18 ديسمبر، 2024 7:06 م

مهاتير محمد والانتخابات العراقية

مهاتير محمد والانتخابات العراقية

مهاتير محمد البالغ من العمر 93 عاما يعود لمنصب رئيس وزراء ماليزيا ، الذي فارقه عام 2003 ، بعد فترة حكم اقتربت من الربع قرن ، استطاع خلالها ان ينقل ماليزيا من دولة بدائية لا مصادر لها سوى الغابات، الى دولة نموذجية في التطور والعمران .
قبل ثلاث سنوات شاهدنا مهاتير محمد وهو يقود تظاهرات الشباب ضد الفساد ، ولم يكن الرجل التسعيني انذاك مجرد ضيف شرف على التظاهرة، بل سيطر بحضوره الآسر ليعيد للتاريخ ذاكرته، ففي مثل هذه الايام وقبل اثني عشر عاما قدم رئيس وزراء ماليزيا القوي استقالته من منصبه بعد مسيرة حافلة في الحكم ، حاول خلالها ان يجعل من ماليزيا قوة اقتصادية كبرى، مطلقا عبارته الشهيرة: “وقتي انتهى” وحين يسأله مراسل رويترز، لماذا يخرج الى التظاهرات وهو في هذا العمر؟ يجيب: “ينبغي للديمقراطية ان تمنع قائدا فاشلا من البقاء في السلطة” .
محاربة الفشل هو الشعار الذي رفعه مهاتير محمد رغم كبر سنه ، بينما نعيش نحن في ظل فشل متوارث، لا نريد ان نعرف اسبابه ولا نؤشر على اصحابه. بماذا يذكركم مهاتير محمد؟ حتما بجاره السنغافوري لي كوان و، كلاهما بنى من المستنقعات بلدا حديثا، وكلاهما احتذى بتجربة اليابان، لا تجربة الصومال، في مذكراته “طبيب في رئاسة الوزراء يكتب”: “دائما كنت ادعو إلى اعتناق قيم العمل التي تقوم اساسا على الإخلاص التام للعمل، والحرص على اختيار قيادة واعية” .
وحين قيل له ان ماليزيا دولة مسلمة وشعبنا متدين ، كيف تريد لها ان تقلد الغرب ، يجيب وهويبتسم :” إذا كُنا جميعاً رجال دين؛ فمن سيقوم بتصنيع الطائرات، والصواريخ، والسيارات، وأدوات التكنولوجيا الحديثة؟ فيجب أن يَكُون هُناك علماء في التجارة، وفي العلوم التقنية الحديثة، وفي كل مجالات المعرفة ” .
سيقول قارئ ” بدأت يارجل تَهْرِفْ ” فنحن على ابواب انتخابات وبدلا من ان ترشح لنا شخصا يعيد بناء العراق ، تتحدث عن رجل بلغ من العمر عتيا . ولكنني ياسادة احاول ان الأحق الخبر واسلط الضوء على الصحيح، واحذر من الخطأ، صحيح ان البعض لايريد منك ان تعرف هل سيلتقي المالكي والعبادي في قائمة واحدة ، او لماذا رشحت قائمة سائرون علي دواي لمنصب رئيس الوزراء ، او تسأل متى سيقدم الذين نهبوا ثرواتنا واعمارنا الى العدالة .
اعود الى مهاتير محمد الذي كتب ذات يوم :” “قد لا تنتج الانتخابات وصول أفضل المرشحين إلى السلطة، من الممكن للرشوة والخداع باسم الدين والمحسوبية أن تأتي بالنصر لأقل المرشحين أهليةً لقيادة الدولة… فنرى كيف يطلق حزب حملته خلال صلاة الجمعة الجامعة ويهدد بمكبرات الصوت بكراهية الذين يعارضونه.. من أجل أن تدلي الناس بأصواتها لمن ليس لديه القدرة على القيادة ولكن لمن هم محتالون بدرجة تكفي لخداع الناس.”
قامت تجربة ماليزيا ومثلها تجربة سنغافورة واليابان على عدة امور ابرزها الرؤية الواضحة للمستقبل ، وأهمها الاتفاق على الهدف الوطني بين أهل النسيج الواحد. واعظمها وابقاها تحسين حال المواطن ورفع شأنه وإبعاد شبح الفقرعنه. بنيت ماليزيا من خلال وسيلة واحدة هي الانتاج والعمل والاستقرار. بعيدا عن تقلبات مشعان الجبوري وصرخات حنان الفتلاوي ، و ” سبيس ” عالية نصيف .