كم كنت اتمنى أن أ ر يوما في عمري القصير الذي لايتعدى الواحد والثلاثين عاما مسؤولا يتجول في الاسواق ليتفقد الرعية والعوام ماشيا على قدميه متأثرا بأغنية حافية القدمين دون ان يكون معه حاشية او رتل من المصفحات وافواج الحمايات الخاصة والعامة ودون ان يكون معه نصف اسلحة الجيش العراقي تكفى لمقاتلة الارهاب لعدة شهور؟؟؟ مناسبة هذا الكلام هو ما ارسلته صديقتى وزميلتى الوفية د.غيداء من السويد من مجموعة صور لها مع نائبة رئيس وزراء السويد فتقول انها تفاجات بالمسؤولة داخل دائرتهم لتحتفل معهم بمناسبه تخص عملهم ودون ان يكون مع تلك المسؤولة ابناء عمومتها وحاشيتها ومدرعاتها , كانت مجردة من كل شئ الا من ملابسها فلا اسلحة ولا مرافقين ولا هراوات وكعادتنا نحن العراقيون لم نألف مشهدا لمسؤول دون ( زيطة وزمبليطة ) ودون كاميرات سوني ودون اهازيج ورقص احتفاء بالزيارة الميمونة لاى مسؤول ؟؟ تقول د.غيداء انها طلبت من المسؤولة السويدية ان توافق على اخذ صور معها فكانت اكثر سعادة من صاحبتنا فهى لم تتعود ان يطلب احدا منها ان يتصور معها كونها ليست انجلينا جولي ولا كينيث باترلو ؟ ثم استغربت صاحبتنا الدكتورة اكثر حينما علمت ان المسؤولة لاتملك سيارة تقلها الى عملها حينما طلبت ان يدلها احد على مكان محطة القطارات لتعود ادراجها الى عملها فى رئاسة الوزراء ؟؟ ومما اثار استغراب بقية الموظفين هو ليست تصرفات المسؤولة بل مبالغة صاحبتنا فى الاحتفاء بها , كوننا لم نتعود على مشاهدة اصغر مسؤول في الدوله بلا حماية ومصفحات ؟؟ . اننا كشعوب مهوسوون بنظرية المؤامرة ! فبمجرد ان يتبوأ احدنا منصبا حتى لو كان مسؤول صفحة اعلانات فى راديو ابو غريب يروح يتصرف وكأنه منقذا للوطن وملهما للعباد والقائد الضرورة فيبدأ يقنع نفسه ويقنع الاخرين انه من سيعيد رسم التاريخ وتغيير جغرافية العالم وانه ثروة قوميه اهم من نفط البصرة وميناء الفاو! فيعظم في نظرنفسه ويتصور انه اهم من صلاح الدين واكبر من هرم خوفو واعلى من برج خليفة واشهر من سور الصين ؟؟. فيعمد الى احاطة نفسه بهالة ممن يزينون له اوهامه ويوافقون ارائه طمعا بماله وحظوته ونفاقا ورياء لشخصه المريض ؟؟ ويستبعد ممن هم اهل الثقة والنصيحة والراى السديد ولذا سينشغل بمظهره واستعراضات الدمى ممن حوله ليضيف هالة من الكذب والدجل حوله كونه عانى من عقدة النقص في مسيرة حياته المضطربة كما يقول علماء النفس .في عام 2007 تعينت اول مرة في وظيفة رسميه في الجامعة وبالصدفة وجدت نفسي امام السيد رئيس الجامعة في احدى ساحاتها ولم يكن معه احدا من الموظفين او الحراس حتى انه هناني على تعييني , شكرته وحمدت الله ان الرجل يمشي لوحده يتفقد احوال الرعيه وجاء في مخيلتي كل تلك المأثر من قول احدهم لعمر عدلت فأمنت فنمت الى كناية سيدنا علي بأبي تراب كونه ينام على التراب دون فراش وثير , حتى اننى قبل أن ارى رئيس الجامعة في تلك اللحظه كنت اتصوره يختلف عن باقي البشر كأن يكون بثلاث سيقان واربع اذرع ؟؟؟ ثم انصرفت حامدا الله اننا نملك هكذا رجل بسيط ومتواضع . مرت السنوات مسرعة وجاء رئيس جامعة جديد فانقلبت الامور راسا على عقب ؟ فصارت رؤية السيد رئيس الجامعة مع هلال العيد كونه مشغولا بايفاداته خارج القطر ومن النادر ان يتواجد في مكتبه لاسبوع كامل حتى ان ايطاليا ارسلت للجلمعة كتابا تريداسماء ثلاثة تدريسيين متخصصين بتقنيات التناسل في الحيوان فما كان منه الا ان جعل اسمه الاول في الايفاد رغم انه متخصص بالادارة والاقتصاد؟؟؟ . فغدت الجامعة ثكنة عسكريه فحينما تدخل لا تشاهد سوى سيارات الحماية وهى تصول وتجول لوحدها وتحس انك في شعبة الاستخبارات الخامسة سيئة الصيت ؟؟ . وتتوقع انك امام ستالين او هتلر او موسولينى لا امام رئيس جامعتك ؟ . واخيرا استبشرنا خيرا حينما عاد من جديد ذاته رئيس الجامعة القديم ذاك المتواضع البسيط ليتصدر المشهد مرة ثانية رئيسا للجامعة من جديد وتصورته ذاك الفارس الابيض الممتطي فرسه البيضاء يسابق الريح والزمن ليغير من قتامة المشهد الجامعي وياخذ بناصية العلم الى مديات بعيدة دون ان يكرر مشاهد الاستعراضات الساذجة التى اسس لها سلفه ودون ان يصطحب معه الات التصوير الحديثة ؟ فهذا يصور جلسة فخامته وذاك يؤرشف ضحكة سعادته وتجد منهم من يغضب قبل غضبه او يبكى قبل ان تنزل دمعته ومنهم من ينفجر ضاحكا لكلمة ساذجة قالها والينا المعظم؟؟ بل ان احدهم صار يفتش ويشم اي شخص يحاول المرور من امام شخص السيد الرئيس والطامة الكبرى هوانك تشاهد يوما بعد يوم ان شلة المطبلين اتسعت لتشمل اشخاصا اخرين فلتضمن التقرب الى حضرته ماعليك الا ان تنشر صورة حضرته وتزينها بايقونة سبع عيون الزرقاء لتحفظه من شر كل حاسد اذا حسد أو تكتب تحتها كلمات المديح والنفاق المعروفة واذا كنت تروم الوصول الى منصب اوانك تريد الاستمرار متربعا فوق كرسيك فعليك باقامة ندوة او مؤتمر حتى ولو بمناسبة عيد الشجرة او عيد ميلاد الاخت نانسى عجرم وتنصب الكاميرات وتهلل وتكبر بمقدم حضرة فخامة وسيادة الرئيس وتقيم الولائم وتحضر عددا من الاعلام العراقية وتضعها على رقبتك ورقاب الحاضرين وتحضر شلة الانس وتبدأ تصور كل شئ حتى حذاء والينا المبجل!! اى ثقافة تلك التى اورثتموها لنا يا اجدادنا واي قباحة تجملوها لنا يا سادة القوم ؟؟ ومما يثير الحنق والاستغراب ان السيد الرئيس لو ارسل في طلبك لغاية في نفسه فانك ستصدم اول دخولك عليه بعبارته الشهيرة لدي موعد بعد نصف ساعة وعليك الاختصار رغم انك لم تطلب مقابلته ورغم انه هو من ارسل يطلبك ؟ ثم تصاب بالغثيان حينما تعلم انه يستنكر ويستهجن مايقوم به بعض زبانيته حينما يضايقونك لكنه يكرمهم باليوم الثاني ويرسل اليك نسخا من كتاب تكريمهم؟؟؟ ومما يجعلك في عنق الزجاجة حينما يسافر بعيدا لسبب ودون سبب ولكنه لا يتمكن من زيارة اقسام الطلبة التى تبعد عن مقر اقمته بضع امتار ليتفقد رعيته من الطلاب؟؟ نحن صرنا نتفنن في صناعة الطواغيت ولولا الزبانية والمنتفعين وشذاذ الافاق واهل المصالح لما وصل حالنا لما نحن عليه الان ؟ وختاما يا مسؤولينا ليس كلنا قطعان اغنام وليس كلنا صم بكم عمي فهم لايعقلون ؟ وليس كلنا من يتفنن الضرب على الطبلة والعزف بالعود والرقص على انغام السيد المسؤول وليس كلنا يتصرف كانه كلب حضرة فخامة سيادة جناب الرئيس ؟ ولشدة احباطي من تلك التصرفات صرت احلم برؤية مسؤول واحد يمشي بين رعيته دون ان ترافقه الفرقة الامريكية المجوقلة ودون تلك الكاميرات المختلفة وان يفهم ان من صميم عمله خدمة رعيته دون ان ينتظر كلمة شكر واحدة وان يتصرف ببساطه مع العوام لا ان يتصرف كأنه طاووس بين غربان سود !! وعليه ان يكنس الزبانية المهللين بمقدمه كأنه فاتح بيت المقدس !! فلا يدوم الا وجه الله . متى يحمل المسؤول احلامنا وتطلعاتنا دون ان يحمل طفلا يتيما امام الكاميرات ليرميه باقرب سلة مهملات بعد ان ينتهي من حملة صورني وانى ما ادري ؟؟؟ رساله الى اي مسؤول او مسؤولة يرى نفسه اكبر من حجمه الطبيعي دون ان يكون قد اجرى عمليات تجميل وزراعة شعراو نفخ اي جزء من اجزاء جسمه؟؟؟.