كثر الحديث عن الفساد في العراق , حتى أن أكبر الفاسدين هم أكثر المتكلمين عن الفساد على قاعدة : رمتني بدائها وأنسلت ” ورغم أن الحديث عن الفساد مؤلم ويثير شجون الحزن وألآسى وألآحباط , ألآ أنني أجد ما يفرح القارئ عبر قاعدتين : ألآولى شرعية تقول : لو خليت قلبت ” والثانية : موضوعية ولدت من صميم القاعدة ألآولى : وهي وجود بعض الكفاءات المخلصة والنزيهة خصوصا من الذين عينوا أخيرا مدراء عامين في مصرف الرافدين ومصرف الرشيد والبنك المركزي العراقي وهؤلاء يقولون من منطلق الخبرة المالية أن مصرف الرافدين يمتلك كتلة نقدية تفند أدعاءات الخوف من ألآفلاس وهذا ما يفرح المواطن العراقي ويبعد عنه شبح الخوف من عدم تمكن الدولة من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشاريع ألآستثمارية والتي راح يروج لها المتصيدون بالماء العكر من دواعش المال والسياسة ؟
أنني عندما أكتب عن هذا الموضوع أمتلك المعايشة الموضوعية للحالات التالية : فأنا طبيب , أعرف فساد ألآطباء والكوادر الطبية , وهو فساد موغل في ألآذى والعدوانية لكل من المريض والمهنة الطبية والوطن وهو فساد تجاوز كل أنواع الفساد ألآخرى أخلاقيا وماليا يتبعه فساد المهندسين والمحامين والقضاة والضباط والتجار وأرباب مهن العمل وكل الحواضن ألآجتماعية , وأنا سياسي : أعرف فساد السياسيين على نحو ألآجمال والتفصيل , وأنا مارست الحياة الحزبية عقودا من الزمن ثم تخليت عنها لآكتشافي فسادها ومعرفتي بأمراضها , وأنا مارست ألآعلام كاتبا ومحاضرا ومؤلفا وعرفت فساد ألآعلام من المراسل ألآعلامي الى المحرر الى المدير والمسؤول ألآعلامي في جناحيه العام وفي مقدمته أعلام شبكة ألآعلام العراقي والذي كتبت عن قرصنة مديره السابق تجاه مؤلفاتي وهو المدعو ” محمد عبد الجبار الشبوط ” وألآعلام الخاص وفي مقدمته قناة الشرقية التحريضية للطائفية والمروجة هي وقناة الجزيرة والعربية للفكر الداعشي , وقناة الحرة عراق وهي قناة ألآحتلال ألآمريكي التي تدس السم بالعسل بالرغم من أنكشاف الموقف ألآمريكي الداعم سرا للآرهاب التكفيري والداعم علنا للعصابات ألآرهابية بعد أيقاف ما يسمى بألآتفاق الروسي ألآمريكي على الهدنة في سورية , فألآمريكي اليوم يكشف عن وجهه ألآستعماري القبيح عندما يقول : لايريد تقدم الجيش السوري على ألآرض ؟ ثم يقول بما يشبه التحريض والمؤازرة أن ألآرهابيين سيضربون المدن الروسية ؟
وأنا دارس للفقه ألآسلامي , أعرف أخطاء المعممين والقضاة , لآن الفقه هو القانون ألآوسع وألآشمل للحقوق وتأسيس مباني العدالة لكل الشؤون ألآنسانية , وعندما أقول ذلك لا أدعي لنفسي الموسوعية والعصمة , فالموسوعية التي يدعي بها البعض جهلا وتروج له فضائيات منقوصة العلم والمعرفة , تلك الموسوعية هي من صفات المعصوم نبيا أو أماما من أئمة أهل بيت النبوة حصرا , ونحن من المتعلمين على سبيل النجاة أن شاء الله .يقف وراء الفساد في العراق هو ألآمريكي ليس بعد 2003 كما يعتقد البعض وأنما منذ بداية تأسيس الدولة العراقية عام 1921 حيث كانت ألآدارة البريطانية التي نقلت أبناء الشريف حسين الى ألآردن والعراق , وبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت تابعا لآمريكا ومعها أنتقلت أنظمة التبعية العربية من التاج البريطاني الى البيت ألآبيض ألآمريكي الذي يرى نفسه مربكا في ألآزمة السورية وبعد الذري ألآيراني لايريد مواجهة السوخوي الروسية وتغيير توجهه صوب المحيط الهادي وبحر الصين لايزال مجرد أفتراضات لم تجد حلا لتوجهات ألآقتصاد الصيني الناعمة ؟
فألآمريكي هو الذي أرخى العنان متعمدا لآحزاب السلطة الفاسدة والفاشلة لعلمه بفشلها ولعدم رغبته في بناء عراق قوي لذلك قرب الفاسدين من الضباط والمعممين والموظفين الذين يحسنون ألآنتظار على ألآبواب دون خجل ؟
وهناك فساد ثقافي أخطر من الفساد المالي , فالذين ينتمون لآحزاب تتمسك بمقولة ” الدين أفيون الشعوب ” هؤلاء نتيجة أفلاسهم قاموا بدعوة المدعو ” أحمد القبنجي ” النكرة المعروف بأميته الفجة والذي لايؤمن بسورة الفيل ولا ببلاغة القرأن لذلك أصبح موضع تهافت المفلسين والذين دعوه لآلقاء محاضرة في قاعة ” الود ” في مدينة الحلة أنما مارسوا خيانة الثقافة العراقية التي كان يقودها تلاميذ مدرسة أهل البيت عليهم السلام كابن عقيل والشيخ المفيد والسيد الشريف المرتضى الذي مدحه الشاعر أبو العلاء المعري حتى كان الشهيد محمد باقر الصدر فيلسوف القرن العشرين وصاحب نظرية التوالد الذاتي في تفسير المعرفة البشرية فأحتل مكانة أرسطو الذي ظل أبا للمعرفة البشرية بلا منازع حتى أستحق هذا اللقب محمد باقر الصدر بجدارة , وهؤلاء الفاسدون ثقافيا كان يحلو لهم نتيجة فساد أحزاب السلطة خصوصا من يدعي منهم ألآنتساب للدين بدون جدارة , هؤلاء كانوا يتفاخرون بأنهم لم يسرقوا ولم يرتشوا ؟ ولآن جردة الحساب لم تعرض بخواتيمها فالفساد ألآخلاقي لم يكن بعيدا عن أتباع مقولة ” الدين أفيون الشعوب ” , وألآ فأن الفساد الثقافي لايقل خطورة عن الفساد المالي , ومن يقع في الفساد الثقافي فهو حتما سيقع في الفساد المالي عاجلا أم أجلا وسنن التاريخ تشهد على ذلك.
