استوقفتني كلمات الاستاذ أحمد بن عبدالمحسن العساف وانا اقرأ كتابه ( مهارات القيادة وصفات القائد ) ، وتحديداً المواصفات الثلاثة من الفقرة الثانية عشرة المعنونة ( صفات القائد ومهاراته ) حيث وأنا اقرأ هذه المواصفات التي تتحدث عن القيادة والقائد وبماذا يمتاز القائد وما هي الصفات والاخلاقية المفروض توفرها في القائد .. الخ ، الحقيقة استوقفتني هذه الفقرة اكثر من غيرها من الفقرات الاخرى التي هي بالمجمل واجب ولازم ومفروض توفرها في القائد والقيادة بشكل عام لما لها من اهمية تربوية على المستوى الاجتماعي فضلاً عن المستويات السياسية والروحية ، لأن هذه الأهمية من وجهة نظرنا تأتي من وضوح خارطة الفهم والمعرفة الفطرية والمُكتسبة المنظمة في ذهنية القائد او من يمتلك هذه المواصفات والمؤهلات . اذ ان ابداعات القائد الحقيقي تبدأ في تعاطيه الملموس وتأثّره البالغ النابع من صميم معانات الأمة الذي يعتبر هو فرد من افرادها ، او تتولد من انصهاره في تلك المعانات ، فيترجم بالتالي هذا الذوَبان الى عمل وفق ما يمتلك من فكرية ومعرفة ومعلومات مسبقة على رفع الظيم والحيف والشقاء الذي لحق بأمته ، الأمر الذي يعتبر من أولى أولويات العمل القيادي طالما هي تهتم بشؤون الأمة . وترجمة هذه الاولويات الى وقائع تخدم المجتمع وتسهم
بأشكال واقعية وصور حقيقية ملحوظة في منهاج واخلاقيات القائد ومبادئه القيادية ، وأبراز الطاقات التي تحلّى بها القائد وأمتاز بها لرفد الأمة ودفع الضرر عن المجتمع . ففي وقتنا الذي كشف عن معانات جسيمة وتحولات عاصفة متصاعدة عالمية ومحلية واقليمية صبّت في كليّتَها على كاهل شعبنا المحروم المظلوم ، بالاستعباد بالقهر بالقمع بالقتل بالتهجير بسفك الدماء بالطائفية بتأجيج النعرات بزرع الفرقة .. وجَبَ على الاحرار النهوض والصحوة .. كما يجب على القادة النهوض والتصدي .
وعلى النقيض من ذلك : الكثير من الافراد ممن لا يمتلكون المواصفات والمؤهلات القيادية ! فقط الواجهة والعنوان الاجتماعي والأرث القبَلي تصدوا وتقمصوا مناصب وأدوار قيادية ستراتيجية في هرم النفوذ والسلطة ، لم تكن في يوم من الايام مصالح المجتمع ومعانات الأمة وشقائها لتشكّل او تؤثر او تغير في منهاجيّتهم وتوجههم واخلاقيتهم ، لا من جهة الواجب والمفروض ولا من جهة الاخلاق ، الحدث الذي لم يجلب سوى زيادة في المعانات والبؤس والشقاء الى حدود غير منتهية ، لأنها فارغة من الفهم والمعرفة والمعلومات في الحقول الاجتماعية والسياسية والدينية ، ولا تفهم او تعرف او حتى تلتزم بأي مبدئية في العمل السياسي والقيادي ، وليس لها أي مسؤولية اخلاقية بهذا الأتجاه ، الأمر الذي يؤدّي بالتالي كنتيجة حتميّة واقعة لامحال الى التأرجح والتذبذب في المواقف والتناقض في القرار . والحقيقة ان هؤلاء بدلاً ان يكونوا من المعانين مع افراد الأمة ولو بشكل نسبي او على نحو العاطفة بأقل تقدير.. كان خطرهم اكبر واعظم على البلاد على المستوى السياسي والاجتماعي والروحي بهذا التقمّص وهذا التصدّي ، وسيعطّلون بطبيعة الحال مسيرة تحرر الامة من قيود الظلم والاستعباد ، وسيكونون من اكثر واقوى الاسباب في زعزعة الأمن وأخلال التوازن الداخلي للبلاد ، لأن ما يحكمهم هو الأنانيّة والنفعيّة والمصلحة بأي مكان كانت وعلى أي حساب تكون وفي أي جهة هي ، حتى لو كانت على حساب الأمة والوطن والعقيدة ، أنهم اشبه بطاعون اصاب المجتمع وسرى بين مفاصله وعروقه ليعطل بالتالي مسيرته ونهضته الفكرية والروحية ، ويعطّل ثورته السياسية والاجتماعية ، ويؤخر عجلة الاصلاح والمصلحين . انهم حادثة فعلية وقعت لتبطيء سير المجتمع كجرثومة خبيثة قد أصابت أوصاله ، حادثة همجية مقصودة خالية من المباديء ، والقيم والاخلاق والدين ، وخالية من الضمير ، مياله الى الهدم والخراب ، مياله الى السلطة والنفوذ وسفك الدماء ، إنهم حركة منحرفة مزروعة لخرق المجتمع وتمزيقه وتفريقه .
