22 نوفمبر، 2024 4:19 م
Search
Close this search box.

مهرجان بابل وهويتنا المفقودة

مهرجان بابل وهويتنا المفقودة

. أقيم على أرض بابل الأثرية، خلال الأيام الماضية ( مهرجان بابل )، ورغم أنه تضمن فقرات كثيرة، كما بينت الجهات المشرفة علبه، كالمعارض الزراعية والكتب والتحف الاثرية، وبعض الفعاليات الترفيهية الأخرى لكنها لم تلق صدى يذكر، وسط الصخب الكبير الذي صاحب فعالياته الغنائية.

كالعادة إنقسم العراقيون بين مؤيد ومعارض، وكل يحاول أن يكون هو الطرف الأرجح في معادلة إظهار هوية العراق الثقافية والحضارية، ويطرح الحجج التي تقوي رأيه وتفند آراء الآخرين، حتى ظهر صراع واضح كشف حجم الهوة الكبيرة بين أجيال عراقية، تختلف في مفاهيم يفترض أن تكون مشتركة، حول هوية العراق الثقافية وإرثه التاريخي.

دائما نتبجح بأن العراق صاحب حضارة تمتد لسبعة الاف سنة.. وأنه موطن السومريين والأكديين والبابليين والآشوريين، وأرض الخلافة الاسلامية منذ زمن الإمام علي بن ابي طالب عليه وأله السلام، حتى الدولة العباسية وما بعدها، وتعرض لمختلف الغزوات من الدولة الساسانية والمغول والتتار والسلاجقة والعثمانيين والإنكليز، وإنتهاء بالأمريكان.

من هذه الارض خرج أول حرف للعالم، وسنت أولى القوانين، وكانت الجنائن المعلقة أولى عجائب الدنيا السبع، وفيها حكم ملك الجهات الأربع وكانت المستنصرية أولى جامعات العالم، وفيه تواجد الشعراء والفقهاء والعلماء الذين حولوا التراب ذهبا، وكان منه الأنبياء والقادة والرجال الشجعان، الذين رقصوا على جماجم أعدائهم.

مع كل هذا الإرث الكبير والتاريخ العريق والهوية الناصعة، فقدنا الإهتمام بتاريخنا، وأهملنا جميع المعالم الأثرية، وبعد نهب كنوز المتحف العراقي بعد عام 2003، وتحطيم آثار النمرود وتفجير المأذنة الحدباء في الموصل، وسرقة كنوز آثارية في الوسط والجنوب، وبدلا من الكشف عن تاريخنا المدفون، صرنا نرقص على ما بقي من تاريخ في آثار بابل.. رغم إنها الكنز الحقيقي الذي يجب أن نهتم به، وليس حفلات الرقص التي تقام على صروح تاريخية!

بدلا من أن يكون في كل محافظة، متحف يهتم بتاريخها وفلكلورها ونشأتها، يحكي للإجيال قصص هذا البلد العريق، عوضا عن الثقافات الدخيلة التي بدأت تسلبه كل موروثاته، نشاهد المتحف البغدادي، الذي من المفترض أن يحكي تاريخ بغداد وحضارتها وثقافتها، وقد أصبح في خبر كان، يشكو الإهمال والعزلة والأتربة تغطي كافة موجوداته من التماثيل والمجسمات، وكأنه يراد لهذا المعلم الكبير أن يغيب من الذاكرة.

في كل البلدان تكون المتاحف والآثار، هي بوابتها للتعريف بهويتها التاريخية والثقافية، ووسيلتها لجلب السواح والزوار، ويكون مردود إستثماري كبير يعادل واردات النفط، بل هو بديل عنه إذا ما تم تسويقه بصورة جيدة، وهل يملك بلد حضارة مثل العراق ولا يجيد تسويقها!

إننا لم نتناسى المتحف الوطني، ولم نخالف تعليمات منظمة اليونسكو، بإقامة مهرجان بابل في منطقة أثرية، ولم نهمل المتحف البغدادي، وآثار أور والنمرود وقصر العاشق والقشلة فحسب، لكننا أصبحنا بلدا هجينا تنكر لتاريخه وثقافته، وهكذا شعوب لن تعمر طويلا.

أحدث المقالات