18 ديسمبر، 2024 2:57 م

من وحي شهريار وشهرزاد (64) أشقّاء وشقيقات (1)

من وحي شهريار وشهرزاد (64) أشقّاء وشقيقات (1)

حينما نتحدث عن الشقيق أو الشقيقة فإننا نصف ركنا مفروضا من أركان ذواتنا ، وسعيد من أدرك أحدهما او كلاهما بوصف الدعامة الراسخة التي يتكئ عليها في أصعب الأوقات .

شهرزاد : أجده حديثا محرجا ، فمهما حاولنا أن نضع الرموز او الكنى او الألقاب فحديثنا لا يعدو أشخاصا قلّة حملتهم بطون أمهاتنا وقاسمونا رعاية الوالدين ، لكنني أتساءل دائما ، ماالذي يجبرنا على علاقة وطيدة لم تكن من إختيارنا او إختيار الطرف الآخر ؟ .

شهريار : إنه القدر ياشهرزاد نحن لم نختر آباءنا ولا إمهاتنا ، ولا أسماءنا ولا بيئتنا التي نعيش فيها عقدين من الزمن على أقل تقدير ، فكيف لنا أن نختار أشقاءنا وشقيقاتنا ؟ ، هي علاقة مفروضة بكل المقاييس لكن جذورها المشتركة ، آحلام صباها المتشابكة ، آلاما وحسرات طالت الجميع ، مخاوف دقت لها القلوب مجتمعة ، أفراحا تبسمت لها كل الشفاه ، وهموما تقاسمتها الصدور بالتساوي ، كل ذلك وأكثر يجعل لتلك العلاقة المفروضة قيمة عليا لمن أدرك أن جينات أبيه ، وحليب أمه يسير في شرايين شقيقه وشقيقته.

ولم يعد خافيا علينا ما ذكرناه مرتين فيما سبق ، عندما تحدثنا على الوعي فوق الحسي الذي يقول عنه علماء النفس :” أن الأفراد من ذوي الروابط الإنفعالية القوية لديهم فرصة أعظم لتحقيق التواصل النفسي فوق الطبيعي ، او مايسمى (الوعي فوق الحسي ) ” ، وان كان الوالدان أشد قربا الى هذا الأحساس الذي يربطهما بأولادهم وإنْ كانوا على بعد مسافات شاسعة عنهم ، ويشعرهما بأي خطر داهم ، أو همٍ قائم ، أو راحة وفرح يحيط بأولادهم ، فإن للأشقاء والشقيقات نصيب منها ، تلك الإنفعالية القوية ، وكل هذه الصفات الخَلقية ، وظروف الحياة المتطابقة ، والكنز الأعظم المشترك ( الوالدان )،أسباب في غاية الأهمية لتكون محبة الأخوة والأخوات أمرا بديهيا ، لاغنى لنا عنه ، مهما فارقت بيننا أسباب الحياة ، وجرحت عواطفنا القساوة والأطماع والتقلبات ، فهي ركن شديد نأوي إليه في الأتراح والملمّات .

شهرزاد : تتحدث دائما عن وصفات مثالية لعلاقة يفتقد إليها الكثيرون ، وطالما سمعتُ أناسا يقولون : ( أخي في الهوية فقط ) ، لكنني أتساءل : هل يكفي ماذكرتَهُ لدوام المحبة مع الأشقاء والشقيقات ؟.

شهريار : نحن نعيش معاً في بيت واحد ، وقد نتنافس على كل شيء من دافع ( الأنا) ، حتى على محبة والدينا ، وليس غريبا أن يحدث جدل أو خصام بين شقيقين أو شقيقتين ، او شقيق وشقيقته ، ولا يختصر ذلك على مراحل العمر المبكرة ، بل إن الأمر قد يمتد الى آخر أيام حياتنا ، وأسوأ تنافس ذلك الذي يقطع حبال المودة حينما يجلس ( الإخوة والأخوات ) لتقاسم الإرث ، وكم ضيّعتْ الدنيا روابط الأخوة المقدسة تحت طاولة المال ؟ ، عجبا كل العجب أن النفوس المتكاتفة المتحابة والمترابطة بكل تلك المعاني المقدسة تبيع كل شيء مقابل (غنيمة فاسدة) تظلم بها تاريخها وأصولها ، وذكرياتها ، وأحلام طفولتها ، وحتى جيناتها ودماءها !.

في صباي كنت أحضر مع والدتي مناسبات عائلية في منزل أحد أخوالي او خالاتي ،وطالما ساورني العجب العجاب وأنا أرى أثنين منهما لا يسلمان على بعضهما ، فأسأل أمي : ماسبب هذه القطيعة ؟! .

ولا أذكر مرة إنني حصلت على إجابة وافية ، وعندما كبرتُ إنهالت عليّ الردود المقنعة من كل صوب ، إنها (الأنا المتعالية) ياشهرزاد ، تطيح بكل ماسواها ، وأنها لتجد السبيل الى القلوب أسرع حينما نتحدث عن علاقة (مفروضة) مهما علا شأنها وسمتْ صفاتها.

شهرزاد : وكيف السبيل يارجل المحبة إذا كانت (الأنا المتعالية) تهدم معاني الأخوة بين الأشقاء والشقيقات؟ .

شهريار : هذا حديث طويل وسأجيبك في المرة المقبلة

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

للتواصل مع الكاتب : [email protected]

صفحة 1 من إجمالي 2