22 نوفمبر، 2024 5:52 م
Search
Close this search box.

من وحي الثاني من آب/1990 ــ غزو الكويت

من وحي الثاني من آب/1990 ــ غزو الكويت

في الثاني من آب 1990 حقق صدام حسين لأمريكا وإسرائيل موطئ قدم تحلمان به ، بأن تأتي الولايات المتحدة الأمريكية بمباركة دول الخليج العربية ، بقواتها وجيوشها ، وهي تحمل لواء التحرير، وما كان هذا ليحدث لولا قيام صدام حسين بتأهيل الظروف القانونية الدولية لهكذا تواجد،من خلال غزوه للكويت. إذن ؛ غزو صدام للكويت مؤامرة أمريكية ـ إسرائيلية بطلها صدام حسين ، وعناصر جريمتها حكام عرب ، حتى وإن تظاهروا بالضرر السياسي ، إلا أنهم عناصر فاعلون في تحقيق هذا الحلم الأمريكي.

ولا أظن أن خروج الشيخ جابر وحكومة الكويت بتلك العجالة ، مالم يكن رهيناً بضوء أخضرَ من الولايات المتحدة يؤشر بمغادرة الكويت ، وكأنهم على موعد مع الهروب ، وكأن أمريكا قد طمأنت الشيخ جابر بأنه راجعٌ وإن صدام سيخرج لا محالة !

البعض يروق له أن يصفها بنظرية المؤامرة ؛ وأنا ـ بتواضعي ـ أؤيد هكذا وصف ، فقد شهدت الأحداث التي سبقت غزو الكويت تداعيات فعّلت الظروف وشجّعت عليها وصعّدتها بالمنطقة، كالمشاحنات بين عزة الدوري والشيخ سعد في قمة المملكة السعودية ، والإهانات العِرْضيّة التي تعرّض لها العراق من الجانب الكويتي ، وكأن الكل (ترنتي إبن ترنتي) . ولا نعلم مَنْ غير (( أمريكا)) أتاحت لصدام حسين أن يرسل بنائبه الأول ليتفوّه بالكلام الخطير والوقح ضد الكويت وحكومتها ، مالم يكن (مسنوداً) . كما أن الشيخ سعد قد تفوّه بكلمات وقحة أيضا تجاه الحكومة العراقية في المؤتمر أيضا، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على تسلم الطرفان ضوءً أخضرَ ، يهدف إلى تصعيد الأزمة السياسية بين العراق والكويت .. بين الحكومة العراقية وبين الحكومة الكويتية .. بين صدام حسين والشيخ جابر الذي قلـّده صدام حسين بالأمس القريب (قلادة ذهبية) تعبيراً عن المحبة والمؤازرة .

إذن؛ بعد أنْ وجدت أمريكا بأنَّ الحرب بين إيران والعراق التي استغرقت ثمان سنوات من النزيف البشري والإقتصادي ، لم تفلح في إسقاط جمهورية إيران الإسلامية ، فلم تنجح كافة المؤامرات ، ولم تنجح كافة الإنزالات ، ولم تستطع منظمة منافقي خلق الإرهابية أن تحدث شيئاً على أرض الواقع السياسي والعسكري.. لا من داخل الحدود الإيرانية ولا من خارجها .. ما أعانها صدام حسين على ذلك من سبيل .

ولعلـّي أتساءلُ ؛ بماذا نفسّر دخول دولة كالعراق بحرب بينها وبين دولة جارة أخرى ، وهي قد خرجت توّاً من حرب خاسرة بينها وبين دولة جارة سابقة ؟!!!

فالحرب بين العراق وإيران بدأت فعلاً بتاريخ 22/9/1980 وانتهت فعلاً بتاريخ 8/8/1988. وماهي إلا سنتان ؛ وإذا بالعراق يخوض حرباً خطيرة بينه وبين الكويت .. الكويت التي كانت بالأمس محمية بريطانيا العظمى (المدللة) .. كويت البترول الأمريكي .. الكويت البقرة الحلوب ، فكيف يعقل صدام حسين من هكذا ((كويت)) أن تصبح المحافظة العراقية التاسعة عشر .. كيف يعقل صدام حسين أن يعود الفرع للأصل ، ثم أي أصل وأي فرع ، والكويت معترف بها دولياً كدولة ذات سيادة وعلم

وحكومة ، والعراق من الموقعين على هذا الإعتراف الموثق في الأمم المتحدة ، ولها سفراؤها في بغداد نفسها والعالم أجمع !!!؟

ومن ثم ؛ كيف تستطيع دولة نامية ، لا تمتلك التكنولوجيا العسكرية .. مكبلة بالديون إلى دول صناعية كثيرة كفرنسا وألمانيا والإتحاد السوفياتي والصين وغيرها ، بسبب حرب الثمان سنوات ، كيف لها أن تدخل حرباً جديدة مع دولة جارة أخرى ، مالم يكن صدام حسين متيقناً بالخسارة العسكرية المتبوعة بربحية اعتبارية أو تكليف وظيفي لعمالة أوصلته إلى السلطة عام 68 حسبما جاء على لسان مسؤوله الحزبي علي صالح السعدي بأنهم جاءوا بقطار أمريكي ، أو كما جاء على لسان رامز كلارك وزير العدل المريكي الأسبق في كتابه (النار هذه المرة) بأن المخابرات البريطانية أوصلت البعثيين إلى السلطة عام 63 .. إلخ ، ومالم يكن صدام حسين موجّه كالروبوت .. مرة لحرب ضد إيران ، وأخرى ضد الكويت ..

