17 نوفمبر، 2024 8:40 م
Search
Close this search box.

من يعيد للصحفيات العراقيات هيبتهن وكرامتهن؟!

من يعيد للصحفيات العراقيات هيبتهن وكرامتهن؟!

ليس غريباً على المرأة العراقية أن تكون مبدعة ومتألقة في مجال الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية ، فهي كما عهدناها منذ أجيال ، الأم التي تربي أطفالها على الفضيلة وحب الوطن وعشق الأرض ، والزوجة التي تتحدى الصعاب في الحروب وترفع يديها بالدعاء لزوجها الذي غيّب ملامحه غبار المعركة ، والأخت الحنون التي تدير شؤون المنزل بالنيابة عن قائدته الاولى دون أن يؤثر ذلك على مسيرتها الدراسية أو مستواها العلمي..
وليس غريباً أن تتفوق العراقية على الرجل في ميدان الإعلام ، وخصوصاً في مجال التقارير والتحقيقات والبرامج التي تتعلق بأمور المجتمع ، فهناك زوايا إنسانية قد تخفى على زميلها الرجل ، لكنها لا تخفى على صاحبة الحس والحدس الفطري المنبثق من أنوثتها ورقّة مشاعرها .
ولكن… هل تغير حال أخواتنا الصحفيات اليوم ؟! وما السبب في ابتعاد العديد من الأسماء اللامعة في ميدان الصحافة النسوية عن هذه المهنة النبيلة؟! وما سرّ اختفاء العديد من الأقلام المشهود لها بالكفاءة والمهنية ؟! ولماذا بات العديد منهن يرفضن أن ينسبن الى مهنة الصحافة ، الى درجة أنك لو قلت لإحداهن (أنتِ صحفية متميزة) تصاب بالذعر وتقول (أنا لستُ صحفية) ؟! ، فهل بات عمل المرأة في مضمار الصحافة أمراً مشيناً ومعيباً في زماننا هذا ؟
لننظر الى الموضوع من زاوية اخرى أكثر عمقاً ، هناك عدد لابأس به من الصحفيات الجديدات على الساحة ، بعضهن يتمتعن بمستوى لابأس به من المهنية ، والبعض الآخر – وللأسف – أُميّات جاهلات ، لو طلبت من إحداهن أن تحرر خبراً فستصدمك بأنها بالكاد تجيد الكتابة والقراءة ، وإذا جلستَ لتشاهد برنامجاً تلفزيونياً تقدمه إحداهن فستصدم أكثر لعدة أسباب ، إذ ستشاهد أمامك مذيعة بأبهى حلّة وكأنها طاووس ، لابأس في ذلك فالأناقة مطلوبة في هذا العمل ، والمقصود أناقة ومظهر مرتب طبعا وليس ارتداء أزياء خاصة بصالات (الديسكو) ! ، وستفاجأ بأن المذيعة الفاتنة تخبط الحابل بالنابل وتتكلم (شيش بيش) ولا تتورع عن استخدام ألفاظ عامية تناسب فقط (الكعدات العائلية وسوالف النسوان) ، وإذا كان البرنامج يتضمن مداخلات من المتصلين ، فهي أما أن تتميّع وتتغنّج مع المتصل ، أو تعامله بقسوة واحتقار وكأنه يعمل عند أبيها .
وعندما تتحدث عن أحداث معينة لا تتفاعل معها بما يتناسب مع مضمونها ، ويكفي هنا أن أشير الى مذيعة مبتسمة تتحدث عن انفجار راح ضحيته العشرات !
والآن.. لندخل في صلب الكارثة ، ونطرح السؤال التالي : من يرعى هؤلاء الدخيلات على مهنة الصحافة ؟! ومن هو الأب الروحي الذي تمكن من جمعهن تحت خيمة واحدة للإنطلاق نحو الـ (لا أدري) حتى استحوذ على مكانة عظيمة في قلوبهن فأطلقن عليه لقب (رجل السلام العالمي) ؟!
بالتأكيد لن أذكر اسم هذا الشخص علانية ليس خوفاً من أن يقاضيني بتهمة التشهير ، فالأجدر به أن يلملم عاره ويلتزم الصمت بدلا من أن تقام ضده عدة دعاوى بتهمة الـ (……) ، ولكن لأني لا أريد لهذه السطور أن تتسخ باسمه .
