عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل والمبشر بالجنة ,وهو أحد السته الذين اختارهم الفاروق لخلافته, وقد كان ثريا جدا ,وكان سيد ماله ولم يكن عبدا له ,ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال: “أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثلث يقرضهم، وثلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث يصلهم ويعطيهم”. وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ, فَقَالَ لَهُ عبد الرحمن: بَارَكَ الله لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ. فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ), و قد نما ماله وكثر وربحت تجارته وعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ). كَثُرَ مَال عبد الرحمن بن عوف حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبْواً). فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَالَ: يَا أُمَّهْ! إِنِّي أُشْهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَحْلاَسِهَا فِي سَبِيْلِ الله .أردت من هذه المقدمة أن تكون رسالة من هذا الصحابي الجليل الى أثرياء الانبار, وأصحاب الاموال .أن هذه الايام التي يعيشونها أهليكم لم تكن قد مرت عليهم من قبل بهذا القدر من التشريد والقسوة ,والحرمان, فكونوا لها في هذه الايام العصيبة والتي لربما تجعلكم تتسابقون مع عبد الرحمن بن عوف وغيره الذين بذلوا من اموالهم الكثير كي يدخلوا الجنة, وقد تكونون لا سامح الله في قاع جهنم, والذي نشاهده على وجوه اهل الانبار لاسيما نسائهم المبعثرين في اشتات الارض من وجوم وقهر وأسف من تخلي الاقربين عنهم ,والرائي لمنظر طوابير النساء يصاب بالألم على ما أصاب أصحاب الدواوين والكرم ,وقد كنا نسمع من الكبار مثلا متداولا (أن أرملة الدليم تعشي الخلاوي) بمعنى أن حتى الذين يعيشون في البراري اذا نزلوا عند ارملة الدليم لن يخرجوا بدون عشاء , يا اصحاب الاموال هذا يومكم الذي تصلون به الى بارئكم بوجه ابيض, لأننا نعرف ان زكاة المال من اموال أثرياء الانبار تسد حاجة كل العوائل التي هجرت ويزيد. ويغني نسائنا استجداء نوابنا المحسوبين علينا من الدول. ويعفينا من مساومة بعض السياسيين معنا مقابل انتخابهم مرة ثانية , نناشدكم بالله وسوف نشهد عليكم عبد الرحمن بن عوف ومن تصدق معه على المسلمين, لاتدعوا نسائنا يستجدن الانتهازيين, والنفعيين, والمتربحين من ازماتنا, ونقول لكم تستطيعون فعل ذلك بلا منافس .الله الله الله في أموالكم ونسائنا لكي تلتحقوا بركب الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف وهو امتثال لأمره تعالى(وانفقوا مما رزقكم الله …)