ورحم الله حَبْرَ الأمّة محمد بن العباس بن عبدالمطلب(رض) :

(( تبغلتِ .. تجمّلت ِ، ولو عشتِ تفيّـلت ِ …)) !!!

وإلا ؛ فبماذا نفسّر كلام صدام حسين (( لقد غدر الغادرون)) ، مالم يكن هنالك وعد قطعته أمريكا لصدام بأن تعطيه ((ملك الري)) .. (( الكويت))، عندما يُضعف إيران عسكرياً وينهكها اقتصادياً .

إذن ليس أمامنا إلا أن نذعن إلى الدوافع والأسباب التي دعت الولايات الأمريكية في أن تدفع صدام حسين إلى غزو الكويت ، كي يكون لها موطئ قدم بمنطقة الخليج (العربي ـ الفارسي) . ولعل أهمها مايلي :

1/ إسقاط إيران الإسلامية ومشروعها العالمي نحو قيام معسكر إسلامي. 2/ إستمرار دولة إسرائيل والحفاظ على أمنها وسلامة وجودها.

لأنَّ الكل يعرف جلياً ؛ بأنه لا يحق لأمريكا إطلاقاً أن تدخل مياه الخليج (العربي ـ الفارسي) ،مالم تكن هنالك مباركة من قبل شعوب وحكومات المنطقة ، وهذا ما دعا أمريكا إلى تكليف أو مخادعة صدام حسين بأن يشن غزوه على الكويت ، وهو لم يمتلك أيّاً من مقومات الحرب، لكونه منهكاً عسكرياًُ واقتصادياً ، جرّاء حرب أشعلها مع إيران ، خاسرها خاسر ورابحها خاسر ، لأنها حربٌ تقتل المسلمين بالمسلمين ، وتستهلك اقتصادهم ، وتوجّه فوهات البنادق العربية المسلمة نحو قلوب الأهل من الأهل ، بدلاً من أن تتوجه لتحرير فلسطين .. أولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشريفين . نتيجة لتلكم الثقافة القذرة التي شجّعت عليها أمريكا طالبانَ في أفغانستان ضد الحزب الشيوعي الأفغاني لنظام بابراك كامل، والتي وضّفتها من بعد لتكون أداة قاعدية يشوّه بها وجه الإسلام السمح في أنظار العالم الذي تقارب مع الإسلام خلال سبعينات القرن الماضي، ومن ثم صارت أداة داعشية في الشام والعراق معاً . ولمّا يزل السلاح أمريكياً ، ولمّا يزل القتال إسلامياً ـ إسلاميا ، ولمّا يزل الصراع إسلامياً ـ إسلاميا ، ولمّا تزل إسرائيل قائمة ، ولمّا تزل تقترف جرائمها منذ مذابح دير ياسين مروراً بصبرا وشاتيلا وقانا وتموز حتى غزة الأمس واليوم ، ولمّا تزل جمهورية إيران الإسلامية (الفارسية الصفوية) ترفع صوتها (العربي المسلم) في كل آخر جمعة من شهر رمضان ، مكبّرة بسم الله الرحمن الرحيم ( الموت لأمريكا .. الموت للأنكليز .. الموت لإسرائيل) ، وهاهي بريطانيا التي أعلنت اليوم تجهيزها لإسرائيل بالتسليح البريطاني ، وهي التي أسست أساس الظلم

والجور من خلال وعد وزير خارجيتها بلفور المشؤوم عام 1917، وها هي الولايات المتحدة التي تدعم مشروع القبة الفولاذية الإسرائيلية بملايين الدولارات ، إزاء صمت عربي ـ إسلامي منشغل بقضاياه الداخلية التي لا شيء يجنيه منها إلا تقتيل الجماهير تحت ظلال سيوف الخريف العربي وخطب التغيير البائس هنا وهناك .. من المحيط على الخليج .. من نجد س إلى عدن ٍ ، ومن مصر لبغدان ِ !!!

والله من وراء القصد ؛؛؛

أما الأسباب الإستراتيجية لهذا التواجد: 1/ إسقاط إيران الإسلامية ومشروعها العالمي نحو قيام معسكر إسلامي. 2/ إستمرار دولة إسرائيل والحفاظ على أمنها وسلامة وجودها

أحدث المقالات