الانتخابات حق يكفله أي دستور في العالم ،وهي ظاهرة حضارية لقيادة البلاد من قبل أناس أكفاء ونزيهين ولهم مواقف وطنية مشهودة و حضور فاعل في المجتمع ،يبذلون أقصى الجهود لخدمة المجتمع على أكمل وجه ، إلا في العراق حيث تمثل الانتخابات فرصة للإثراء الفاحش والوجاهة والمنفعة الفئوية والحزبية والمناصب وسرقة المال العام بطرق قانونية ،والحصول على المناصب للأبناء والأقرباء وعوائلهم ، وقد نشرت الصحف والمجلات والفضائيات العراقية والعربية ،فضائح يندى لها الجبين ،عن ممارسات نواب عراقيين في سرقة المال العام والاستحواذ على مناصب الدولة ،وقضايا أخلاقية منشورة على الانترنيت ،والسيطرة على استثمارات البلاد بطرق (ففتي ففتي )، مع مسئولين في الوزارات ،حيث نشرت الصحف عن هذا الكثير ومنها صفقات السلاح والطائرات والنفط وغيرها الكثير الكثير ،لكن ما يجري الآن في انتخابات مجالس المحافظات ،أمر مخجل من صفقات سياسية وتسقيطات وحزبية ،ووصلت حد الاتهامات( لرؤساء كتل وأحزاب بالفساد وقيادة الميليشيات لقتل أبناء العراق )،في حين وصف البعض بالدكتاتورية الطائفية ،وهذه التسقيطات كلها تأتي في سياق صراع سياسي وحزبي على المناصب والمنافع وشهوة السلطة والاستحواذ والهيمنة على مقدرات البلاد ،وقد رأينا ما حصل في محافظات العراق من خرق انتخابي، ومنع الناخبين من الوصول الى مراكز الانتخابات ،ومسح أسماء عوائل بأكملها من قوائم الانتخاب ،مع فرض حظر تجوال في المحافظات التي لا يوجد فيها انتخابات (نينوى والانبار) ،وهناك إجراءات قسرية وعدائية ضد الناخبين في أحياء في بغداد، منعها من الوصول والاقتراع مثل القصف بالهاونات والاعتقالات والتجاوزات ،وتأجيل الانتخابات في الانبار ونينوى بحجة تدني الوضع ألامني ،والوضع الأمني في بغداد ومحافظات أخرى أكثر انفلاتا ولا يوازى مع نينوى، وقد تعرض الكثير من المرشحين وموظفي المراكز الانتخابية الى تهديدات بالقتل والوعيد من قبل ميليشيات وجهات مسلحة أمنية واستخبارية وإرهابية تعمل لأجندة إيرانية وإقليمية ،وتم انسحاب الكثير من المرشحين وقتل الكثير منهم في قوائم (بعينها ) ،وهذا يؤكد من يقف خلف هذه التهديدات والقتل المنظم ،إذن الانتخابات خرجت من مضمونها الديمقراطي وحق المواطن الدستوري للتعبير عن رأيه في اختيار من يمثلهم في مجالس المحافظات ،وقد أفرزت نتائج الانتخابات حصيلة مخجلة لمن له السطوة والهيمنة على مقاليد السلطة ،وأظهرت إفلاسا حقيقيا لقوائم كانت تظن أنها ستكتسح أصواتها جميع الكتل الأخرى ،وهذا سوء تقدير ونظرة قاصرة في استقراء نتائج الانتخابات ،فوقعت في شرك سوء الظن ولم تحسب النتائج ،التي ظهرت عكس مخططاتها وأهدافها وبرنامجها الانتخابي ،انتخابات مجالس المحافظات أظهرت خللا كبيرا في تقدير النتائج باستخدام طرقا غير قانونية وغير أخلاقية للحصول على أعلى المقاعد ،ولكن ظهر أن حساب الحقل غير حساب البيدر ،وفي نينوى تحديا هناك قوائم تتنافس على مقاعد مجلس المحافظة ،وبطريقة استقرائية نقول أن القوائم المرشحة للفوز هي القوائم التي لم تظهر بعد على الناس ،بالرغم من أن الدعايات الإعلامية للبعض من القوائم التي تمتلك المال والإعلام كبيرة ومخيفة ،يقابلها صمت إعلامي لقوائم تعول على الشارع النينوائي ولا تعول على الدعاية الإعلامية والصراعات والتسقيطات الفضائية ،والتي يجهد البعض منها ويعول على نتائجها ،وما ظهر في فضائية الموصلية لمرشحين همهم الأول والأخير إسقاط جهة معينة تناصبها العداء الشخصي واختلاف التوجه ،وهذا هو مربط الفرس كما يقال ومقتل القوائم وسقوطها أمام المواطن لصالح الجهة المقصودة بالتجريح والتسقيط الإعلامي ،هنا لابد أن نذكر أن الدعاية الانتخابية يجب أن تتحلى بقسط وافر من المصداقية لكي يقتنع بها المواطن ،وعندما تكون لها أهداف غير أخلاقية وغير مشروعة اجتماعيا ،فنها تخطأ هدفها ولا تصيب إلا نفسها ،عليه فان المشهد الانتخابي الآن في نينوى هو مشهد واضح للعيان ،هناك كتلة تتفرج على التل ،وكتلة أخرى مشغولة بالتسقيط الفضائي ،وكتل باقية تعمل لإنجاح مهمتها على أكمل وجه لخدمة أبناء نينوى وتحمل مشروعا وطنيا خالصا ،لا تحمله بقية القوائم الأخرى ،ويبقى فضيلة الفوز بالمقاعد هو هدف الانقياء والأوفياء لهذه المدينة الجريحة والصابرة على عوادي الزمان الرديء ……