في ظل فشل حكومة العراقية عن معالجة الملفات الساخنة كالأزمات الاقتصادية والامنية والثقافية وتري الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها ، التي تعاني من البلاد من آثارها ، والتي القت بظلالها القاتمة على المجتمع العراقي الذي أستبشر خيراً بهذه الحكومة في بداية تشكيلها ، على أمل تصحيح اخطاء سابقتها ، وان لا تسير على خطى حكومة الكاظمي الفاشلة والفاسدة ، فاذا بهذه الحكومة تحذوا حذوها في كل مظاهر العجز والتخبط والفساد .
فلا تزال أزمة ارتفاع الدولار وانهيار الدينار العراقي متواصلة دون اي معالجة عملية تحد من التلاعب في سعر صرف الدولار ، وانما اكتفت حكومة السوداني بملاحقة اصحاب الشركات الصغيرة ومكاتب الصيرفة البسيطة ، وفي المقابل تغض النظر عن المصارف والشركات الحزبية التي تحتكر شراء وبيع الدولار بالاتفاق مع وزارة المالية والبنك المركزي ، ليتهم تهريبه الى الاقليم أوالى دول الجوار بدون اي إجراءات حكومية جادة .
وعلى صعيد التعليم فإن تخبط وزارة التربية والقائمين عليها ظهر جلياً مع بداية العام الدراسي الجديد ، وتجدد كارثة عجز الوزارة عن تجهيز المدارس بكتب المناهج الدراسية ، فضلا عن القرطاسية التي أصبحت أصلا في طي النسيان ، بالإضافة الى تسبب الزخم الذي تعاني منه المدارس نتيجة الابنية القديمة المتهالكة والاعداد الكبيرة للطلاب الى الاعتذار عن استقبال الطلبة الجدد لعدم القدرة على استيعابهم في المدارس المكتظة أصلاً بحشود التلاميذ .
وعلى صعيد الوضع الامني فأن الهجمات الخارجية التي تشن على البلاد كالقصف التركي والايراني المستمر بسبب وجود قوى المعارضة في أقليم كردستان ، بالإضافة الى الهجمات المتواصلة التي تستهدف الاجهزة الامنية من قبل مجاميع أرهابية ، وكذلك الوضع الامني غير المستقر في كركوك ، واستمرار انتشار المظاهر المسلحة للجهات السياسية والعشائرية ، واستهداف المواطنين وانتشار المخدرات وغيرها من دلالات مظاهر التدهور الامني .
وكذلك مظاهر الارباك والفشل والفساد الذي تعاني منه الوزارات الاخرى كالتجارة والزراعة والصحة …. الخ والذي يبدوا جلياً ، بالإضافة الى استمرار هيمنة الشركات الاجنبية على قطاعي الاتصالات والنفط هي جزء من العجز والفشل في الحكومة القائمة .
الا ان الملف الوحيد الذي يبدوا ان الحكومة برعت فيه ونجحت نجاحا باهراً هو مهرجانات التعري والتفاهة وانتشار الترويج للشذوذ الجنسي ، بالإضافة الى الترويج غير المسؤول للجندر والمثلية في كل مفاصل مؤسسات الدولة ، وحتى اطفالنا لم يسلموا من الهجمة المثلية ومخطط الترويج لها ، ويكفي لتصور لجناية وزارة التربية والقائمين عليها من خلال جريمة الترويج للشذوذ في المناهج الدراسية وأغلفة الكتب التي لم تسلم حتى (كتب التربية الاسلامية) للمراحل الابتدائية من طباعة شعار الشاذين جنسياً على أغلفتها .
وكان اخر الانجازات الحكومية ووزارة (الثقافة) التافهة هي إقامة مهرجان (الفاشينيستا والمثلية) بمناسبة (عيد الاستقلال) وبرعاية الحكومة ومؤسساتها الامنية والسيادية والخدمية وتحت أنظار احزابها الاسلامية المنافقة العفنة ؟!
وفي نفس يوم المولد النبوي الشريف (17 ربيع الاول) وبدل إحياء هذه المناسبة الشريفة لسيد الخلق ومنقذ الانسانية من الجهل والظلمات وعبادة الاصنام ، واستذكار معالم ومعاني من سيرته العطرة ، بادرت الحكومة الجليلة ووزارة الثقافة المجيدة بالتعاون مع نقابة الفنانين المجاهدة لإقامة محفلها الشيطاني ومهرجانها للتعري والعربدة وتحت لافتة إحياء مناسبة وطنية مهمة في تاريخ العراق وهي مناسبة عيد الاستقلال ؟!
