17 نوفمبر، 2024 11:18 ص
Search
Close this search box.

من ضحية التلكؤ؟

من ضحية التلكؤ؟

بنظرة سريعة الى النكبات والانتكاسات، والمنزلقات الخطيرة التي انزلق في وحلها العراق بعد سنين الانعتاق من كبول الدكتاتورية عام 2003، نرى أن أغلبها -إن لم يكن جميعها- قد حدثت بسبب أشخاص عراقيين معينين، تسنموا منصبا مرموقا في قيادة ركن من أركان البلد، سواء على الصعيد المدني او العسكري. والأمثلة على هذا تعج بها ساحة المؤسسات المكتظة بالفاسدين والمفسدين والخائنين والمتواطئين، وإن اختلف اثنان في هذا فمن المؤكد أن أحدهما فاسد لامحالة.
والغريب أن هؤلاء لم يأتوا (من زرف الحايط) ولم تأت بهم حكومات غير الحكومات العراقية المنتخبة، وقطعا كان انتقاؤهم وفق ضوابط ومؤهلات وامتيازات مدروسة ومحسوبة، ومن المفترض أن تؤخذ بنظر الاعتبار فيها مستويات أدائهم ليس في الظروف الطبيعية فحسب، بل في الظروف الطارئة والاستثنائية والقسرية التي قد يمر بها البلد، حيث لاينفع مسؤول يتقن عمله خلف مكتبه فقط، فيما يسيء التصرف في مفاصل مؤسسته، او قائد عسكري يجيد ارتداء بزته العسكرية بقيافة منضبطة في (ساحة العرضات) ولايجيد فنون القتال والقيادة في سوح الوغى، او في المنازلات الحقيقية عندما تكون (الطاوة حارة).
يروى أن شخصا كان يدعي ممارسة رياضة الطفر العريض بمهارة منقطعة النظير، وأن بإمكانه طفر مسافة عشرين مترا من دون أن يجهد نفسه، وقطعا مسافة كهذه لايحققها حتى أمهر المخلوقات بالوثوب والقفز. ولما ضاق الناس ذرعا بتبجحه المستمر بهذه القابلية، أتوا به الى ساحة واسعة وطلبوا منه أداء قفزته الفريدة التي يدعي بها، فإذا به يقول انه يمارس هذه القفزة في الشام وليس في العراق!.
وباحتساب ادعائه صحيحا، أرى أن الأرض واحدة، فمن يكمن الشر في قلبه ويعشعش البغض والحقد والكره في عقله، تكون كل بقاعها أرضية خصبة لشروره. كذلك من ترتقي نفسه الى المحبة والسلام والوئام، فالأرض كلها مفروشة أمامه بالحب والورد والانسجام، وللإثنين الخيار بينهما، أما انتقاء احدهما ونبذ الآخر فهذا من مسؤولية الرأس في الحكم إن كان شخص رئيس الوزراء ام مجلس رئاسته! وعليهم يقع وزر اختيار القائد و (راس الشليلة) في الميادين كلها.
وكلنا شهد الحراك الذي رافق تشكيل الحكومات طيلة السنوات الماضية، وكيف كان الصراع على الكراسي سيد التحركات. كذلك شهدنا إخفاقات رؤساء الوزراء في تشكيل حكوماتهم، إذ باتت الحقيبة الوزارية معضلة وعقدة يصعب حلها، وتكون النتيجة أن يبقى المنصب شاغرا، أو يدار من قبل رئيس الوزراء نفسه، أو تعيين شخصية لتسنمه وكالة وليس أصالة، ومن المعلوم أن الوكيل ليس كالأصيل في كل شيء، فصلاحيات الأول ليست كالثاني.
وبين هذا وذاك، يراوح البلد في مكانه، وتسير المؤسسات نكوصا بخطوط بيان نحو القاع، والضحية الوحيدة في هذا التلكؤ هو المواطن.
[email protected]

أحدث المقالات