18 ديسمبر، 2024 6:47 م

من كتب السيرة للأطباء العراقيين قراءة في كتاب “عبقري الجراحة في العراق”

من كتب السيرة للأطباء العراقيين قراءة في كتاب “عبقري الجراحة في العراق”

صدر في شهر كانون الثاني 2021 عن دار أقلام للنشر في بريطانيا كتاب “عبقري الجراحة في العراق..في سيرة حياة الدكتور زهير رؤوف البحراني” لمؤلفه الدكتور عامر هشام الصفّار والذي أهداه الى الكلية الطبية الأم في العراق-كلية الطب بجامعة بغداد-، ففي الكتاب الكثير من الحقائق التاريخية عن مسيرة الطب والصحة في عراق القرن العشرين، والتي يمكن أن تكون دروسا وعبرا لكل قاريء وخاصة لمن يهتم بالطب والصحة.
وقد جاء الكتاب ب 264 صفحة من الحجم الكبير، وبطباعة فاخرة، وبغلاف معبّر توسطته صورة الراحل صاحب السيرة د. زهير البحراني، في حين أحتوى الغلاف الأخير للكتاب على مقتطفات مما كتبه أساتذة الطب العراقي بشأن الراحل الجرّاح البحراني والذي توفي في لندن عام 2019.
وقد أهتم كتاب عبقري الجراحة، والذي يأتي ضمن أدبيات كتب “السيرة الغيرية”، بتفاصيل تخص مراحل حياة الدكتور زهير البحراني وتاريخ أسرة البحارنة، مفصّلا في النشأة الأولى، والحال السياسي الذي كان عليه العراق منذ بدايات الدولة العراقية عام 1921 حتى سنوات نهايات الأربعينيات، حيث درس البحراني علوم الطب في كلية الطب بجامعة بغداد، والتي تخرج منها عام 1955. ثم يعرض الكتاب لمسيرة الدراسات العليا للبحراني في بريطانيا، وعودته للعراق جرّاحا أستشاريا ومدرّسا للطب في الكلية الطبية ببغداد، وذلك في عام 1964 وحتى أحالته على التقاعد عام 1979. كما عرض الكتاب بالتفصيل للسيرة العلمية الأبداعية الطبية والجراحية للدكتور زهير البحراني، وطبيعة الحالات المرضية التي تعامل معها، ودلالاتها في تطور الخدمات الصحية في عراق السبعينيات وما بعد ذلك، وصولا لسنوات الحصار الأقتصادي الجائر على العراق، ومعاناة الأطباء ومرضاهم من آثار هذا الحصار مما فصّل فيه الكتاب.
وكان لابد للمؤلف من أن يعرض تفصيلا لبعض بحوث الأستاذ الراحل في الطب والجراحة، ولطبيعة منهجه العلمي المتميز، والذي مكنّه من أن يتبوأ مكانته المرموقة على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، فكان القدوة الصالحة للأطباء ولطلبة الطب في كل مكان. وقد عكست شهادات أساتذة الطب العراقيين المعروفين بحق زميلهم البحراني -والتي نشرت في الكتاب- روح الوفاء والمحبة الصادقة له، أضافة الى رصدها لتفاصيل السلوك المهني البحثي للأستاذ زهير مما شهد به القاصي والداني.
مرض ألتهاب القولون والعلاج الجراحي
لقد كان الباحث الجرّاح البحراني حريصا على أن يستقرأ الدلالات الأجتماعية والديموغرافية والنفسية التي تدل عليها نتائج بحوثه، فيفيد المجتمع ومنظماته المدنية والتي تهتم بشؤون الناس كما يجب أن يكون.. لقد عالج الدكتور زهير البحراني 1184 حالة ألتهاب قولون تقرحي مما حلّله ودرسه في بحث ضمّه كتابه الخاص بمجموعة بحوثه الطبية الجراحية والمنشورة في كبريات المجلات الطبية العالمية. فقد لاحظ البحراني في بحثه هذا مثلا أن مرض ألتهاب القولون التقرحي أنما يزيد ظهوره بين الأشخاص في أعمار تتراوح بين 30-39 عاما.. كما كانت نسبة الثلثين من المرضى من المتزوجين، في حين كانت نسبة أصابة العرب الى الكرد بين المرضى تقرب من 14 عربيا مريضا مقابل كردي واحد.
