بعد ستة عشر عاما من التغيير الذي حصل في العراق ، والذي أرتكبت فيه أخطاءا فادحة وجسيمة ، من خلال القرارات الأرتجالية وغير المدروسة التي أصدرها سيىء الصيت بول بريمر ، الحاكم العسكري الأمريكي للعراق ، والتي كانت أعظمها جسامة حل الجيش العراقي البطل ، جيش البطولة والفداء ، الذي كانت له صولات وجولات منذ تأسيسه في 1921 حتى تأريخ حله في عام 2003.
ولست هنا بصدد تعداد مفاخر هذا الجيش و بطولاته فأنها جلية للقاصي والداني ، جيش مهني لم يكن ولائه ألا للعراق العظيم وحده ، همه الأول والأخير الدفاع عن حدود العراق برا وجوا وبحرا ، وقد قدم الآف الشهداء طوال مسيرته التي تقترب من المائة عام ، في فلسطين 1948 و 1967 و حمى دمشق من السقوط عام 1973 ، ودافع بكل شرف وبسالة وبطولة عن أرض العراق خلال حرب السنوات الثمانية مع أيران من 1980 – 1988 ، بنفس الشرف والبطولة والبسالة التي قاتل بها الجندي الأيراني للدفاع عن أرض أيران.
ولقد أنتبهت الحكومة العراقية لخطا بول بريمر ، وتيقنت أن منتسبي الجيش العراقي المنحل ، لم يكونوا يوما ألا حماة لأرض العراق وعرضه ، فأصدرت الأوامر الديوانية بأحالتهم على التقاعد عام 2006 ، وصرفت لهم الرواتب التقاعدية وفق قانون الخدمة والتقاعد العسكري ، وتناست باقي حقوقهم التقاعدية المنصوص عليها في القانون أعلاه ، وهي مكافئة نهاية الخدمة ما يعادل رواتب سنة واحدة ، والأجازات المتراكمة التي تعادل الراتب الأسمي لستة أشهر.
وبالرغم من الضروف الصعبة لشريحة المتقاعدين ، وقلة رواتبهم التقاعدية ، ومعاناة الأغلبية منهم من عدد من الأمراض المزمنة نتيجة تقدمهم بالعمر ، ألا أن صبرهم كان كبيرا وطويلا حتى أستبشروا خيرا بأدراج فقرة مكافئة نهاية الخدمة ضمن موازنة عام 2019 ، مع تحديد بأن لا يزيد مبلغ الدفعة الواحدة على عشرة ملايين دينار ،
ألا أن اللافت للنظر أن السيد مدير هيأة التقاعد الوطنية الأستاذ أحمد عبد الجليل ، صرح وفي أكثر من قناة فضائية ، بأن الدفع سيكون بمعدل مليونين ونصف المليون دينار ولكافة المشمولين بالمكافأة ، هذا يعني أن المبلغ المخصص من وزارة المالية معلوم وأن عدد المشمولين محدد ومعروف أيضا ، وبالرغم من كل ذلك فأن الهيأة في كل مرة تحدد موعدا للصرف ثم تتراجع عنه لتحدد موعدا آخر بدلا عنه بذريعة عدم أنجاز تدقيق الأسماء المشمولة ،
أذن كيف تم تقسيم المبلغ المخصص على عدد المشمولين أن لم تكن قوائم المشمولين منجزة؟
وهذا تلاعب بأعصاب المتقاعدين الذين ينتظرون الحصول على حقوقهم على أحر من الجمر ، فمنهم من ينتظر أستلام المكافاة للسفر العلاجي ، وآخر لزواج أبنه وثالث لترميم بيته و رابع لسداد ديونه ، والى أخر مشاكل وهموم المتقاعدين.
شريحة المتقاعدين ، شريحة لا يستهان بها ، رجال خدموا العراق وقدموا خلاصة خبراتهم وأمكانياتهم وجهودهم لهذا البلد الغالي والعزيز على قلوبنا ، وبذا فأنهم يستحقون الأنحناء لهم تقديرا وأحتراما وعرفانا بالجميل ، ولا فضل لأي جهة كانت بصرف أستحقاقاتهم المنصوص عليها قانونا ، لأنها جزءا من خيرات العراق التي أنعم الله علينا بها أجمعين .
ومع أن الكثير من السادة النواب لابد وأن يكون أحد أقاربه أو معارفه أو أصدقائه من المتقاعدين العسكريين ، ألا أن أحدا منهم لم ينبس ببنت شفه و يطرح معاناتهم تحت قبة البرلمان ، حتى تصدى لها النائب رعد الدهلكي في مداخلته في جلسة بوم 14 آذار 2019 ، حين طلب من رئيس المجلس الموافقة على أستضافة السيد مدير هيأة التقاعد للوقوف على ملابسات عدم صرف المكافآة لمستحقيها وقد مرت شهور ثلاث على أقرار موازنة البلد.
فتحية تقدير وعرفان للسيد النائب رعد الدهلكي ناصر المتقاعدين ، فموقفك هذا سيكون نصب أعين المتقاعدين وسيردون اليك الجميل أضعافا مضاعفة،
ورود الكلام :
نشر أحد الأصدقاء في مواقع التواصل الأجتماعي أن جاره متقاعد عسكري ، ترتبت في ذمته ديونا لا يقوى على سدادها لقلة راتبه التقاعدي ، سمع الرجل من أقرانه أن المكافئة ستصرف يوم الخميس الماضي ، فوعدهم بسداد ديونه عصر الخميس آملا أن يستلم مكافأته صباح ذلك اليوم ، ولما أنقضى الخميس ولم يستلم المكافئة ، تدهورت صحته وأرتفعت نسبة السكر في جسمه ونقل الى المستشفى ، وبعد ساعات لفظ أنفاسه الأخيره متوجها الى الباري عز وجل ، الحق العدل ، الذي لا يظلم عنده أحدا، وسيكافأ بجنات الخلد ، ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم.
فيامن تم تكليفكم بخدمة عامة أرحموا المتقاعدين عسى أن يرحمكم رب السماء.