مظهر آخر من مظاهر الهيمنة الكردية هو منصب رئاسة الجمهورية , رئيس جمهورية أي بلد هو العنوان الأول للبلد , حتى وان كان المنصب بروتوكوليا , الساسة الكرد طرحوا نظرية جديدة بعد الاحتلال الأمريكي مفادها أنهم القومية الثانية في البلد وانه تبعا لذلك يجب أن يحصلوا أما على رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية , وأنهم يتركون للعراقيين الخيار باعطائهم احد المنصبين … !َ! يا له من كرم … !
و بناء على هذه النظرية الكردية الجديدة يتوجب اعطاء القومية الثالثة ( التركمان ) منصب يليق بهم مثل نائب رئيس الوزراء او نائب رئيس الجمهورية , و ماذا عن القومية الثالثة و الرابعة … الخ , لكن الساسة الكرد يعترضون على منح القوميات الاخرى حقوقهم , المناصب الحكومية التي يشغلها الاكراد في الدولة حاليا هي : رئاسة الجمهورية , وزارة الخارجية , وزارة التجارة , وزارة الصحة , وزارة الموارد المائية , رئيس أركان الجيش , نائب رئيس مجلس الوزراء , نائب رئيس مجلس النواب بالاضافة الى المدراء العامين المنتشرين هنا و هناك في مختلف دوائر الدولة , بالمقابل … لا يوجد أي عراقي عربي يشغل منصبا حكوميا في الاقليم … لا منصب كبير و لا منصب صغير … لان هذا خط شديد الاحمرار عند الساسة الكرد ! وعلاوة على ما تقدم , فهم يحصلون من ميزانية الدولة العراقية على حصة مالية خرافية مقارنة باحتياجات محافظاتهم الثلاث , مشاركة مختلف القوميات والطوائف ببناء الوطن حالة رائعة ومطلوبة , على ان يكون هناك توازن في هذه المشاركة , فأين هو التوازن ؟ كيف يسمح الساسة الكرد لانفسهم بالتدخل في شؤون البلد طولا وعرضا و النهل من خيراته و يرفضون التدخل في شئؤنهم من قبل العرب , هم يطبقون نظرية خيرات العراق للعرب والاكراد , وخيرات الاقليم للاكراد فقط !َ! أليس هذا وضع في منتهى الغرابة و الشذوذ ؟ والى متى يستمر صبر وصمت الشعب العراقي على وضع مثل هذا ؟ على مر السنين يلاحظ المرء أن الساسة الكرد لا يعجبهم العجب و لا الصوم في رجب كما يقول المثل , بل أن مطالبيهم لها أول وليس لها آخر , النظام السابق أعطاهم في السبعينات من القرن الماضي حكما ذاتيا كان اكراد تركيا و ايران و سوريا يحلمون ليلا و نهارا أيضا بالحصول على 10% منه في بلدانهم , لكن هذا الحكم الذاتي لم يشبع أطماعهم و ما لبثوا ان انقلبوا عليه بعد فترة من الزمن و رفعوا السلاح ضد الدولة , الساسة الكرد وفي اغلب الأحيان ينتهجون سياسة متقلبة و متخبطة تجاه العراق وكأنهم ليسوا عراقيين , حيث النهج الانتهازي سياسة ثابتة لديهم , و الشواهد و الأدلة على انتهازيتهم كثيرة و كثيرة جدا , وحتى فيما بينهم يتصارعون على المال و السلطة و النفوذ , والقتال الذي جرى عام 1996 بين مسعود البرزاني و جلال الطالباني كان من اجل السلطة و النفوذ و المال ( صراع على واردات كمرك ابراهيم الخليل ) حيث استنجد الأول بصدام حسين واستنجد الثاني بايران ( هذا هو تاريخ الحزبين الكرديين الرئيسيين اللذان يتحكمان بالاقليم اليوم ) و هذا يعطينا دليلا على أنهم ليسوا على وفاق مع بعضهم , فكيف يتوقع احد أن يكونوا على وفاق مع العرب , و بدون أي شك على الاطلاق يمكن القول أن في الوطن رجال اكراد عراقيون 100% يفتخرون بعراقيتهم و يضعون مصلحة العراق كوطن واحد و شعب واحد فوق أي مصلحة اخرى , وتاريخ العراق يسجل بأحرف من نور تضحيات و مآثر شخصيات كردية لامعة خدمت العراق بتفاني و أخلاص لانهم كانوا يعتبرون العراق وطنهم من آخر متر في الشمال الى آخر متر في الجنوب , و أمثال هؤلاء الاكراد الاصلاء لا يزالون موجودين في البلد يحاولون بكافة الوسائل محاربة النهج الانفصالي الذي يسير فيه ساسة الاقليم الذين يتبجحون ليل نهار و بلا حياء بأنهم أصحاب فضل على العراقيين لانهم لم يعلنوا اقليمهم و ينفصلوا عن العراق ! في نفاق مفضوح و صارخ لانهم لولا نفط البصرة الفيحاء لما وصلوا الى ما وصلوا أليه اليوم من تقدم وازدهار .
أي بلد في العالم يمتلك ثروة مثل ثروة العراق و عدد سكانه مقارب لعدد سكان العراق ممكن ان يرتقي شعبه الى مصاف الدول المتقدمة و المزدهرة , و بما ان خير العراق كثير وكثير جدا و يكفي الجميع و زيادة , فلماذا لا يتم وضع الأطماع و التكسب على حساب الآخرين جانبا كي يعيش الجميع و من كافة القوميات و الطوائف والأديان عيشة هانئة خالية من الأحقاد و الصراعات , أليس من المعيب , ان لم يكن من الغباء و الجنون أيضا , أن نتصارع ونتقاتل على خيرات تكفينا جميعا وزيادة ؟ الأحقاد تولد أحقاد مضادة , والتعدي على حقوق الآخرين بحجج واهية لا يؤدي الى استقرار , و المكاسب غير المشروعة التي يحصل عليها طرف في هذا الظرف الشاذ الذي يعيشه العراق اليوم لن يسكت عليها الطرف الآخر غدا أو بعد غد عندما يستعيد العراق عافيته و يتوحد شعبه , نحن العراقيون نهدر فرصا عظيمة قد لا تتكرر , فرصا توفر العيش الكريم و الرغيد للجميع عربا و اكرادا و كافة القوميات و الطوائف الاخرى , العراق يمتلك كافة مستلزمات العيش الكريم من امكانيات مادية و بشرية تحسدنا عليها بلدان العالم , فماذا ينقصنا ؟ ينقصنا سلوك حضاري راقي يرفع رايته قادة البلد أساسه العدالة و التعامل مع الشعب بمعيار واحد , و ليس سلوك اللصوص و تهميش الآخرين كما هو حاصل حاليا , والمهمة الآن تقع على عاتقنا بالدرجة الأساس في انقاذ الوطن من محنته المستديمة و ذلك بمنع اللصوص و المتعصبين عرقيا و طائفيا من قيادتنا مرة اخرى .