والناس إلى سجير!!
ولكل موقع رحاه التي تدور لتطحن الرؤوس وتجرش الأفكار وترفع رايات الثبور!!
د-صادق السامرائي