منذ أن شرع المجتمع الدولي بالعمل من أجل إعادة تأهيل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية فإن ذلك قد جاء اساسا من أجل تفادي دخول حرب طاحنة أخرى في المنطقة، والاعتقاد بإنه يمکن حل المشاکل العالقة مع طهران من خلال تأهيل هذا النظام والاعتماد على معاول الاصلاح الداخلية بحيث تحدد من حدة التطرف السائد هناك، لکن تجربة 8 أعوام مع الرئيس الاسبق محمد خاتمي والتي وصلت الى حد جعل منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة لطهران کبشا للفداء في إطار صفقة مشبوهة من أجل تحفيز النظام وتشجيعه بهذا السبيل، غير إن کل ذلك لم يسفر عن شئ بالنسبة للغرب في حين إن النظام قد حصل على مکاسب أهمها الإيحاء للشعب الايراني بأن المجتمع الدولي لايعترف بوجود معارضة في إيران وبالتالي فهو لايدعم نضاله من أجل الحرية والديمقراطية لکن الاهم والاخطر من ذلك إنه وخلال حقبة خاتمي تم الترکيز بصورة مکثفة على البرنامج النووي کما کشفت عنه المقاومة الايرانية فيما بعد.
مع إن الغرب خرج من تجربته مع حقبة خاتمي خالي الوفاض، إلا إنه أعاد الکرة مع عهد الرئيس حسن روحاني الذي بدأ في أواسط أغسطس2013، وخلال عهد روحاني والذي إدعى هو الاخر أيضا بإنه إصلاحي ومعتدل فقد تم خلال عهده توقيع الاتفاق النووي معه، روحاني الذي راهن عليه البعض و تصوروا بأنه سينتهج سياسة أکثر إنفتاحا وإعتدالا تجاه دول المنطقة، لکن الذي جرى هو إن التدخلات الايرانية في دول المنطقة قد بلغت في عهده مستوى قياسي أيضا، إذ وبعد توسيع التدخلات في سوريا والعراق ولبنان، تم إضافة اليمن الى قائمة الدول الخاضعة للنفوذ الايراني، وهو مادفع دول المنطقة للتحرك ضد هذا النشاط و التحرك الذي لم يعد مقبولا من جانبها، والغريب إن هذا البعض المراهن على”إعتدال و إصلاح” و”إنفتاح” روحاني، شهدوا کل هذه الامور السلبية والتي دلت على حقيقة کذب وزيف تلك المزاعم وإن عهد روحاني إن لم يکن أسوء من العهود السابقة، فهو ليس بأفضل منها أبدا.
مراجعة کل ماقد أسلفنا ذکره، والذي يٶکد حقيقة إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبعد توقيعه على الاتفاق النووي مع مجموعة دول 5+1، ليس لم يتغير نحو الاحسن وانما سار نحو الاسوء بکثير، وهذا الامر صار واضحا للجميع على حد سواء، وحتى إن الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي خلال عهد ترامب لاقى تفهما وقبولا دوليا لکثرة إنتهاکات وخروقات النظام الايراني وعدم الثقة بحقيقة إلتزامه ببنود الاتفاق النووي، ولکن ومنذ بدء عهد الرئيس الامريکي بايدن، والشروع بمحادثات فيينا في الاشهر الاخيرة لولاية روحاني ومجئ رئيسي، فإن الذي ظهر جليا للعالم هو عدم جدية طهران بالتفاوض وسعيها للمراوغة واللف والدوران الى الحد الذي لم يتم تحقيق أي تقدم حقيقي وملموس طوال 6 جولات من تلك المحادثات ولايوجد لحد الان موعد محدد للشروع في الجولة السابعة من هذه المحادثات التي تبدو أحيانا کدائرة مغلقة، ولاريب من إنه إذا ماکانت بداية عهد رئيسي بهذه الصورة فکيف سيکون وسطه ونهايته خصوصا بعد أن قام خامنئي بتضييق دائرة السلطة وإنهاء لعبة الاعتدال والاصلاح، وهل يمکن أن يکون رئيسي أفضل من خاتمي وروحاني لکي يتم إعادة تأهيل النظام في عهده وقبل ذلك يتم التوصل الى إتفاق نووي يحسم المساعي السرية المشبوهة للنظام الايراني من أجل الحصول على الاسلحة الذرية؟ من صدق ذلك فإنه حتما يٶمن بأن هناك لبن للعصفور!!