منذ سنوات وهيئة الاعلام والاتصالات التي تأسست عام 2004 وفقاً للقرار رقم 65 الصادر عن الحاكم المدني الأمريكي السابق بول بريمر لتتولى تنظيم تراخيص البث التلفزيوني والاذاعي في العراق تبتكر انظمة وسياقات وقرارات تطبقها على وسائل الاعلام دون سابق انذار ودون مراعاة لتطور وسائل الاعلام وتقنياته في العالم ، ومن ذلك مثلا فرض رقابة على وسائل الاعلام المرئي والمسموع ، بينما لا توجد مثل تلك الرقابة على الصحافة المطبوعة ولا على المواقع الالكترونية !!
واغرب ما ابتكرته الهيئة هو ما اسمته بـ “الطيف الترددي ” وهو شيئ لا تملكه الهيئة ولا تحتاج اليه الفضائيات واصرت على فرض ثمنه على الفضائيات بمبالغ طائلة تراوحت بين ما يعادل 180 الف الى مليون دولار ،
وقبل الخوض في الاشكالات التي خلقها هذا البيع المجحف والمرهق ماليا لوسائل الاعلام الفضائي ، لنتعرف بايجاز عن ما هية الطيف الترددي ومن يملكه حقا :
هو حزمة من الترددات الكهرومغناطيسية للاتصالات الراديوية تستخدم في المجالات الحكومية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، والمدنية والملاحة البحرية، والاتصالات المختلفة، والخدمات الإذاعية ونظراً لأن الترددات اللاسلكية لا تحدها الحدود الجغرافية للدول، لذا فإن أنشطة الطيف الترددي تتسم بالعالمية وتتم ادارتها وفقاً لأنظمة الراديو الدولية الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات. الذي ينسيق استخدامات الطيف الترددي على المستويين المحلي والدولي ويحدد لكل دولة حصتها من تلك الترددات – ويتم تةويع موجات الطيف الترددي على مستخدميه محليا وفقاً للقوانين والمعايير التي حددها الاتحاد الدولي من خلال مجموعة إجراءات فنية وإدارية لضمان الأداء المنظم والفعال للخدمات اللاسلكية المختلفة في دولة ما ، دون حدوث تداخلات ضارة. داخل الدولة الواحدة وبين الدول وخاصة المجاورة !!،
ونفهم من هذا التعريف المبسط للطيف الترددي ان كل دولة تملك حصتها من الموجات الالكترومغناطيسية لمختلف الخدمات والاتصالات اللاسلكية ومنها الإذاعة والتلفزيون الارضية التي تبث على موجات تحددها لها السلطات المحلية
وهذا لا ينطبق على الفضائيات فهي لا تستخدم طيفا تحصل عليه من سلطة محليا ، حيث ان القناة التلفزيونية الفضائية تبث برامجها عبر ترددات تستأجرها من اقمار قد تكون في اي مكان في العالم ، وليس للسلطات المحلية اية سلطة عليها ، بل وان القناة تستطيع ان تنقل بثها الى اية دولة اخرى وتبث على نفس التردد لانه غير مرتبط بدولة معينة فهو من قمر يدور حول الارض ويصل الى بيوت الناس في جميع الدول التي يغطيها بث ذلك القمر .
ومع ذلك اصرت هيئة الاعلام والاتصالات على ان تدفع لها الفضائيات ثمن طيف ترددي لا تملكه الهيئة ، بل وليس له وجود اصلا ، وصارت الهيئة تزيد من ثمن ذلك الطيف المزعوم ورفضت كل الاعتراضات التي قدمتها ادارات الفضائيات وهددت باغلاق القنوات التي لا تدفع فكونت الفضائيات هيئة لرفض الامر والدعوة الى ” الاضراب ” عن تسديد هذه الضريبة غير القانونية ، الى ان خرجت لجنة الثقافة والاعلام النيابية، قبل ايام ببيان رسمي خلال مؤتمر صحافي عقدته بمبنى البرلمان تؤكد فيه انه لا يحق لهيئة الاعلام الاتصالات من الناحية التقنية والفنية ان تفرض مبالغ مالية مقابل ما يسمى بالطيف الترددي على وسائل الاعلام الامر الذي وضع عددا كبيراً من وسائل الاعلام في حرج وعرضة للاغلاق.
وجاء في بيان لجنة الثقافة والاعلام ” … نتابع بقلق بالغ حالة الارباك التي اصابت عدد كبير من المؤسسات الاعلامية، بسبب المحددات المالية التي تفرضها هيئة الاعلام والاتصالات على وسائل الاعلام تحت مسمى أجور الطيف الترددي، ومطالبتها بأجور ضخمة بصيغة تراكمية وبمفهوم الأثر الرجعي مع ان الهيئة لم تقدم السند القانوني بشأن فرض هذه المبالغ كرسوم