تمر في هذة الايام ذكرى اليمة على المسلمين كافة وهي استشهاد سيدنا الحسين رضي الله عنة، لذلك لابد وان نعرف تفاصيل مقتله من خلال كتابات اهل العلم ومن ائمة الشيعة انفسهم لنعلم من قتل الحسين وما هي الدروس والعبر من استشهاده، أي بعدما حصل هذا الحدث الرهيب في العاشر من محرم سنة ستين من الهجرة وهو يوم استشهاد سيد الشهداء جدنا الامام ابو عبد اللة الحسين بن علي بن ابي طالب “رضي” وقد كثر في قصة مقتله التلفيق والنفاق والكذب والتزوير حتى أضاعوا على الناس الحقيقة فلا بد من استذكار وقائع هذة المناسبة واستخلاص منها العبر حتى لا يزوَر الطارئون على الاسلام ومدعية حقائق التاريخ فنحن احق بجدنا الحسين في ان نخلد ذكراة وسيرتة العطرة ولا احد يستطيع ان يزايد علينا حب جدنا الحسين بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات، وتميعها بمضاهر الجاهلية التي تقلل من قيمة هذة المناسبة العظيمة.
ان قصة استشهاد سيدنا الحسين تبدأ من يوم استشهاد سيدنا على بن ابي طالب (كرم اللة وجهة) في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان في عام اربعين للهجرة بطعنة من عبد الرحمن بن ملجم احد المجرمين الخوارج، وكانوا الخوارج من شيعة علي “رضي” ولما تراضى علي ومعاوية الى الاحتكام خرجت هذة الطائفة وكفرت علي “رضي” وكفرت معاوية وكفرت جمهرة من صحابة الرسول (ص) فقاتلهم علي “رضي”. ويقول الصحابي الجليل ابو سعيد الخدري “رضي” (واللة أشهد ان علي “رضي”هو الذي قاتل هذة الطائفة وكنت معة). وعندما كان علي “رضي” على فراش الموت وقالوا لة استخلف بعدك فقال ” لا استخلف واترككم كما تركم رسول اللة (ص) فأن اجتمع الناس على خيركم بعدي يكون هو، مثلما اجتمع الناس على خير الناس بعد الرسول (ص). وباستشهاده بكى علية الصحابة لان المسلمين فقدوا حلمة وعلمة وفضلة وسوابق خيره “رضي”. وبعد وفاتة ترك الامر شورى بين المسلمين، وفي السابع عشر من رمضان سنة اربعين للهجرة بايع المسلمون الحسن اكبر ولدي علي “رضي” والحسن مولود عام ثلاثة من الهجرة والحسين مولود بعدة بعام اي في العام الرابع من الهجرة، وكما قال جعفر الصادق “رضي” بينهما ظهر واحد. فلما مات النبي (ص) كان عمر الحسن ست سنوات وستة شهور، والحسين كان عمرة خمس سنوات وخمسة شهور، ولكن الحسن كانت تحفر في ذاكرتة حديث النبي (ص) الذي يقول فية “ان ابني هذا سيد وان اللة سيصلح بة بين فئتين عظيمتين من المسلمين” ويقول بعض السلف ان كلمة فئتين عظيمتين من المسلمين والذي حدث بينهما خلاف لم يخرجهم من حظيرة الاسلام لذلك يقول ابن الجوزي من مناقب الامام احمد ابن حنبل رحمة اللة انة قال: من صفة المؤمن ان يشهد الا الة الا اللة لا شريك لة وان محمدا عبدة ورسولة.. وكان النبي (ص) يخص الحسن والحسين محبة خاصة وكان (ص) يغضب من فاطمة “رضي” اذا سمع بكائهما وقد انتقلت هذة المحبة الى اصحاب الرسول (ص) لهما فقد ثبت ان ابي بكر الصديق “رضي” لما رأى الحسن يلعب مع الغلمان فجاء الية واعتنقة وقبلة واركبة على عاتقة، وكانوا الصحابة ايضا يحبون الحسن والحسين وسائر الصالحين من آل البيت على حب النبي (ص) لهم، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة .. وبعد ان بويع الحسن الخلافة بعد وفاة والدة في السابع عشر من رمضان عام اربعين هجريا حصلت اول عملية غدر لة من اهل العراق بعد ان ضغطوا علية لقتال اهل الشام ولما وصل المدائن انفض من حولة الناس الذين تجيشوا معة ونهبوا حتى امتعته ثم تركوه، وبعد هذة الحادثة اتخذ في حلمة ليفكر بما كان النبي يتنبأ لة من ان اللة سيصلح بة بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكتب الى معاوية “رضي” بشأن الصلح حتى تجتمع فئتا من المسلمين وقبل معاوية الصلح وتنازل الحسن “رضي” عن الخلافة الى معاوية وكان ذلك في عام واحد واربعون من الهجرة والذي سمي بعام الجماعة لانة اجتمعت فية جماعة المسلمين، وكان ممن بايع معاوية الحسين “رضي” والذي خرج مع الجيش الذي ارسلة معاوية الى القسطنطينية وكان على رأس الجيش يزيد بن معاوية، وقد استمر حكم معاوية حتى عام ستون للهجرة، وهنا لابد من الاشارة الى ان معاوية كان بينة وبين الحسن شرط ان يكون الامر للحسن من بعدة ولكن الحسن مات مسموما من قبل زوجتة الفارسية عام خمسين للهجرة وبموتة اجتهد معاوية وهذا الاجتهاد محل نظر بين الدارسين للتاريخ من انة تحلل من شرط ان يكون الامر للحسن من بعدة بسبب وفاتة فأخذ البيعة لولده يزيد وقد امتنع اعداد كبيرة من الصحابة عن البيعة ليزيد ومنهم الحسين “رضي”.
وفي عام ستون للهجرة بعد موت معاوية آل الامر الى يزيد فامتنع الحسين “رضي” على مبايعتة وبدأت الاحداث تتفاعل حيث بدأ اهل العراق يرسلون الرسائل الى الحسين تطلب منة القدوم الى العراق فوافق بعدما اتتة اربعون الف بيعة كلهم يحلفون بالطلاق والعناق انا معك فعزم الحسين على ارسال احد المقربين منة قبل الخروج فأرسل احد اولاد اعمامة وهو الشهيد مسلم بن عقيل بن ابي طالب فذهب الى الكوفة فتوافد علية الناس يبايعونة حتى تجمع حولة من اهل الكوفة في يوم واحد ثمانية عشر الف فأرسل الى الحسين بذلك، وعندما بلغ الخبر الحسين “رضي” عزم على الخروج وهنا تبصر اهل الرأي من علية الصحابة ومحبيه ومنهم ابي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر ومن سادات اهل البيت عبد اللة بن عباس ليثنوة عن الخروج ولكن كانت نفسة تأبى ان يتراجع. وبدأت الاحداث تتوارى بسرعة ففي ذلك الحين عين يزيد عبيد اللة بن زياد بن سمية المعروف عبد اللة بن زياد بن ابية واليا على الكوفة والبصرة، وقبل وصول الحسين قام مسلم بن عقيل ومعة الناس الذين اجمعوا علية واكدوا لة المواثيق بمحاصرة قصر عبيد اللة بن زياد ولكن تصدوا لهم الموالين لعبيد اللة بن زياد وصاروا يراودونهم ويهددونهم لينفضوا عن مسلم بن عقيل الذي كان معة في اول النهار اربعون الف فلما غابت الشمس قام ليصلي المغرب وجد معة ثلاثون رجل فقط وانتهى الحال بالقبض علية وجاءوا بة الى قصر عبيد اللة بن زياد فأمر رجالة بقطع رأسة ورموا بها من اعلى القصر، ولكن مسلم قبل ان يقتل أدرك انة مقتول فأرسل احد مرافقية وكان اسمة محمد بن الاشعث الى الحسين برسالة كتب فيها ” لايغرنك اهل الكوفة فانهم كذبوا أباك من قبل حتى تمنى فراقهم ” وهذا فعلا موجود في خطب علي “رضي” عن اهل العراق الذي وصفهم