23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

من يعلم العرب حقوق الانسان!!!

من يعلم العرب حقوق الانسان!!!

منذ اول انطباع للشر والخير في الانسان، ومنذ ان تحول التأمل والميتافيزيقيا الى قيم أخلاقية متجذره, ومنذ ان عرف الانسان اشراقة الحياة والحيازة الفنية للفكر , نمى في احشاء صيرورته سعيه للكمال, وأدرك بنور عقله الثائر جوهرية حقوقه المقدسة, فسعى للحد من سلطة الحاكم وسن القوانين وجعلها مرجع للحقوق والواجبات. فظهرت حقوق الانسان كثمرة لحركة الإصلاح المظفرة في القرن السابع عشر ثم الثورة الفرنسية وال(ماكناكارتا ) وجهود جون لوك وهيربرت سبينسر , وروسو وغيرهم ممن اثرى الحياة بقيم حقوق الانسان.
يعتبر الكثير من الباحثين ان حمورابي في مسلته في 1780 قبل الميلاد, و اوركاجينا حاكم مدينة لكش العراقية من أقدم من سن للبشرية قوانين في تثبيت حقوق الانسان, الا ان بعض المؤرخين يقول بأن الإمبراطورية الأخمينيه في القرن السادس قبل الميلاد قد ارست قوانين لحقوق الانسان ليس لها نظير, حيث مثلت أسطوانة سايروس في منحها اليهود حق العودة بعد السبي البابلي الأول, كأول نص تاريخي لحقوق الانسان. ثم جاء قانون سولون في 594 قبل الميلاد في اليونان القديمة ليمنح الشعب حقوقا” تشريعيه كانت في وقتها فتحا” في احترام الانسان. لتستمر بعدها الحضارات بين ضياع كامل لهذه الحقوق وبين ظهور طفيف لها. وعندما ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي كان جوهر العقيدة يقوم على وحدة الجنس البشري, حيث تجلى ذلك في (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ليظهر البعد الانساني بقوه، رغم انه بقي نصا” نظريا” ولم ينغرس عميقا في منظومة الاخلاق العربية، حيث ظل العرب يستعبد بعضهم بعضا” ويسلب بعضهم حياة الاخر لأبسط الاسباب، ولم يظهر جليا” الاثر الروحي العظيم لهذه النصوص الا نادرا”.

ساهمت التجارب السياسية، وتفاعلها مع نشأة الحداثة لعصر النهضة في بلورة حقوق الانسان التي نعرفها اليوم. وكان لظهور مدرسة الحق الطبيعي لجون لوك والتي حولها جون بلا كستون في 1689 الى قوانين حقوقيه، دور ثوري في ان تحولت الى منظومة ارتوازيه تغذي معظم المدارس الفلسفية في القرن التاسع عشر. فظهر العقد الاجتماعي، ومنظومة الحقوق والواجبات وغيرها من مسميات تعبر عن جوهر احترام الانسان وحقوقه المدنية والطبيعية.

ختمت اوربا حروبها الطويلة وهمجيتها في الحرب العالمية الثانية، , بصدور قانون حقوق الانسان في سنة 1948 ليكون تتويجا” لكل فعل وكلمه تركها مغامر, ومفكر, أُريق دمه في سبيل أعلاء شأن الانسان, لتتحول الامم المتحده بعد ذلك الى منبر عالمي يراقب حكومات الدول ومعايير حقوق الانسان.
درجت الأمم المتحدة على إصدار تقرير سنوي عن حقوق الانسان في الوطن العربي، وهو التقرير الوحيد الذي لم تتغير مفرداته كثيرا عبر السنين عن رواية العنف والقسوة اللانهائية التي تمارسها أجهزة الامن العربية بحق مواطنيها, وانعدام القوانين المنصفة بحق المرأة والطفل والمعاقين, حيث لازالت العقوبات المهينة للإنسان تمارس بحق حملة الفكر, والمعارضين , وحتى المواطن المسالم ,بل ان التقرير الأخير اشر ظهور تمييز عميق بين البشر على أساس المذهب والدين والجنس, وما كسبته بعض الأقليات من حقوق خلال القرن الماضي خسرته بسرعه بعد ازدياد التطرف في المجتمع العربي,
الحيرة تربك المراقب للوضع العربي، عندما يرى منظمة هيومن رايت ووتش اكثر نبلا” وانسانيه من مراكز دينيه عريقة كالأزهر. فجرائم الانفجارات المتلاحقة في بغداد بحق المدنيين بَحّت صوت ستراوس ستيفنسون وهو يتباكا على أرواح العراقيين، بينما عندما يستفتى الازهر حول شرعية داعش في العراق فَيُصدم الراي العام حين يرفض أدانتهم, او تكفير افعالهم, ناهيك عما يفعله دعاة الفتنه في الحرمين.

وعندما حكمت الأحزاب الدينية معظم الدول العربية ازدادت حفلات الدم وانتهاك حقوق الانسان والمرأة، فرأينا حالات اكل البشر، ورجم النساء، وقطع الرقاب، والسبي ونفي للأثنيات الأخرى، وحرق المدن، وسلب الحريات، وفظائع لا توصف. فاذا كان الانسان في عيون العرب بهذا الرخص، ترى من اين تأتي لكرامتنا الجرأة امام الأمم الاخرى لنخاطبهم بهويتنا الدموية. إذا كان الإسلام ومع 1400 سنه لم يغرس الرحمة في قلوب العرب على بعضهم ويعلمهم حقوق الانسان، ترى من يعلم العرب الحياة وحقوق الانسان.