_ المسيحيون في العراق بعد عام 2003..مصيبتهم تندرج ضمن مصائب كل العراق..حقوق مهدورة..حريات مقيدة..تهجير وتشريد..دماء..ومن ثم الاستيلاء على أموالهم واغتصاب أملاكهم!
_لاشيء غريب في تهجير المسيحيين.. فمن قبلهم اليهود سنة 1941م وتهجيرهم من بغداد إلى فلسطين في قضية أو الأصح ( كارثة الفرهود).. وكارثة الفرهود كانت بتحريض من (أمين الحسيني) مفتي القدس حينها والذي كان حليف هتلر..وبسبب فتوى الحسيني هجمت عصابات السلب والنهب على يهود بغداد وقتلوا الكثير منهم وسلبوا أموالهم..مع أن اليهود في حينها كانت تشكل نسبتهم وحسب تعداد 1921م 25% !
_أسئلة كثيرة ومهمة تلقي بظلالها على هذه القضية الشائكة والمخجلة في نفس الوقت..لما تعرضت له آلاف العوائل المسيحية ..تهجير في الداخل وهجرة إلى الخارج؟ ومن يقف وراء هذه المؤامرة الدنيئة؟ وإلى متى ستستمر؟ وهل الغرض منها إنهاء الوجود المسيحي بالعراق، وقطع كل جذورهم؟
كانت الأحلام تداعب خيال المسيحيين في بلدهم العراق، وكيف لايحلم المسيحي وهو يعيش في أرض وادي الرافدين، والمسيحية هي ثاني أكبر الديانات في العراق..لاسيما أن الهوية المسيحية في العراق لاتتوقف عند المعيار العقائدي والشعائر الدينية..فهم.. أبناء بلاد مابين النهرين الأصليين، أحفاد البابليين والآشوريين والعرب. لقد ظهرت المسيحية في العراق منذ بداية القرن الأول الميلادي حيث كان معظم سكان العراق يعتنقون المسيحية.. والتاريخ بكل شواهده ودلائله يثبت أصالتهم وحبهم بل عشقهم لتراب وادي الرافدين.
كتبنا وكتب الآخرون عن مأساة الانبار ودمار الموصل وجرائم القتل والاختطاف في ديالى، وانهيار الأمن في كركوك وغيرها من محافظات العراق..لكن..يجب علينا أن نقف كثيرا أمام الخطة بل المؤامرة التي يتعرض لها ملايين المسيحيبن في بلدنا المنكوب؟ بدون أدنى شك أن القاتل معروف ولو أختلفت المسميات وتعددت الأشكال. منذ الاحتلالين الأمريكي_الإيراني تمكنت الجماعات والتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم تنظيم (داعش اللقيط) وبعض الميليشيات التي يطلقون عليها(الوقحة)، وبتخطيط أجهزة أستخبارتية تابعة لبعض الدول الإقليمية في تدبير مؤامرة قذرة ضد المسيحيين، تسعى من خلالها هذه القوى البغيضة لإقتلاع جذور المواطنة المسيحية في العراق.. وكانت بوادر هذه المؤامرة عندما عانى المسيحيون تأثير الخطاب الديني المتشدد وخطورته على حياتهم..هذا الخطاب الشيطاني الذي أعطى لجماعات الإسلام السياسي الحق في أنتهاك حقوق المواطن المسيحي وسمح لهم بممارسة كافة السبل الرخيصة واتباع أبشع الطرق للسطوا على كل غالي ونفيس يخص العوائل المسيحية!
أن جريمة قتل المسيحيين وتهجيرهم وأغتصاب ممتلكاتهم،دور، شقق، أراضي سكنية، ووصلت الكارثة إلى الاستيلاء على بعض الكنائس..كل هذه الأفعال الدنيئة والخسيسة استند فيها الطغاة إلى أفكارهم الإرهابية التي بررت لهم الباطل قبل الحق في سحق وتدمير أبناء جلدتهم.
لقد كشفت السنين الماضية أن قتل وسلب واختطاف المسيحيين أقوى من القيم الأخلاقية، وأن الإرهاب الفكري العنيف قد أنهال على ملايين النبلاء المسيحيين بلا هوادة، في ظل مناخ تكفيري وصل إلى مستويات غير مسبوقة في الشراسة وخارج عن كل منطق إنساني. غير أن المفارقة العجيبة من يدعون أنهم كانوا من ضحايا التهميش والاقصاء في زمن ما، مدعوون اليوم لتطبيق ذات المنهج على غيرهم. ولكن الدهشة الأعظم تأتيك من السياسيين حاملين لواء الديمقراطية التزويرية ورايات العقم الدستوري، الذين من المفترض منطقيا وأخلاقيا أن يكونوا الطبقة المتصدرة لمواجهة الظلم والاستبداد الذي يتعرض له المسحيين، وأن تكون قبة مجلس النواب العراقي الملاذ الآمن والحضن الدافيء لكل عراقي..لكن.. الواقع مختلف تماما حيث أن أغلب ولاة أمرنا صمام امننا يعانون من حالة تصدعات انتخابية هيستيرية أدت إلى حدوث اضطرابات نفسية وانحرافات في الاداء السياسي، ولعل..التسول الانتخابي للسياسيين العراقيين باتت القضية المهمة والأخطر في عراق الديمقراطية!