باهل كفر ونفاق . بينما كان الحسين في ذلك الوقت قد عزم على السير وقد الح علية ابن عباس “رضي” ان يمسك عن الخروج لكن الحسين قد عزم على المسير لان من سمات شخصيتة “رضي” أنة اذا اقتنع بالحق تمسك بة لذلك قال الى ابن عباس واللة اني لأعلم انك ناصح شفوق ولكن عزمت على المسير فقال لة ابن عباس اناشدك ان لا يخرج معك نساءك واولادك فأني اخاف يوم كيوم عثمان الذي قتل ونسائة واولادة ينظرون الية، وهذا بعد نظر من ابن عباس “رضي” ثم قال لة لا يغرنك اهل العراق فأنهم قوم غدر، وفعلا ادرك الحسين هذة الحقيقة فيما بعد. وكان نصح الصحابة لة بأن لا يخرج ليس من منطق عدم قناعتهم بأنة على حق وانما لقناعتهم ان اهل العراق سوف يخذلونة، فخرج وهو في الطريق علم بمقتل مسلم بن عقيل “رضي” فقال مقولتة المشهورة ” لقد خذلتنا شيعتنا.. لقد خذلتنا شيعتنا ” فأول ما وصل ارض العراق سأل عن المكان فقالوا لة كربلاء فحدث في نفسة تشأئم فقال لاحول ولا قوة الا باللة كرب وبلاء. ولما علم عبيد اللة بن زياد بمقدم الحسين ارسل الحر بن يزيد بن الرياح على رأس سرية قوامها الف رجل وطلب من الحسين (عليه السلام ) العودة فرفض ثم ارسل عبد الله بن زياد جيش قوامة اربعة الالاف مقاتل وطلبوا من الحسين ان يستأثر لعبد الله بن زياد فأبا واخبره ان من نصره قد غدروا به ولم يعد في الكوفة من يناصره بل الذي ناصروه خرجوا ليقاتلونه وكان معه 73 من آل بيته وارادوا ان يأخذوه بالقوة فشهر سيفه وفي هذا الاثناء خرج الحر بن الرياح من الجيش وانظم الى الحسين رضي الله عنه ومعة اربعين مقاتل وقال هل تريدونني ان اقاتل ابن بنت رسول الله فأني والله أخّير نفسي ما بين الجنة والنار .. حتى احتدم القتال بين هذا الجيش الكبير وطائفة مباركة من آل بيت النبي وبينما الحسين ينظر في اتباعة فوجدهم ينفضون عنة وما بقي معة الا خلاصة من اهل بيتة المقربين وقد تفانوا في الدفاع عنة حتى الموت وقد ابلى الحسين “رضي” بلاء حسنا في القتال حتى امر المشؤم شمر بن ذي الجوشن رجالة بالاقبال عليه فتقدم باتجاهة احدهم وهو بن شريك بن تميم فضربة بسيفة ثم اقبل اخر وهو تمام النفعي فحز رأسة وسقط الحسين “رضي” شهيدا وفي مقتلة مهولة في تاريخ الاسلام بكى لها المسلمون كافة. واستشهد معه كوكبة من اقارب النبي (ص) واولهم الحسين الذي سماه اهل العلم الشهيد السعيد واستشهد معه خمسة من اخوته :
محمد بن علي بن ابي طالب
وجعفر بن علي بن ابي طالب
والعباس بن علي بن ابي طالب
وعثمان بن علي بن ابي طالب
وابي بكر بن علي بن اي طالب
حيث كان لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه 35 ولداً 17 من الاناث و 18 من الذكور وقتل خمسة منهم وسادسهم الحسين عليه السلام .. ومن اولاد الحسن استشهد :
القاسم بن الحسن
وعبد الله بن الحسن
وابو بكر بن الحسن
وممن استشهد من اولاد الحسين :
عبد الله بن الحسين
وعلي الاكبر بن الحسين لان كان للحسين علي الاكبر الذي قتل معه وعلي الاصغر لم يشارك في القتال بسبب مرضه وكان من العمر في ذلك الحين 21 عاماً وقد عرف فيما بعد بعلي السجاد علي زين العابدين رضي الله عنه، بينما كان عمر الحسين عند استشهاده 56 عاماً ..
