23 ديسمبر، 2024 11:38 ص

مهلاً سيدي المالكي!

مهلاً سيدي المالكي!

أثارت التصريحات النارية لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي أطلقها عقب مقتل صحفي من قبل ضابط من هيئة الرئاسة العراقية في بغداد، ضجة إعلامية لا مثيل لها، حيث وصف المالكي فيها بالخروج عن الطور المألوف لأي رئيس وزراء، او اي مسؤول حتى ولو كان عسكرياً أثناء حرب دامية.. فقد خرج المالكي بجملة “الدم بالدم” اي ما عنى بها، ان الضابط أحمد مصطفى الذي قتل الإعلامي محمد بدوي الشمري، يجب أن يقتل، كما قَتل الشمري.
رغم ان الإنتقادات من قبلنا والصحافة الكردستانية بأكملها والمسؤولين، على هذا العمل غير المرغوب، والإدانات التي تماطرت، والمطالبة بمحاكمة عادلة تأخذ مجراها القانوني دون التماس بالخط القومي كما روج لها من قبل بعض القنوات على خلفية ترجل المالكي الى مكان الحادث والتكلم بهذا الطور، إلا ان جر القضية الى باب القومية، اي بمعى ان شخص كردي الأصل قتل صحفي عربي الأصل، لا تخضر عندنا سوى شيئاَ واحداَ ألا وهو (نحن بالقرب من الإنتخابات، إذاً نحتاج الى ذرائع نصر)!!.
عذراً سيدي المالكي، ربما لم تك في المستوى المطلوب في قضية قتل الصحفي محمد البديوي، لم يكن هذا التصرف متوقع بخروجه من رئيس وزراء.. المشكلة هو ان الشارع العراقي والكردستاني، يتسائل، ألم يعلم دولة رئيس الوزراء ان العراق ما بعد 2003 قتل فيه 171 صحفياً، لماذا بالذات تدخل المالكي في قضية قتل هذا الصحفي؟ ألم يكن هادي مهدي صحفياَ عراقياَ قتل دون ذنب؟ ألم تكن العائلة الصحفية لقناة الشرقية التي قتلت في الموصل من أبناء العراق؟ ألم تقتل الفراشة الصحفية أطوار بهجت في ظل حكمكم، ألم تكن الصحفية نورس النعيمي ضحية أخرى للعمل الصحفي؟.. على ماذا نسأل سيدي المالكي كل هؤلاء الصحفيين الذين قتلوا غدراً، لماذا لم نراك في مكان قتلهم، ألم تكن دمائهم عزيزة، أم المسألة انك بحاجة في الوقت الحالي للتظاهر بهذه الحلة؟ ياسيد يومياً يعاني العراق من إنفجارات وإغتيالات وعمليات قتل، لما لم نراك يوماً ما بعد وقوع الإنفجارات في مكانها قبل لملمة الجثث؟.
كنت يا رئيس الوزراء تقول دائماَ لا للطائفية، ألا تعلم ان شخصاً كمثلك، أقصد ذو منصب رفيع كرئيس الوزراء، اذ قال شيئاً حسناً سيجلب بمقدار ما قيل من إيجابيات، او قال شيئاً حربياً كا نطقت (الدم بالدم) سيجلب بمقدار ما يقل من سلبيات؟، يا سيدي كان عليك ألا تسبق مجريات العدالة والقانون فإنهما فوق الكل كما تقول وهو وارد.
يا سيدي نحن الكرد، كنا وعلى مر العصور، نتجنب العنف، لا نمس ما لا يمس بكرامتنا وارضنا، وحاولنا في العراق الجديد بعد سقوط الصنم مع شركائنا بناء عراق ديمقراطي فدرالي ينعم به الشعب بالأمان والرفاه، لم نروج يوماً ما، لا نحن ولا قادتنا، الى التماس بالقضية الكردية العربية التي لا جذور لها عندنا أصلاً، فالعربي ينعم بخيرات وتطورات إقليم كوردستان في محافظاتنا كما ينعم الكردي بها.
ياسيد كن على ثقة نحن نتأسف على مقتل اي مواطن عراقي، فقتل الصحفي بديوي جريمة نكراء ليست بحميدة، وعلى القانون ان يأخذ مجراه. ياسيدي لا إيجاب لتضخيم هذه الحادثة من خلال التهديدات، فالحادثة وقعت وعلينا الصبر لحين إصدار العدالة بالجزاء الملائم.
ياسيدي نحن نعلم، عندا في عشائر العراق الطيبة الكريمة، عند التعرض لمكروه، تلجأ الى ما يسمى بالفصل العشائري، حيث يجتمع طرفا الخلاف للإتفاق على طريقة حل، حيث يدفع البادئ بالمكره مبالغاً مادياَ، او في بعض الأحيان (مع العذر) تمنح العشيرة المتهمة ببنت (فتاة) مقابل الغلط للتوصل الى صلح، ولكن في حال عدم التوصل لأي إتفاق فيقال (الدم بالدم) كما قال المالكي.. ياسيدي ألم تقل مراراَ ليكن القانون مستقلاَ بعيداَ عن التجاذبات السياسية؟ ألم تحس أنك سبقت العدال والقانون بمقولتك هذه؟.
وأخيرا، كصحفي كردي، وبأسف شديد، ادين قتل الزميل بديوي الشمري، ونطلب من العدالة أن تأخذ مجراها القانوني، والإبتعاد عن الشعارات الطائفية وتجنب ظاهرة العنف بالعنف.
 
صحفي من كردستان العراق