ما لغاية من هذا المقال:
الغاية من هذا المقال هي تبيان واقع ملموس هم بعض من كل مهنة، إعلاميون، يتنقلون بين هذا وذاك بدافع مادي ولا يوالون قضية أو قيمة، كذلك الحال من أناس في أية مهنة أخرى تسلك ذات السلوك في قلب الحقائق أو النزاهة في إدارة الأعمال والعقود حسابات، حقوق وقوانين مغامرين وهؤلاء ممن وضعوا المال هدفا، فهم لا تهزهم شتيمة ولا يؤخرهم انتقاد وإنما ماضون في ممارسة ما تعلموه من مهنة تعبر عن نهضة مجتمع، وتخلفه أيضا، فالناس المعروضة لمن يدفع هذه لديها مهارات وليس قيم ومبادئ وهذه المهارات كأي مهنة أخرى تجند لمن يستأجرها في الغالب فمن يستأجرها لمرحلة محددة وليس لتبنيها لأنها لا تصلح للتبني ولا أن تعطى أسرارا ومعلومات، قد تستخدم ضد المستأجر عند إيجار هذه المهارة من طرف آخـــــر، هذا النفاق مهني ومدني وليس قيمي حضاري فكري، وإنما هو لاستغلال ظرف لتحصيل المال، قد يراه البعض انه بيع للكرامة والقيم وغيرها من المثل، لكن من دخل هذا المضمار جمد كل شيء عنده لكي يستطيع الاستمرار بالإبداع في مهاراته، فأي مراجعة للنفس هي تردد سيجعله غير كفئ وتخفت سوق بضاعته، فلابد أن نعلم كيف نقيم أشخاص القيم البنائيين الذين لا يجاملون وإنما مستشارون ناصحون مؤتمنون تسمعهم أو تصبر عليهم فيما يخالفوك به، وبين من يعرض مهاراته للمجاملة وقلب الحقائق ولا يفيد مهما جملنا موقفهم في إبعادهم عن صفة النفاق، ونفاق من هذا النوع إذن يستأجر ولا يشتريه إلا الأحمق.
السؤال الأهم: هل نحتاج إلى تعديل القيم أم تغيير المصطلحات
الحقيقة عندما نقول القيم فإننا نتحدث عن ثوابت أخلاقية يقاس عليها السلوك، لكل الناس رؤساء ومرؤوسين، أحزابا وأفرادا صحافة كمؤسسة وصحفيين كأفراد وهكذا بقية الناس في تأثيرهم على بيئتهم أو مجتمعهم بالسلوك مقارنة مع القيم المعتمدة.
هذه القيم ثابتة بالنسبة لمجتمع معرفة لثقافته، غير أنها ليست كذلك لمجتمعات أخرى، فالفضيلة مثلا لها تعريفات شتى، وما يعتبر فضيلة في مجتمع شرقي متدين قد يعتبر من العيوب عند مجتمع آخر وهو ما نراه واضحا في الاعتراضات الغربية وتقييمها لأفغانستان وسفور المرأة بينما طبيعة المرأة حتى بلا طالبان أنها تتحجب والشاذ عنها هو ما يفرض عليها من خارجها، المرأة الغربية نفسها لحين حصلت الثورة الصناعية مثلا هي محجبة، لكن برد الفعل على الحكم الثيوقراطي تحول إلى حالة مبالغ بها كأي رد فعل ومن الطبيعي أن تظهر أمراض اجتماعية وتختفي أخرى إلى أن جاء فرويد وهو متأثر بواقعه ومع ما متاح من تواصل خرج بنظرية اعتمدها الغرب إلى يومنا هذا بالسفور وهي منطلقات قد لا تتفق مع قيم مجتمعات أخرى لكن موضوعها نناقشه في مقال آخر فهو موضوع ليس بالبسيط.
طبعا لن تتغير القيم بالسلوك ولكن سيبقى الناس يحكمون على السلوك من خلال القيم التي تشكل ثقافة المجتمع، وفي مجتمع كمجتمعنا جمع أفكارا شتى مستوردة بإسقاطاتها التاريخية أو محلية بتاريخها أيضا نجد العجب من الازدواج والأحكام على السلوكيات من أناس لا يطبقون أحكامهم لو تعرضوا لظرف من ينتقدوه، وهذا الازدواج يأتي من غياب الهوية الجامعة التي تستطيع أن تحتوي كل هذه المتغيرات وتحمي القيم من خلال مساعدة الناس والعاملين على الالتزام بها وهذا يأتي بحمايتهم من الوقوع بالحاجة التي تضطرهم إلى التخلي وعندها سيتميز حتما الفاسد وذو الأطماع، وتستطيع أن تحكم على توجه الفرد من خلال مخرجات عمله كمجتمع أو كدولة.
الخلاصة : هنالك من يبدأ بحلم وينوي أن يخدم مجتمعه، ولكن الحلم هذا قد يتعرض لضغوط الحياة من خلال حياته هو أو مستقبل مؤسسته، فيلتجئ إلى ما لم يك يريد أو يعتبره هو انحرافا فيبرر لنفسه سلوكه من اجل العيش، وهذا موجود فعلا، وهنالك من يكتسب مهارات وليس لديه غيرها كوسيلة عيش فيتعامل معها كبضاعة مفتوحة أو مسجاة وكأي بضاعة يعطيها لمن يدفع اكثر، وهذا ما يضع محاذير في عمق العلاقة معه ومدى استفادته من أسرارك، وهنالك من يطرح مهاراته للخدمة ولكن بثمن من اجل معاشه لكنه يفعل هذا عن سلوك قيمي والتزام فهذا امر وارد في حركة المستشارين في الفكر ومراكز الدراسات والتأهيل والبحث وهي مؤسسات رصينة في دول العالم كافة وضرورية لإحداث التنمية الصحيحة والتقدم كذلك الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع….. لكن يبقى المهني مهني ويبقى النفاق مهنة معروضة للإيجار لا الشراء.