23 ديسمبر، 2024 10:52 ص

من عزيز السيد جاسم الى مورغن

من عزيز السيد جاسم الى مورغن

-1-
حين ألّف الراحل الاستاذ ” عزيز السيد جاسم ” كتابه عن امير المؤمنين عليه السلام (عليّ بن ابي طالب سلطة الحق ) اعتُقل ، ثم غابت اخبارُه حتى سقوط الصنم في 9/4/2003 وانكشف انه قد استشهد على يد الطغمة الجائرة التي كانت تحكم البلاد بالحديد والنار ، معتبرة زعيمها (القائد الضرورة) هو رجل الدينا الذي يجب ألاّ يُمجّد غيرُه ..!!

الى هذا الدرك وصلت السفالة بالطاغية العنيد وبزمرته الدموية وأجهزته القمعية …

انهم أعداء الفكر والحرية والموضوعية والمثل والقيم .

وبَدَلاً من تكريم الكاتب وتثمين جهده وإبداعاته ، يَتُمُ تغييبُه عن أهله واخوانه ، وتُطوى صفحاتُ حياته بدم بارد …

انّها الهمجية بأعلى صِيَغِها ..

وانّه الحقد الضاري والتخلف الرهيب …

وانّها الجريمة الكبرى بحق الانسان العراقي المسلوبة حقوقُه وحريتُه وسلامته وكرامته .. حتى لقد صحّ القول بانّ الانسان العراقي هو أرخص السلع في سوق الطغيان والاستبداد العفلقي …

-2-

والآن :

أقرأ ما كتبه مايكل هاملتون مورغن ( Michael Hamilton Morgan) في كتابه (تاريخ ضائع Lost history) عن امير المؤمنين

لتجد هذا الكاتب الموضوعي كيف يُندّد بالسلطويين في العراق الجديد الذين أضاعوا نهجه ولم يستجيبوا لنداءاته .

-3-

انّ لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة قد اختارت امير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) بوصفه أعدل الحكّام في تاريخ الانسانية كلها، استناداً الى كَمّ هائل من الوثائق المكتوبة باللغة الانكليزية .

وانّ الامم المتحدة عمدت الى ما كتبه الامام الى الولاة الذين عينهم في مختلف البلدان على انها من مصادر القانون الدولي المهمة .

-4-

ان من أهم هذه الوثائق العهد الذي كتبه الامام امير المؤمنين (عليه السلام) الى مالك الاشتر حين ولاّه مصر والذي جاء فيه

” وأشعر قلبك الرحمة للرعية ،

والمحبة لهم ،

واللطف بهم ،

ولا تكونن عليهم سَبُعاً ضاريا تغتنم أكلهم ، فانهم صنفان :

إمّا أخ لكَ في الدين ،

أو نظير لك في الخلق “

بهذه النظرة الانسانية الرقيقة – والتي تقطر رأفةً ورحمة – كان امير المؤمنين يدير دَفة الحكم ، ويُلزم ولاته ان يسيروا بالرعية ، بعيداً عن التنمر والتجبر والغطرسة والاستعلاء ..

وتتجلى الروعة حين تكون ” المواطنة ” أساساً لاستحقاق ذلك التعامل الانساني الفريد .

فالمواطن سواء كان مسلماً – تربطه بالحاكم المسلم رابطةُ الدين –

أو لم يكن ، بان كانْ مِنْ دِينٍ آخر ، تربطهُ بالحاكم رابطة الانسانية،

التي تجب ان تُراعى وتصان كما هو الحال مع المواطن المسلم .

انّ عَدَلَ علي (عليه السلام) لم يكن يقتصر على المسلمين وحدهم بل كان عاماً شاملاً للجميع .

وهنا تكمن العظمة …

[email protected]