امام اكبر تخصيصات مالية في الموازنات الاتحادية ،السابقة والحالية ، حسب القطاعات ، حظي قطاع الأمن والدفاع ، قياسا لبقية القطاعات ، مثل قطاع التعليم والصحة والاسكان، بالحصة الاكبر ، من هذه التخصيصات. فقد بلغ مجموعها في موازنات الاعوام الخمسة من 2009 لغاية 2013 قرابة (75 ترليون دينار عراقي )، وإذا ما أضيف إليها السنوات التي سبقت عام 2009 قد تصل التخصيصات قرابة ( 100 تريليون دينار عراقي ). واذا اراد المرء ان يحسبها على سعر الدولار فيصل الرقم الى ( 80 مليار دولار) تقريبا, تخيلوا.. يا للهول والفزع من ضخامة هذا الرقم !! من اجل توفير الأمن غير المتوفر أصلا؟ وتأتي تخصيصات هذا القطاع مباشرة بعد ميزانية قطاع الطاقة . فقط للمعلومات ، ان تخصيصات قطاع الامن والدفاع في ميزانية هذا العام بلغت 19 ترليون دينار تقريبا أي ( 17 مليار ) فقط لهذه السنة ؟
هذا من جانب ، ومن جانب اخر ، فقد بلغ عديد منتسبي قطاع الامن والدفاع قرابة المليون منتسب وهذا العدد يعادل اكثر من( ثلث منتسبي وزارات الدولة العراقية كافة ) تخيلوا .. اكثر من ثلث عدد منتسبي القطاع العام ، لحمايتنا من الارهاب وتوفير الامن للفرد والاسرة العراقية .. ولا حماية ولا امن و لا هم يحزنون!!
وفي ما يتعلق بمحاربة الارهاب ، منذ الاحتلال ولغاية اليوم ، لدينا وسائل اعلام على مدار السنوات الماضية تكتب وتتحدث, وتعرض بالصوت والصورة والأرقام, عن مقتل الآلاف من الإرهابيين المفترضين واعتقال الآلاف المؤلفة منهم، إذا أردنا جمع الأرقام المطروحة فتكون لدينا حصيلة تقدرية بوجد اكثرمن (150الف ) ما بين قتيل ومعتقل ، طبعا بينهم قادة كبار من الصفوف الأولى والثانية ، هذا ما تذكره وسائل الاعلام ، اعتمادا على تصريحات وبيانات الجهات المختصة ، فكم يبلغ عدد الارهابيين قياسا لمجموع سكان العراق ، باستثناء كلا من إقليم كردستان الذي ينعم، والحمد لله ، اهله بالامان والعيش الرغيد نتيجة حكمة ونضوج قادته السياسيين ، ومحافظات الجنوب والوسط واكثر من نصف سكان محافظة بغداد ، على رغم من مرور عشرة سنوات على محاربتهم وقتل واعتقال أعداد كبيرة منهم ، لا يزال الارهاب يسرح ويمرح ليومنا هذا . اذن ، من هؤلاء الذين قتلوا واعتقلوا ؟. وقيل سابقا : حدث العاقل بما لا يعقل فأن صدق فلا عقل له.
بالمقابل في نفس السنوات الماضية ، حينما كان قطاع الامن والدفاع يتمتع بكل هذا الدعم المالي والمادي والمعنوي والإعلامي ، كان الشعب العراقي ينزف انهر من الدماء الزكية ، وكانت الأشلاء تتقطع والأحشاء تتمزق ، فالقتل اثكل الولدين العراقيين وأعطانا جيش من النساء الارمل ، الاطفال الايتام ، والمعوقين، وعليه يصل عدد هؤلاء الضحايا الى ما يقارب المليون ضحية ،ارقام مرعبة امام تخصصات مالية واعداد منتسبين مرعب ايضا ، وهذه المسميات للضحايا اصبحت صفة لصيقة لاغلب العوائل العراقية . هات لي عائلة عراقية لم تفقد لها ولدا أو قريبا أو لم تترمل لها امرأة أو أصبح لديها يتيم أو معاق من قريب او بعيد ؟
اليوم ، من جديد ، نشهد ان هناك عودة لظاهرة القتل المجاني لكائن اسمه عراقي . فعشرات السيارات تنفجر يوميا ومئات الشهداء والجرحى، مع عودة نشاط المليشيات الطائفية النائمة ، ونزولها الى الشارع ، أمام مرأى السيطرات الأمنية المنتشرة بكثافة ، لتقتل على الهوية ، محاولة منها لجر القاتل الآخر الى نفس اللعبة القذرة ، هذا ان لم تكن هي نفسها الميليشيا التي تقتل هنا باسم الطائفة الفلانية ومن ثم تحرك عرباتها وكواتمها لتتجه ، صوب المنطقة الاخرى ، لتقتل ايضا ، لكن باسم الطائفة الثانية وهكذا . ويعتقد بعض المراقبين بهذا الشأن ان هذه الميليشيات قد تكون مدعومة ولديها غطاء ، هويات تعريفية ، من بعض الذين يتقلدون مناصب حساسة جدا في السلطة .
كيف يقع جميع هذا البلاء وهذه المصائب ؟ على الرغم من تلك التخصيصات المالية االضخمة جدا مع أعداد المنتسبين العاملين في قطاعي الأمن والدفاع و التي تصل أعدادهم قرابة المليون منتسب ؟ أين هم المليون جندي وضابط ، واين هي عشرات الترليونات التي صرفت.. اين هي ؟ والاخيرة كبيرة كبر وجع والم ونزيف الدم العراقي ؟ لقد حولت مناطق بغداد والمحافظات الى ثكنات عسكرية يصعب التحرك فيها من دون ان تمر على سيطرات التفتيش كل نصف كيلو متر ، وفي بعض الاحيان اقل من ذلك ؟ بينما نرى الموت يتبختر أمامها و يجتازها بكل سهولة ، كيف تتحرك هذه المجاميع بكل رشاقة، تفجر هنا وأخرى تغتال بكواتم الصوت هناك، وغيرهما يخطف ويصفي على الهوية بدم بارد؟
الان، ينبغي ان نبحث عن” الاصبع الشرير” الذي يضغط على زر الموت ، وتذهب خدمات المليون مغوار و عشرات الترليونات تدفع كرواتب وتجهيزات هباء منثور ، ليخطف العراقيين المساكين بكل بشاعة واستهتار ، وهو يقهقه بضحكات عالية . هذا الاصبع نفسه كان يعمل على قتل العراقيين بلذة قبل عدة اعوام .
يلمح لنا البعض ، ان عددهم بعدد اصابع اليد الواحدة ، من اصحاب القرارالامني ، ممن يعرفون من هو صاحب هذا الاصبع وفي اي ، بلد ، يجلس ، لكنهم لا يستطعون البوح خوفا على حياتهم اولا ، وثانيا، حفاظا على مكاسب مناصبهم المادية والمعنوية ؟ لذا هم يقولون أننا عاجزون وخططنا عاجزة عن ايقاف هذا الاصبع ، لماذا ؟ لان صاحبه هو سيد القرار الامني الاول والاخير في العراق، بالرغم من انه يجلس على كرسي دوار، قريبا من حدودنا ؟ فهل عرفتم من هو ؟