مرض السل في أمعاء العراقيين
وفي بحث د. البحراني والمنشور في مجلة الجراحة العالمية الصادرة عام 1982 حول مرض السل في أمعاء العراقيين، بيّن الباحث أن ما يقرب من نصف المرضى أنما تموضع السل في أمعائهم الدقيقة. ويذكر البحراني أن أعراض هذا المرض -أي السل- تختلف بأختلاف مراحله وطبيعته في الأمعاء. وقد تكون أعراض مرض سل الأمعاء شبيهة بأعراض أمراض أخرى، ومنها الأورام اللمفية في الأمعاء مما يتطلب مهارة طبية في التشخيص وثم العلاج.
شهادة الزملاء
وفي الفصل الخاص ب “شهادات بحق الأستاذ البحراني” أورد المؤلف على لسان الدكتور تحسين السليم/أستشاري علم الأمراض وزميل الأستاذ البحراني في كلية الطب ومدينة الطب ببغداد قوله:
“تعرّفت على الدكتور زهير البحراني عند عودتي الى الوطن وتعييني في فرع علم الأمراض في كلية الطب بجامعة بغداد عام 1970. كنت أرى الدكتور زهير وهو يأتي بالنماذج النسيجية لمرضاه بنفسه الى المختبر، حيث كان مهتما جدا بمرض أورام اللفموما في المعدة والأمعاء والمنتشرة في العراق. كان البحراني يهتم بالتفاصيل، ويجلس معنا بنفسه على المجهر ليعرف تغيرات النسيج المريض وصفات الأورام الخبيثة. وقد أكتشفنا بعد زمن من العمل المشترك أن لمفوما الأمعاء الدقيقة في العراق تصيب أجزاءا طويلة من الأمعاء، لذا لم يكن بالأمكان قطعها بالكامل، فأتفقنا أن يقص الأجزاء التي يكون الورم قد تطور فيها من الخلية الصغيرة الى لمفوما الخلايا الكبيرة الأكثر شراسة.
وينقل الكتاب شهادة أخرى للدكتور الجرّاح العراقي المعروف عبد الهادي الخليلي بشأن زميله البحراني حيث يقول: لقد كان لي الشرف في عام 2003 في المساهمة معه ومع مجموعة تضم 12 أستاذا من رموز العلم والكفاءة من داخل العراق وخارجه، بأستحداث الأكاديمية العلمية الوطنية العراقية.
لقد أحتوى كتاب “عبقري الجراحة في العراق” كذلك على فصل خاص فيه ما يربو على التسعين صورة من الصور النادرة، والتي توثق لحياة الأستاذ الراحل زهير البحراني، ولحياة زوجته الراحلة الدكتورة أستشارية النسائية والتوليد فائدة رشيد كابان.
ومن عناوين فصول الكتاب الأخرى:
-قانون تفرغ الأطباء في مؤسسات التعليم العالي
-الطبيب والسياسي
-حادث خطف الدكتورأحسان (وهو الدكتور أحسان البحراني/أستشاري أمراض القلب/ شقيق د. زهير والذي تم أختطافه في عام 2005 ببغداد).
-أمير الجراحة وأخلاقيات العمل. أضافة الى فصول اخرى مهمة.
أن دراسة كتب السيرة الذاتية للأطباء العراقيين لابد لها من أن تغني مسيرة التوثيق التاريخي للدولة العراقية بما يفيد رجل العلم والتاريخ في في أستنتاج الدروس المفيدة من الماضي وصولا لبناء مستقبل أفضل للعراق ولأبنائه.
يمكنكم الحصول على نسختكم من الكتاب على الموقع التالي:
www.aqlam.co.uk