وقد استشهد من اولاد عقيل بن ابي طالب :
عبد الله بن عقيل
وعبد الرحمن بن عقيل
وجعفر بن عقيل ..
واستشهد ايضاً عبد الله بن مسلم بن عقيل ..
وايضاً عبد الله بن جعفر
ومحمد بن جعفر ..
ومجموع الذين استشهدوا 17 من اكرم اهل الارض. فقد قال ائمة اهل السنة كل من باشر قتل الحسين “رضي” أو اعان على مقتلة أو رضي بقتلة فهو ملعون بلعنة اللة وملائكتة والناس اجمعين، لان اللة تبارك وتعالى يقول ” ان الذين يؤذون اللة ورسولة لعنهم اللة في الدنيا والاخرة ” ولا شك ان قتل الحسين اذية كبيرة للنبي (ص). وروي عن الامام احمد بن حنبل انة قال عندما سألة ابنة صالح ياأبتي اراك لا تحب يزيد فقال لة وهل يحب يزيد رجل يؤمن باللة واليوم الاخر.
كما روي عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لما سألوة عما حدث فقال “دماء غسل اللة ايدينا منها أأغمس فيها لساني” تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون”.
واليوم نحن في زمن أشتد فية الجدل عن من غدر بالحسين رضي الله عنه وأختلطت الأوراق، ولا نريد ان نضيف شيئاً بل نضع بين يدي القراء الكرام اعتراف ائمة الشيعة بالنص كما وردت في كتبهم ومؤلفاتهم.
يقول المرجع الشيعي كاظم الأحسائي النجفي]عاشوراء ص-89] : (ان الجيش الذي خرج لحرب الأمام الحسين علية السلام كلهم من أهل الكوفة وليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا باكستاني ولا سوداني ولا مصري ولا أفريقي بل كلهم من أهل الكوفة قد تجمعوا من قبائل شتى) .
وقال المرجع الشيعي المعروف آية اللة العظمى محسن الأمين في بكتابة] أعيان الشيعة ص1/26 ] : (ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا غدروا به وخرجوا علية وبيعته في أعناقهم مقتله ) .
وقال المؤرخ الشيعي حسين بن احمد البراقي النجفي في كتابة ] تاريخ الكوفة ص113] قال القزويني: (مما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسين بن علي عليهما السلام وقتلوا الحسين عليه السلام بعدما أستدعوه) .
وقال المؤرخ الشيعي حسين كوراني في] رحاب كربلاء ص (60-61 ]: (أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفريق عن الامام الحسين بل انتقلوا الى نتيجة تلون مواقفهم الى موقف ثالث وهو انهم بدأوا يسارعون بالخروج الى كربلاء لمحاربة الامام الحسين عليه السلام وفي كربلاء كانوا يتسابقون الى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان وتغضب الرحمن مثلا نجد ان عمرو بن الحجاج الذي برز بالامس في الكوفه وكانه حامي حمى اهل البيت والمدافع عنهم وبعدها يتهم الامام الحسين بالخروج عن الدين وكان عمرو بن الحجاج يقول لاصحابه قاتلو من مرق عن الدين وفرّق الجماعه) .. ويقول الكوراني ايضا: (ونجد موقفا اخر يدل على نفاق اهل الكوفه عندما أتى عبدالله بن حوزة التميمي وهو من اهل الكوفه وكان بالامس من شيعة علي عليه السلام ليقف امام الامام الحسين ويصيح من فيكم حسين ثم يقول ياحسين ابشر بالنار) .