لقد سمعتُ كبقية الصحفيين الكثير من القصص عن إساءة هذا الرجل الى سمعة اخواتنا الصحفيات ، ورغم أن القصص جاءت على ألسنة صحفيين موثوق بهم الى أبعد الحدود ، لكن القضية بالنظر لخطورتها يجب ان تكون معززة بالشواهد .
وجاءتني الشواهد وليتها لم تأتِ ، فالمنظر محزن ومخزٍ للغاية ، صفحة على الفيسبوك تحظى بالآلاف من المعجبين الذين دفعتهم غرائزهم البهيمية الى الضغط على كلمة (أعجبني) في أعلى الصفحة التي امتلأت بتعليقاتهم الشهوانية الفاضحة تحت صور هؤلاء اللواتي يوصفن بأنهن (إعلاميات) !!
الصفحة الفيسبوكية مخصصة للتعريف بإعلاميات عراقيات تحت اسم منظمة خاصة بهن يرعاها ويرأسها (رجل السلام العالمي) ، وهو بالتأكيد ليس رئيس وزراء بريطانيا ابان الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل ، وشتان ما بين الاثنين في الحرفة التي احترفاها ، وكل منشور في الصفحة عبارة عن صورة استعراضية لشابة جميلة في وضع أقرب الى الإغراء ، كأن تتكئ على جدار بصورة مائلة وعلى وجهها ابتسامة بعيدة عن البراءة ، أو تجلس جلسة أقل ما يقال عنها أنها وقحة ، وفوق كل صورة كتبَ الناشر عبارة (فلانة الفلانية مذيعة القناة الفلانية أو مقدمة البرنامج الفلاني تقول لكم : هااااااي ، فماذا تقولون لها؟ ) ، وكما أسلفتُ ، تحت كل صورة كم هائل من التعليقات الذكورية المتعطشة والخادشة للحياء تتغنى بمفاتن أجساد صاحبات الصور وتفصح عن مكنونات مخيلة الحيوان صاحب التعليق ، علماً بأن التعليقات لم تكتب من قبل شباب عراقيين فحسب ، بل هناك سعوديون وإماراتيون وكويتيون …… والقائمة تطول.
وتوسعت نشاطات هذه (الشبكة) لتتضمن إيفادات عجيبة غريبة الى دول (إحم إحم…) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ونسأل الله أن يحفظ أعراض الناس من كل ذي نفس خبيثة مريضة .
وأود أن أتوجه بالسؤال الى كل صحفي شريف وإلى كل عراقي غيور وإلى كل عراقية عفيفة ، هل يجب ان نشاهد هذه المأساة ونلتزم الصمت لكي لا يزعل علينا بعض أصحاب الجلالة والمتنفذين في الوسط الصحفي لأن (رجل السلام العالمي) مقرّب منهم؟ هل نسكت على هذه الإهانة الكبيرة والخطيرة لأخواتنا وزميلاتنا الصحفيات المعروفات بتاريخهن المهني المشرف وبأخلاقهن التي لاتشوبها شائبة؟!
بالطبع كلا ، فالسكوت على هذه الفضائح خيانة لأخواتنا الصحفيات اللواتي واجهن الموت من أجل إيصال الحقيقة الى المتلقي ، السكوت خيانة لكل صحفية ضحّت بروحها في سبيل مهنتها ، السكوت خيانة لأختنا الشهيدة أطوار بهجت وكافة شهيدات الصحافة.
من يعيد الكرامة الى أخواتنا الصحفيات ؟! ومن يطهّر الوسط الصحفي من العناصر الدخيلة التي أساءت الى هذه المهنة النبيلة ؟!
لا أحد ينكر أن الصحافة في العراق تعرضت الى إساءات كبيرة من قبل الجهلة والأميين والنفعيين والوصوليين والانتهازيين الذين باتوا صحفيين معترف بهم في ليلة وضحاها ويتمتعون بكافة الامتيازات على حساب الصحفيين الحقيقيين المحترفين والشرفاء والمخلصين الذين حرموا من أبسط حقوقهم والذين لايعترف (أصحاب الجلالة) بأنهم صحفيين ، لأن ذنبهم الوحيد أنهم شرفاء وليسوا (لوكيّة) ومسّاحي أحذية وسماسرة وتجّار أعراض ، ولكن عندما تصل الإساءة الى التشهير بأخواتنا الصحفيات ، فالأمر يحتاج الى عملية قيصرية حقيقية لاستئصال الورم الخبيث من جسد الصحافة .

أحدث المقالات