19 ديسمبر، 2024 12:26 ص

 من يقف وراء تخفيض ضريبة إستيراد السيارات في موازنة 2016 ؟؟

 من يقف وراء تخفيض ضريبة إستيراد السيارات في موازنة 2016 ؟؟

لا يخفى على أحد بان موازنة 2016 هي من الموازنات ( القاسية ) على حياة العراقيين نظرا لتناقص إيراداتها بسبب إنخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية والحاجة لتحرير وإعمار المناطق المحتلة من قبل الإرهابيين وفوضى الفساد وربما يصل الأمر إلى صعوبات كبيرة في تدبير رواتب الموظفين والمتقاعدين إن لم تتحسن أسعار النفط ، وهذه القسوة واضحة في بعض المواد التي تضمنها مشروع قانون الموازنة الاتحادية الذي أقره مجلس النواب في جلسته 45 المنعقدة بتاريخ 16 / 12 / 2015 ، ولكن هناك مواد متساهلة بالقانون نفسه دون مبررات واضحة من شأنها ان تنعكس على معيشة الشعب وبشكل يثير التساؤلات ومنها ما يتعلق باستيراد السيارات ، فالجميع يعلم إن شوارعنا باتت لا تستوعب الأعداد الكبيرة من السيارات والتي وصلت إلى حد التخمة بحيث اضطرت الجهات المعنية لاستخدام نظام الفردي والزوجي في بغداد ، وتخمة السيارات وصلت إلى حدود البذخ حيث إن هناك عوائل لديها أكثر من سيارة وهي تعاني من الصعوبة في توفير أماكن لإيواء السيارات ، وبضوء الأزمة المالية الحالية فقد توقع الكثير بان يتم منع استيراد السيارات لسنتين أو ثلاثة على الأقل لورود سيارات كثيرة من موديل 2016 وقيام وزارة الصناعة بتشغيل مصانعها لإنتاج السيارات ، ومن دلائل عدم الحاجة لاستيراد السيارات هو ارتفاع العرض وانخفاض الطلب عليها لدرجة إن الأسعار انخفضت لأكثر من 10% في الأسواق المحلية ، كما إن هناك شبه عزوف عن شراء السيارات الجديدة رغم العروض العديدة المقدمة بخصوص تجهيز الأرقام أو تقسيط الثمن على دفعات وغيرها من الإغراءات .

ومن خلال مراجعة بعض النصوص التي وردت بالموازنة ، فان هناك شكوك في وجود أياد خفية تقوم بتسهيل استيراد السيارات رغم عدم وجود الحاجة الفعلية لإستيرادها والضرورة الفعلية لتقنين الاستيراد للمحافظة على العملات الصعبة لأن واردات الموازنة من الدولار أخذت بالانخفاض الكبير ، فقد تضمن نص الفقرة ( ب ) من المادة 24 من مشروع قانون الموازنة الحالي الذي صادق عليه أخيرا البرلمان فرض ضريبة المبيعات على استيراد السيارات بأنواعها بنسبة 5% تستوفى عند التسجيل في دوائر المرور ، ويعني هذا النص بان الضريبة سوف لا تسدد إلى الهيئة العامة للضرائب من المستورد وإنما يسددها المشتري إلى دوائر المرور وبذلك خففت ألأعباء وإلاجراءات عن المستوردين ، وكأن قانون الموازنة قد أضاف ميزة لهم لتشجيعهم على مزيد من الاستيراد وبشكل يسهل خروج الدولار لان المستوردين بإمكانهم الحصول على الدولار من مزاد البنك المركزي أو من شركات الصيرفة وبأسعار تفضيلية عن السائدة في الأسواق المحلية ، وعند الرجوع إلى أصل مشروع قانون الموازنة الذي أحاله مجلس الوزراء إلى مجلس النواب ، نجد في نص الفقرة ( أ ) من المادة 25 بان نسبة الضريبة المقترحة على استيراد السيارات هي 15% دون وجود أية إشارة إلى تسديدها لدوائر المرور ، كما إن نص المادة 33 من قانون الموازنة النافذ ( لعام 2015 ) قد تضمن فرض ضريبة بنسبة 15% على السيارات المستوردة بأنواعها كافة .

ومن الغريب فعلا أن يتنازل قانون الموازنة للعام القادم عن 10% من ضريبة استيراد السيارات في وقت ترفع فيه شعارات شد الأحزمة على البطون ، لان الضريبة تم تخفيضها من 15% في عام 2015 إلى 5% عام 2016 مع منح التسهيلات التي اشرنا إليها والمتعلقة بالتسديد إلى دوائر المرور وليس الهيئة العامة للضرائب ، علما بان مشروع قانون الموازنة لم يشير إلى منع استيراد ( زبالة ) العالم من خلال السماح باستيراد السيارات المتضررة ومنها ( الوارد أمريكي ) على سبيل المثال ، وهي وسيلة لتدوير النفايات العالمية للعراق وخروج العملات الصعبة رغم إن عروض السيارات الجديدة مرتفعة جدا في الأسواق العالمية وانخفضت أسعارها بعد انخفاض أسعار النفط ، ونعتقد جازمين بان بلدنا لا يحتاج إلى استيراد السيارات قط لأن عدد السيارات الحالي أكثر من الحاجة الفعلية وبإمكان الدولة أن تبيع الفائض من السيارات الحكومية لسد الحاجة التي قد تظهر خلال عام 2016 ولثلاثة أعوام قادمة على الأقل ، وموضوع تغيير النص المتعلق بتغيير نسبة الضريبة يتطلب المراجعة والتحليل في مسوغات تخفيضه ، إذ ليست هناك أية حاجة لتخفيض الضريبة على أسعار السيارات بل كان من الواجب منع استيرادها أو رفع الضريبة إلى أضعاف ما هي عليه للمحافظة على الثروات المحلية وعدم هدرها بالسيارات ، ونتمنى أن يحصل الجمهور على إيضاحات من اللجنة المالية في مجلس النواب أو غيرها من الجهات المعنية حول جدوى وأسباب تخفيض ضريبة استيراد السيارات لان الموضوع يتيح المجال لإطلاق العديد من التفسيرات !! .