23 ديسمبر، 2024 3:08 م

من يقف وراء انخفاض أسعار النفط  ؟!!

من يقف وراء انخفاض أسعار النفط  ؟!!

الهبوط الكبير والغير مسبوق أسعار النفط العالمي والذي وصل الى 55 دولار للبرميل اثر تأثيرا مخيفاً على الدول التي تعتمد اعتماداً كلياً على واردات النفط ، وبالتالي اثر بصورة سلبية على موازنة البلاد العامة .
العراق من الدول التي تأثرت كثيراً ، وبالتالي تاخر المصادقة على موازنة البلاد ، رغم ان هذا الانخفاض المفتعل كان ومازال خاضعاً لصراع القوى الكبيرة ، ومحاولة تركيع روسيا وإيران من جانب ، ومعاقبة الدول المنتجة للنفط من جانب آخر.
الولايات المتحدة سعت من وراء هذا الانخفاض الحاد في الأسعار الى حصر تأثير (روسيا وإيران ) في مجمل الصراع الدائر في المنطقة ، ومعاقبة وأركاع هذه الدول على مواقفها المعادية للسياسة الامريكية ، خصوصاً في الأزمة الاوكرانية والسورية والعراق .
الأميركان بدوا أولى خطوات هذا الانخفاض في تجميد عمل منظمة الاوبك ، وإيقاف اي مساعي للمنظمة في ايجاد التوازن في الأسعار العالمية للنفط ، مع بقاء الانتاج نفسه مما ولد تضخماً كبيراً في انتاج النفط المصدر وبالتالي انخفاض أسعاره بالشكل الذي نراه اليوم .
السعودية من جهتها كان طرفاً فعالا في الأزمة من خلال المحافظة على الانتاج دون تخفيضه ، وبالتالي التأثير على الانتاج الروسي والايراني بل عموم الانتاج العالمي للنفط في الاسواق ، وإجبار هاتين الدولتين على ايجاد التنازلات لمجمل الصراع الدائر في المنطقة والشرق الأوسط . 
الأمريكان من جهتهم بادروا الى الاعتماد على استخراج الزيت الصخري ، ورغم كلفة الانتاج العالية لهذا النفط الا انها عملت بصورة جدية من اجل الاعتماد على مصادرها الداخلية وعدم الاعتماد على النفط العربي ، وإيجاد بدائل اخرى في هذا الجانب، وهذا كله يدخل في خانة الضغط على هاتين الدولتين من احل تغيير مواقفها المعارضة للأميركان في منطقة الشرق الأوسط .
ومع هذا التراجع المخيف في أسعار النفط ، فان منظمة اوبك مطالبة بخفض الانتاج الى نحو مليوني برميل للحفاظ على تماسك الأسعار ، وإيقاف دخول المنتجين من تنظيمات “داعش” في سوريا والعراق والتي أصبحت تتحكم وتدير بالاسعار والإنتاج النفطي ، وضرورة التحرك السريع من اجل حماية السوق من التراجع والحفاظ على مكانة الدول المنتجة .
ان مايجري اليوم هو عقاباً جماعياً تمارسه الولايات المتحدة ضد خصومها ، من اجل تضعيف الدور (الروسي الإيراني ) في المنطقة ، ومعاقبة الدول الخليجية على تحكمها بمصادر الطاقة والتي تعتبرها الدول الغربية مصدر قوتها وبقاءها ، لهذا تسعى الى خلق الصراعات والنزاعات من اجل السيطرة على حقول النفط العالمية ، والتحكم بأسعار النفط ، ومنع تأثير اي دور للدول المنتجة على مصالح القوى الكبرى فيها .
لهذا يمكن القول ان أسعار النفط  خاضعة للمتغيرات التي تحيط بالسوق العالمية وهو ليس بالأمر السهل ، وذلك لتأثر هذه المتغيرات بالعوامل السياسية والاقتصادية ، ومنها ما يتصل بالصراعات الدولية بين القوى الكبرى والمشاكل الداخلية التي تعاني منها اغلب دول الشرق الأوسط ، لهذا سيبقى سلاح التحكم بأسعار النفط رهينة هذه المتغيرات والقدرة على تلبية الطلب العالمي للنفط .