23 ديسمبر، 2024 1:28 ص

من هو كاشف الفساد …؟..

من هو كاشف الفساد …؟..

لا يحتاج كشف الفساد الى ( غواصين ماهرين ) ، ولا الى ( منقبين محترفين ) فهو ظاهر على السطح ،ويجري التعامل به على المكشوف .. ولذلك ليس الأمر بحاجة الى ( أن يتعب الصحفيون أنفسهم ) ، وبالذات الصحفيون الاستقصائيون ، أو من يُطلق عليهم ( المنقبون عن الفساد ) في التنقيب عنه ، أوالكتابة فيه ، وكأنهم يبحثون عن أبرة في ( كوم من القش ) كما يقال ، فهو ( واضح للعيان ، ولا يحتاج الى برهان )…
0 – والشارع – هو ( كاشف الفساد ) الأول – وفيه ما يكفي من الادلة التي تغني عن الاستقصاء ، ولا تحتاج الى متابعة واحصاء ، وتعلن الاشياء عن نفسها بنفسها …
0 – ولا ننسى أننا في بلد أصبح فيه الفساد ثقافة ، والاتهام في الفساد طبيعيا ، ومن اسلحة السياسة ، ومثول السياسيين ، ومنهم كبار ، أمام القضاء في تهم تمس الذمة والامانة والشرف والنزاهة واستغلال المنصب والنفوذ من أجل الاستحواذ على المال العام مسألة روتينية وعادية جدا ، ولا تبعث على ( الخجل ) أو ( يتوارى
) صاحبها عن الانظار وعدم الظهور أمام الناس … ناهيك عن قضايا الفساد التي يكشفها السياسيون أنفسهم ، والاتهامات لبعضهم ( حقا او باطلا ) ، وقد يكون من بينها ، ما لا يستطيع أن يصل اليه ، او يكشفه ( المنقبون عن الفساد ) من الصحفيين ، أو يأخذ منهم الكثير من الجهد والوقت ، أو يعرضهم للخطر ، ولا يمكن أن يُعرف ذلك لولا تطوع المعنيين به لإعلانه ، بعد أن حان آوانه ، لحاجة في نفس معلنه…
0 – والمواطن ليس بحاجة الى من يخبره عن هذا الفساد ويكشفه له … فانه يراه في الشوارع ( المحفرة ) والاوساخ المكدسة والارصفة ( المهدمة ) ، و( الخدمات البائسة ) .. فهل يتناسب هذا المستوى من الخدمات في المرافق المختلفة ، مع الموازنات الكبيرة على مدى السنوات الماضية ، والى الأن نعمل بنظام البرمجة في الكهرباء مثلا.. 0 – والنظام في الشارع هو الأخر يعكس مستوى قوة القانون ، أو ضعفه ، والانفلات والفوضى هو نوع من الفساد ، وله تبعات مادية على المواطن لما له من تأثير كبير في تأخير إنجاز أعماله ، وتبعات نفسية وصحية عليه ، بينما تمر مواكب المسؤولين براحة ويسر .. فلماذا هذه الازدواجية ..؟.. فهل يستطيع شرطي المرور مثلا أن يوقف موكب المسؤول إذا إرتكب مخالفة مرورية في الشارع ، أم اننا نعيش في بلد ( نظيف ) من المخالفات .. وامنية
الاماني أن نقرأ أو نسمع يوما أن شرطي المرور سجل غرامة مرورية على مسؤول كبير ، كما فعل شرطي المرور في لندن عندما حرر مخالفة مرورية ضد رئيس الوزراء البريطاني ( تشرشل ) مثلا ، بعد أن إجتاز اشارة الوقوف المرورية ، لانه كان على عجلة من أمره للوصول الى اجتماع للقيادة العسكرية ، وعندما إستدعى الشرطي لتعريفه بنفسه حرر له مخالفة أخرى ، لانه رئيس وزراء ، ويفترض أن يكون قدوة للاخرين من المواطنين وحامي النظام والقانون ..والعهدة على من روى هذه ( الحكاية ) … هكذا تبنى الدول ، وتصان الاوطان ، ويحترم القانون ، ويسود العدل والنظام والأمان ، ويسعد الانسان …
* بهذه المضامين وردتني رسالة علق فيها مرسلها على مقال لي نشر بتاريخ السابع من آب الجاري بعنوان ( من هم المنقبون عن الفساد ..؟.. ) …
* رسالة واضحة لا تحتاج الى تعليق ، لكني أؤكد مرة أخرى مضمون مقالي السابق .. فهذه المضامين في الرسالة تعزز وجهة النظر في الحاجة الى الصحافة الاستقصائية في كل الظروف والاحوال .. ووجود الفساد بهذا المستوى ، الظاهر على السطح وتبادل الاتهامات بين السياسيين وضياع الاموال بسببه يدفع (
المنقبين عن الفساد ) أكثر الى تتبع تلك الظاهرة الخطيرة ، والغوص في أعماقها البعيدة ، لمعرفة تفاصيلها ، والوقوف على ( ابطالها ) ، لكي لا يكون الكلام بالعموم ، أوضد مجهول … وبذلك تكون للصحافة الاستقصائية اسهامة كبيرة في التخلص من هذه الظاهرة ، وتسجل لها علامة ودلالة في هذه المرحلة الخطيرة