المرجعية الدينية الرشيدة سارعت للتنديد بهذه الفعالية المبتذلة ، وحملت الحكومة المسؤولية الكاملة عن اقامتها ، وعبر المرجع اليعقوبي بكلمة وخطاب صدر عنه خلال اقامة مؤتمر أئمة المساجد في العراق بالنجف الأشرف ، عن شجبه واستنكاره لما وصفه بـ (الانتهاكات الدينية والأخلاقية والوطنية التي حصلت في عيد الاستقلال) ، وجاء في بيان مكتب المرجع اليعقوبي ( واستنكر سماحتُهُ بشدة ما حصل قبل يومين من انتهاكات للقيم الدينية والأخلاقية والوطنية في احتفالات الفسق والفجور التي أقيمت بمناسبة العيد الوطني للاستقلال) .
وعبر سماحة المرجع اليعقوبي عن شجبه لإقامة مثل هذه الفعاليات المسيئة في بلد المقدسات والاسلام ، وبمثل هذه المناسبات الوطنية الهامة والتي يجب ان تعكس فعالياتها التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب العراقي بكافة شرائحه من علماء ومفكرين ورجال ونساء من اجل استقلال العراق من الاحتلال الاجنبي وجاء في البيان المنشور عن مكتبه في النجف ( وتأسف شاجباً كل هذه الممارسات التي تسيء لتاريخ العراق بلد الإسلام والمقدسات وتستهين بتضحيات العلماء والمفكرين والشرفاء الذين أعطوا العراق رونقه الحضاري في ثورة العشرين وما بعد ثورة العشرين، من أجل نيل الاستقلال لبلدنا العزيز) .
ويضيف سماحته مستنكراً اقامة مثل هذه الفعاليات المسيئة والتي تقام على شرف رموز التفاهة والسفاهة والانحطاط وفي مثل هذه المناسبات الوطنية التي يجب ان تجسد تاريخ العراق وشعبه المجاهد والمكافح لنيل حريته واستقلاله من كل القوى المحتلة وبكل صورها وانماطها فيغيب رموز الاستقلال الحقيقيين ويحتفى بالمنحرفين والتافهين ( فيٌحتَفى بهذه الطريقة التي يستدعى فيها مجموعة من التافهين والتافهات للاستعراض في بغداد.. فهل هؤلاء الفسقة هم الذين حرروا العراق أو ساهموا في استقلاله؟! ) .
اما موقف المرجعية من الجهات الراعية لمثل هذه المهازل والمهرجانات المسيئة والمزرية والمشينة ، فإن المرجع اليعقوبي يحمل الحكومة محاسبة القائمين على هذا المهرجان التافه الفاسد لإثبات براءتها من مسؤوليته ورعايته ويستغرب من سكوتها على فضيحته ( وتسائل سماحتُهُ كيف تمر هذه الفعالية المشينة وتغض الحكومة الطرف عنها ولا تحاسب القائمين عليها؟! ) .
ان اقامة مثل هذه المهرجانات الباهظة مادياً والخاوية ثقافياً بفعالياتها الماجنة بين الفترة والاخرى ومن قبل الحكومات المتعاقبة هو دلالة اما على تخاذلها وفشلها او مسؤوليتها عن اقامتها لأهداف وغايات متعددة تصب في خانة مصالحها السياسية فتارة لأشغال الرأي العام بمثل هذه القضايا الساخنة عن القضايا الأساسية كملفات الخدمات الاساسية والحاجات المعيشية والمواضيع السياسية الهامة ، وتارة أخرى لكسب رضا الجهات التي ترعى الترويج لثقافة الانحلال والتفاهة والانحطاط وتعمل على نشرها في المجتمع العراقي لتذويب هويته الوطنية والدينية والاخلاقية .
الحكومة الحالية عليها ان تقف موقفاً واضحاً من استمرار الفعاليات التي تروج للانحطاط والمثلية والتفاهة في المجتمع العراقي ، وان تبرهن على براءتها وعدم مسؤوليتها عن هذه الفعاليات والتصرفات ، وذلك من خلال محاسبة الجهات التي تتبنى للترويج ونشر هذه الظواهر السلبية والدعوات الفاسدة لمسخ هوية الشعب العراقي وتشويه ثقافته الدينية والاخلاقية .
وقديماً قيل :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
احمد البديري
[email protected]