23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

من طرائف المعلمين

من طرائف المعلمين

وسط ضجيج الخميس وثقل الدرس الاخير وتعب المواجهة مع خمسين طالبا في الشعبة الواحدة، ومع ارهاق تأخر المرتب الشهري والخوف من الاستقطاعات المقبلة، ومع وطأة الفقر التي تقع على مدرسي الاسلامية تحديدا، ومع مايقع عليهم من التزامات اخلاقية يتحرر منها المدرسون الآخرون، ولقرب تخصص اللغة العربية مع الاسلامية، خاطبته بلغة فصحى: مابك ايها الرجل، اراك قد ارتديت لامة حربك، وتجهزت لقتال هؤلاء، فرد عليّ وهو يهز قضيبا من الخيزران في يده متمثلا بقول العباس بن علي حين استأذن اخاه الحسين في قتال اهل الكوفة فقال: لقد ضاق صدري واريد ان ادرك ثأري من هؤلاء المنافقين واشار بيده الى مجموعة من الطلاب، منعته وطلبت منه ان يستمع الى  ماجاء في كتاب الجاحظ طرائف المعلمين، على لسان احدهم، حيث يروي الجاحظ انه رأى معلما قد امتشق قصبته، وراح يحاصر طلابا في زقاق ضيق، ويهرول نحوهم وهو يرتجز ويقول:
اشدُّ على الكتيبة لا ابالي…. أحتفي كان فيها أم سواها
ثم يعود الى مركزه وهو يتمتم  ويردد : لاحول ولاقوة الا بالله، وكأنه في معركة قد حمي وطيسها ومنازلة مصيرية كبرى، هدأ صديقنا وترك العصا وارخى اكمام قميصه وارتدى سترته، وشكرني على تهدئته واصطحبهم الى الصف ثانية، لو اردت ان احصي طرائف المعلمين في وقتنا لاحتجت الى سنين عديدة، لكن اغلب طرائفنا واقواها صارت مع اولياء الامور، ومنهم من الذين لم يدخلوا ابواب مدرسة من قبل ولم يكتبوا حرفا على ورقة، فالابتلاء بهؤلاء اقوى والمحنة بهم اكبر، مستوى ذكاء الانسان العراقي تراجع في السنين السابقة بنسبة كبيرة جدا، حتى صار الطالب لايفهم الحديث العابر، ويخرج الطالب في الخميس ليلقي قصيدة شعبية لشاعر امي لايعرف اوليات اللغة، وسط ذهول مدرسي اللغة العربية وسخريتهم لما وصلت اليه الحال، ومما يروى بشأن اللطائف التي جرت على لسان المحدثين، ان شابا جاء الى مجلس الاعمش، وقال: الا احدثكم بلطيفة، كنا عند فلان، فمد رجله هكذا وضرط، ومد الشاب رجله فضرط، فقال له الاعمش: ايها الشاب، مارأينا اروى منك لحديث.ودخل رجل على احد الوزراء، فاراد الوزير ان يعبث به، فقال له: كيف تقسم مئة ضرطة على تسعين لحية، فقال له: قسمتها واضحة ياسيدي، لان الوزير سلمه الله اذا اخذ منها عشرا، تبقى القسمة صحيحة ، تسعين على تسعين، فضحك الوزير وخجل، وضرط ابو النجم في ليلة ضرطتين، فخاف ان تكون امرأته قد سمعته، فقال لها: أسمعت شيئا؟ فقالت لا ماسمعت منهما شيئا، فقال لها: لعنك الله، فمن اعلمك انهما اثنتان، هذا ماجاء في كتاب اخبار الحمقى، ولو اننا اضفنا الى هؤلاء الحمقى خبرا، باننا اردنا ان نوزع 13 سنة من الضراط على 325 لحية، فكيف يكون ضراطهم ياترى، لكن صدقوني ان حاجات الجسد مهما بدت بذيئة وتافهة، تبقى ضمن انسانية الفرد اذا لم يضف اليها تصرفات حمقاء من ما يتصرف به سياسيو العراق، وكأن الناس جهّال، ولايعرفون ان النفط قد هبطت اسعاره ولكن في المقابل ارتفع سقف الانتاج، وان السرقة واللصوصية لم تعد عيبا، فالبعض سيعترض على كثرة ماجاء من ضراط، لكنهم للاسف لايعترضون على ضراط وزارة التربية والوزارات الاخرى.