أن بعض ناشطي الفساد في المصارف يشترط حصوله على “100” ألف دولارشهريا لتمرير صفقات الفساد المالي وبعضهم يشترط حصوله على ” 200 ” دولار عن كل سيارة أستيراد تدخل العراق ؟ وأحدهم وهو مدير عام في وزارة المالية لايوقع على معاملات ما يسمى بسلفة ” 100 ” راتب للموظفين ألآ بعد حصوله على ” 500 ” دولار ؟ وأحدهم ضابط في ألآستخبارات ويمتلك مصرفا ماليا ؟ ويقف وراء هؤلاء بعض النواب في لجنة النزاهية النيابية وبعض المسؤولين في هيأة النزاهة , وبعض القضاة المنسبين لآعمال التحقيقات في هيئات النزاهة ؟ وهؤلاء جميعا مدعومين من رؤساء الكتل وألآحزاب المشتركة في السلطة , وعليه فالقضاء على الفساد لايتم عبر التظاهر , ففيروس الفساد تجاوز ذلك وتأقلم كما تتأقلم الجراثيم مع المضاد الحيوي غير الفعال , والفساد لايتوقف بأعتصام ولا بالخطب المعسولة ولا بالقرارات الحكومية كقرار تبسيط ألآجراءات الحكومية الذي لم يجد أذنا صاغية ؟
أن الفساد المستشري في المجتمع والدولة العراقية يحتاج الى وعي ثقافي شامل يبدأ من البيت فالمدرسة فالجامعة فالمؤسسة الوظيفية الحكومية فألآعلام والى كل الحواضن ألآجتماعية من عشائرية الى دينية ممثلة بالحوزة والمرجعية , وبوادر العلاج الناجحة للفساد أن تقوم ألآحزاب بأعلان أسماء الفاسدين فيها وهم كثر والتبرئ منهم حتى لو كان رئيس الحزب فاسدا ؟ وأن تقوم العشائر بالتبرئ من الفاسدين من أبنائها حتى لو كان رئيس العشيرة فاسدا ؟ وأن تقوم الجامعات بأعلان أسماء الفاسدين فيها وأن تقوم الوزارات بذلك حتى لاتظل وزيرة تقول لمواطن قابلها طالبا للتعيين فقالت له : أنا لا أعطي التعيين لك بهذه الطريقة أنا أعطيه للنواب والمحافظين ؟ وهذه هي ثقافة المحاصصة المقيتة ؟ وأن يقوم ألآعلام بأعلان أسماء الفاسدين فيه , وألآمر يشمل الشرطة والجيش والسفراء والمحافظين والوزراء ووكلاء الوزارات والمفتشين العامين , وخطوة من هذا القبيل لاتتم بهذه السهولة ما لم تكن مصحوبة بمقاطعة أجتماعية لكل ألآحزاب الفاسدة ورؤسائهم ولكل الفاسدين من نواب وأعضاء مجالس محافظات السابقين والحاليين والمطالبة المستمرة بأيقاف رواتب النواب المتقاعدين وأعطائهم رواتب الوظيفة التي كانوا فيها وأسترجاع الرواتب من النواب وأعضاء مجالس المحافظات الذين أكملوا دراسة جامعية وهم في الخدمة وهذه مخالفة قانونية واضحة وفساد مالي غير مبرر كما يصار الى أرجاع مليارات الدنانير والدولارات من الذين أعطوا أمتيازات في النفط المستخرج أو في الشركات ألآمنية والسياحية ؟
أن تعيين مدراء عامين جدد في مصرف الرافدين والرشيد والبنك المركزي العراقي وهم من المخلصين ألآكفاء القادرين على أيقاف النزف المالي عبر ما يسمى تبديل العملة والذي تقوم به مصارف وهمية لها علاقات أخطبوطية مع عمان وبيروت ودبي والقاهرة وطهران وأسطنبول ولندن , أن الوزراء الذين أصبحت لهم فضائيات يجب أن يحاسبوا , ورؤساء ألآحزاب الذين يملكون شركات بأسماء وهمية يجب أن يحاسبوا وتسترجع ألآموال منهم وما ضاع حق وراءه مطالب ؟
Ali tamimi 5 @yahoo.com