ويتسائل مرتضى مطهري ] الملحمه الحسينيه ص 3/47-48 ]: (كيف خرج اهل الكوفه لقتال الحسين عليه السلام بالرغم من حبهم وعلاقتهم العاطفيه به ؟ ويجيب هو الرعب والخوف الذي كان قد هيمن على اهل الكوفه).
وقد نقل ائمة الشيعه مثل الطبرسي والامين وابن طاوس وغيرهم عن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب المعروف بزين العابدين رضي الله عنه قائلا: (ايها الناس نشهدكم بالله هل تعلمون انكم كتبتم الى ابي وخدعتموه واعطيتموه العهد والميثاق والبيعه وقاتلتموه وخذلتموه.. وهنا يوبخ شيعته الذين خذلو اباه ..( فتبا لما قدمتم لانفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول لكم قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من امتي). فقال عليه السلام رحم الله امرا قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله واهل بيته فأن لنا في رسول الله اسوة حسنه فقالوا : نحن كلنا سامعون مطيعون .. فقال عليه السلام : هيهات هيهات ايها الغدره المكره حيل بينكم وبين شهوات انفسكم اتريدون تأتو الي كما اتيتم ابائي من قبل ؟ كلا وربي فان الجرح لم يندمل وقتل ابي بالامس واهل بيته معه ولم ينسني ثكل رسول الله واله وثكل ابي وجده وبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته وتجري في فراش صدري.
هذه الخطبه ذكرها الطبرسي في الاحتجاج ص (2/32 ) وابن طاوس في الملهوف ( ص 92) والامين في لوعاج الاشجان (ص 158) وعباس القمي في منتهى الامال الجزء الاول ( ص 572) و حسين كوراني في رحاب كربلاء (183) وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين (ص 317) ومرتضى عياد في مقتل الحسين ( ص 87 ) ورضى القزويني في تظلم الزهراء ( ص 262) .
وتقول ام كلثوم بنت علي رضي الله عنهما كما جاء في كتاب] اللهوف لابن طاوس ص 91 ]: ( يااهل الكوفه سوأة لكم مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتباً لكم وسحقا لكم اي دواه دهتكم واي وزر على ظهوركم حملتم وأى دماء سفكتموها وأى كريمه اصبتموها واي صبيه سلبتموها وأى اموال انتهبتموها قلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وسلم واله ونزعت الرحمه من قلوبكم ).
وروى الطبري : لما انتهى سليمان بن صرد واصحابه الى قبر الحسين نادوا في صيحة واحدة (( يارب انا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفرلنا مامضى منا وتب علينا انك التواب الرحيم وارحم حسينا واصحابه الشهداء والصدقين انا نشهدك يارب انا على مثل ماقتلوا عليه فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) .
هكذا كانت هي ملحمة الامام الحسين ملحمة والشهادة والفداء فلا بد لنا من استحضار معانيها لنستنبط من عبيقها الدروس والعبر واهم تلك الدروس هي: ـ
اولا : ان استشهاد سيدنا الحسين هو مدعاة فخر لكل العرب والمسلمين. لان الايام التي تحل فيها ذكراة أيام عرس، عرس الفرسان، عرس الشهادة العظيمة التي شرفة الله بها وآثرة على كل العالمين لانة سيد شباب اهل الجنة، هذة المنزلة لا تليق الا بأبي الفرسان، نحن لا نبكيك بل نفتخر بك لانك في عليين كما أخبرنا جدك عليه الصلاة والسلام، لهذا نحن نسميه عرس الحسين. وأحفاد كسرى يريدونة عزاء ونحن نصر على أنه عرس لأنة علّمنا كيف تكون الرجولة ولا احد يزايد علينا جدنا الحسين العربي القريشي سبط الرسول وحفيدة. لقد كان العرب من ابناء جلدتة واهلة وعشيرتة يهزجون عندما يموت الشجعان في ساحات القتال، وليس باللطم والتمثيل والتشابية وضرب القامات في الشوارع فأنها من بدع المجوس والسيخ هم الذين يرقصون على جثث الموتي قبل حرقهم. فأن ما يحدث اليوم من شق الجيوب ولطم الخدود واسالة الدماء ليس من هدى النبي (ص) عندما قال ” ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية ” .
