23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

بطبيعتي فإنني أحس بعد كل افطار بثقل في جسدي رغم حرصي على تناول القليل من الطعام. لذا أحب الاستلقاء على الفراش شيئاً بعد كل إفطار. لكنه ذات يوم رمضاني، واحد الأشخاص الذين أعرفهم قد جاء مع عائلته من بغداد وهو يحل ضيفاً على أحد أصدقائي هنا بكركوك ومن واجبي زيارته ودعوته إلى الافطار.

قمت بذلك واتفقنا على الافطار في اليوم التالي. ذهبت لأخذ الضيف من بيت صديقي هذا، وقد وجدته جاهزاً هو وابنه خالد ينتظرني. طلبت من صديقي الذي ينزل عنده الضيف أن يرافقنا إلى الافطار مع الضيف وابنه، فجاء صديقي ومعه ابنه أيوب وقبوله هذا أسعدني. فإنني سوف أكسب أجر افطار خمس أشخاص صيام وهذه فرصة لكسب الأجر والثواب. توجهنا معاً إلى أحد المطاعم في مدينة كركوك.

جلسنا وقد قدمت لنا قائمة الأكلات وقام كل منا باختيار الطعام الذي يرغب بتناوله. قبل الافطار بعشر دقائق تقريباً فرشت المائدة بالمقبلات الشهية والحساء الحار. لكن ما زال هنالك عشر دقائق على آذان المغرب وعلينا الانتظار وتحمل رائحة الطعام المنبعث ومنظر المقبلات على الطاولة.

رغم الدقائق العشرة المتبقية وجدت صديقي أبا أيوب قد بدأ بتناول الحساء. نبهته بأن الوقت ما زال مبكراً، قال أنه ليس بصائم بسبب ظروف صحية واستمر في تناول الحساء. خالد ابن الضيف البغدادي والبالغ من العمر 19 سنة بدأ هو الآخر بتذوق السلطات. قلت له انتبه يا خالد أن الوقت لم يحن بعد ليقول لي أنه لا يصوم رمضان. تحدث أيوب مع خالد يسأله: ما رأيك بالسلطة؟ وبعد أن يجيبه خالد بأن السلطة حارة نوعاً ما قام أيوب هو الآخر بتذوق السلطة وشرب الماء. نبهته هو الآخر ماذا تفعل بحق السماء الشمس ما زالت عالية، هو الآخر قال بأنه غير صائم وقد عاد من السفر يوم أمس وهو متعب.

لم يبقى سوى أنا والضيف أبو خالد القادم من بغداد. فأصبح أجر افطار اشخاص صائمين أجراً واحداً فقط. حتى اكتشفت أن أبا خالد هو الآخر يشتكي لي من مرض في الكلى والذي يسبب له الما ويجب عليه تناول الكثير من الماء وبسببه فهو ايضا لا يصوم.

يا للسخرية فقد بقيت أنا الصائم الوحيد على هذه المائدة الرمضانية. وشتت أحلامي في افطار صائم وكسب الآجر. وأصبحت الجلسة عزيمة اعتيادية كالأيام الباقية ودفعت الحساب المثقل في الفاتورة. لكنني على يقين بأن الأجر قد أحتسب لي لأنني دعوتهم بنية كونهم صياماً. والله أعلم. ولا أعتقد أني سأخرج من المولد بلا حمص. وكل رمضان والجميع بخير.