استوقفتني كلمات الكتاب وهي تتحدث عن مواصفات القائد التي كلما قرأت فقرة من فقراتها ذهب تفكيري الى السيد (القائد) كما يسمونه اتباعه يبحث عن صفات القيادة لعلها موجودة في هذا القائد لكنه
عبثاً يبحث ! إذ ان من اهم خصائص القيادة الواجب توفرها في القائد بنحو الذات (الفطرة) هي خصائص ( التفكير والتخطيط والابداع والقدرة على التصور ) كما يقول الكتاب وهذه الخصائص يفتقر لها السيد القائد ؟ مقتدى الصدر كلياً (ففاقد الشيء لا يعطيه) إلا اللهم نعم .. قد نجح مقتدى الصدر في محاور اخرى ؟ وحسب اطّلاعنا ومعايشتنا لحركته التي يدعونها ( بالتيار ) تخفيفاً لكلمة ( ميلشيا ) نجح كقائد عصابات تخريبية هدامة دموية سفاكة للدماء لم تجلب على العراق وشعب العراق سوى الويل والثبور والدمار والخراب أتخذت من العقيدة (جيش المهدي) مدخلاً الى نفوس المجتمع فأغتر بها من أغتر وتاه معها من تاه حتى غاصوا في بحر الرذيلة وغرقوا بدماء الشعب البريئة .
من تعريفات الميلشيا التي وضعها الوضاعون لاحقاً لرفع حالة الشبهة عن الانحراف المتصور لهذه الكلمة للسيطرة في : ايقاف الاتجاه القانون الدولي بشكل من الاشكال الذي هو بدوره يصف كل حركة مسلحة داخل نظام الدولة بالميلشيا ويعتبرها خارجة عن القانون .. من اجل هذا اسبغوها وفق دوافع ونوايا ومصالح سياسية بحتة وادخلوها في أطار ( الدفاع والمقاومة ) رغم ان لهذا المشروع ابعاد ومسوّغات اخرى ، لتنال بالتالي شكلاً من اشكال الشرعية لتغطية اعمالها المشبوهة ،وحتى مع هذا التعريف الأخير لم نجد لميلشيا مقتدى أي مسوغ شرعي لا مسوّغ عقيدي ولا وطني ! بل على العكس من هذا كله قد ثبت لعموم المجتمع العراقي أنها حركة عصاباتية مزروعة قد نظّمتها وهيّئتها جهات خارجية عالمية وأقليمية من اجل أستيعاب القاعدة الجماهيرية التي خلّفها السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) أبّان تصديه للدور
المرجعي في قيادة الأمة . وخوفاً من أنفلات هذه القاعدة ان تؤول بطبيعة الحال الى الغير ، فتبحث عن القائد والمرجع الديني الحقيقي لتأتم به في قيادتها ، وبهذا ستذهب مخططات ومؤامرات تلك الجهات ادراج الرياح ، فوكِّل أمرها بالتالي الى مقتدى رغم عدم صلاحه لقيادة مجموعة من الخرفان . لفراغه وافتقاره لأبسط شروط ومقومات القيادة الصحيحة . خاصة بعد ان كشف المستور وأفتضح للمجتمع العراقي والاسلامي على السواء في ان مقتدى تابع لجهات اقليمية خارجية اكثر منه متبوع في العراق . بعد هذا لم نرى أي تطبيق لأي مصداق قيادي حقيقي من مصاديق القيادة او فقرة من فقرات الكتاب ممكن ان تنطبق على مقتدى قائد الميليشيا . وأننا لنعجب كثيرا عندما يصِف بعض الكتّاب إعتزاله بأنه قد شكّلَ خسارة للعملية السياسية في العراق ، بالرغم من معرفة الجميع وعلمهم أن مقتدى كان السبب الرئيسي بكل أزمة مرّت على العراق ، متناسين كل الجرائم والمفاسد والموبقات التي أقترفت بحق العراق وشعب العراق والتي ترشّحت عن قيادة هذا القائد ! .