ثانيا : الذي يحب الحسين علية ان يهتدي بهدية علية ان يسير بطريق الحق الذي استشهد من اجلة، علية ان لا يهادن محتل اجنبي غاصب، وعلماء الفتنة يحرضون على العنف والاقتتال ويزرعون بذور الفرقة ويعملون على تمزيق وحدة الامة ويستقبلون قادة الاحتلال بالقبل الغرامية واقامة الولائم السخية واهداء سيف الامام علي الى مجرم الحرب رامسفيلد لانة اجتاح العراق واتاح نشر البدع التي لم يقرها الاسلام واباح لهم اللطم وشق الجيوب وضرب القامات والتمثيل بالاطهار من آل البيت.. فهل تستحق هذة الطقوس المستوردة من كهنة المجوس في بلاد فارس ان تكون مبرر للفرز الطائفي والقتل على الهوية بحجة ثارات الحسين .. فأن ما يحدث اليوم ليس حبا بالحسين وانما لأثارة غيض الاخرين بطريقة غوغائية استفزازية لكي تتخذ من مأساة عاشوراء منبرا لترويج مشروع الفتنة الطائفية. هل كانت عبر ودروس ثورة الحسين استباحة دماء المسلمين وسرقة الاموال وقتل العلماء وانتهاك الاعراض وحرق المساجد وتهجير العوائل والشيوخ والنساء والاطفال وحرق بيوتهم وقتل أبنائهم.
ثالثا : لو كان سيدنا الحسين بين ظهرانينا اليوم ياترى ماذا سيكون موقفة على ما يحدث في العراق؟ هل سيهادن اللصوص والسراق ويتركهم يركبون عربة الانتخابات من اجل الحصول على المناصب لكي يعبثون بالبلاد والعباد الفساد، وأبوة الذي قال ( لا والله لن ألقى الله وقد كنت متخذ المضلين عضدا ).
رابعا : لقد وصلت اغلب دول العالم الى مكانة كبرى من الرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي ونحن بلد الحضارات التي اغنت الانسانية بالعلوم والادب ننحدر الى ادنى مستوى من البدع والخرافات واصبحنا لعب بيد اصحاب اجندات تتخذ من العراق ساحة لتصفية الحسابات والتحريض على قتلنا وقتل ابنائنا واهلنا بثمن رخيص تحت شعار ثارات الحسين بل هناك متبرعين بلا ثمن. بعدما حوّل البعض هذه الذكرى العطرة إلى مناسبة مفرّغة من معاني الحركة الحسينية وجعلو منها موسم للردح الطائفي وقصة عاطفية ومناسبة لجلد ألذات وفرصة للانتقام .
واخيرا ان الذي يحب الرسول محمد (ص) وآل بيتة الاطهار ان يتخذ من هذة المناسبة فرصة لتصحيح المفاهيم الفكرية لنبذ التعصب الطائفي وفرصة للتآخي والتماسك والمحبة وغلق الابواب امام كل من يحاول العبث بمشاعرنا ومقدساتنا لانة لا احد يستطيع ان يزايد علينا حب جدنا الحسين بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات، بل علينا ان نتخذ من ثورة الحسين ومعانيها السامية حركة فكرية ومناسبة دينية ووطنية في مواجهة الظلم واعلاء كلمة الحق التي استشهد من اجلها سيد الشهداء .