أرست “وزارة التعليم العالي والبحث العلمي” في العراق عددًا من التقاليد الاعتبارية المفيدة، التي يمكن تعميمها على الجامعات من هو (الأستاذ الأول)؟العربية، حسب حاجاتها وأولويات اهتماماتها، ومن هذه التقاليد التي طالما أثلجت قلبي (نظرًا لفائدتها الاعتبارية والمادية)، يتجسد أمامنا تقليد “الأستاذ الأول”.
الفكرة في الأصل تتجلَّى بالرغبة في تكريم الأستاذ الذي يستحق اللقب أعلاه اعتباريًّا، على أقل تقدير. لذا، تعمد القيادات الجامعية في رئاسات الجامعات والكليات على إعمام لجميع الكليات والمعاهد كي تختار من بين صفوفها “الأستاذ الأول” في تلك الكلية أو المعهد، تأسيسًا على معايير يمكن لوزارة التعليم العالي اعتمادها وتعميمها.
ونظرًا للأهمية المعنوية لهذا اللقب المهم، ليس فقط على مستوى الجامعات، ولكن كذلك على مستوى الجامعات، تقوم كل كلية أو كل معهد بانتقاء واحد من الأساتذة الجهابذة العاملين “أستاذًا أوَّل”، وذلك بالارتكان إلى طول الخدمة (بمرتبة أستاذ) وإلى التفاني في العمل الأكاديمي والبحثي ونكران الذات، ناهيك عن التقييمات السنوية التي تقدمها اللجان العلمية، مشفوعة بتقييمات الطلبة لأساتذتهم (بوصف الطلاب الأكثر معرفة بالأستاذ وبطرائقه في إيصال المادة العلمية لتلاميذه. وتدخل بضمن هذه التقييمات استعداد الأستاذ أو الأساتذة على التعاون ومساعدة الآخرين للتنسيق مع الزملاء ومع القيادات الجامعية لصالح المجتمع من خلال المؤسسة الأكاديمية بأسرها.
زد على ذلك كله، تأتي معايير تقييم “الأستاذ الأول” إلى اعتماد ما قدمه هذا الأستاذ المتميز والرفيع المستوى، إلى المجتمع والمؤسسات الحكومية: فما فائدة الأستاذ الأكاديمي إذا لم يسخر معارفه ويستثمر خبراته لخدمة المجتمع أو لرفد بعض المؤسسات الوطنية التي تصب في الخدمة العامة في نهاية المطاف.
وهنا تتجسد شعارات من نوع “الجامعة في خدمة المجتمع”: فبدون ما تقدمه المؤسسة الأكاديمية للإناء الاجتماعي الذي تحيا بداخله لا يمكن الادعاء بضرورة وجود وإبقاء وتكاثر الجامعات والمعاهد المتخصصة، نظرًا لأهميتها في بناء أي بلد كان.
وأهم مما تقدم كله، هو يأتي ما حصل في المؤسسات الأكاديمية العسكرية و”الشرطوية” من اعتماد لهذا التقليد المفيد الذي يضمن لحملة الشهادات العليا العاملين في مختلف القطاعات أهدافًا أكاديمية سامية تستحق العمل والتضحية.