بالرغم من أن (حواء) هي أول (إمرأة) على وجه الخليقة ، الا انها لم تحظ بلقب (السيدة الأولى)، على شاكلة ماحظيت به نساء كثيرات في زماننا هذا، مثلما حظيت به (السيدة الأولى) في العراق ، وهي تقوم هذه الأيام بجولات في سوق المتنبي ، ليرينها النساء ، ويباركن لها منزلتها الجديدة ، علها ترفع شكواهن بتهميشهن وتغييبهن في الحكومة الجديدة من أعلى هرم السلطة في هذا البلد!!
ولا ندري ان كان (صراع السلطة) في (الكابينة الوزارية) المرتقبة في العراق سيمتد هذه المرة على منصب (السيدة الأولى) بين نساء (الرئاسات الثلاث) ، وكيف سيكون ..وبين من ومن..هل بين زوجة الدكتور عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء التي ترتدي (الحجاب الإسلامي) ويحظر عليها التجول في شوارع بغداد، وربما يسمح لها بالخروج فقط في المناسبات الدينية على شاكلة العاشر من محرم أو في زيارة الأربعين ، او مع زوجة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح التي ترغب بالانفتاح على المجتمع وهي من المدافعات عن حق المرأة في أن تظهر بما يليق بها في المجتمع المدني المتحرر، او مع زوجة رئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي، بالرغم من أن عشائر الدليم ترفض ان تكون سيدة منها ترافق الرجل في جولاته ، وبخاصة أنها ما زالت ترتدي (الجرغد) و(العباية) ومهتمة بإعداد أكلات (الهبيط) و(صواني الثريد) أكثر من ولعها بـ (الأتكيت) ومتطلباته الذي لاتعرف (المسكينة) شيئا عنه في الزمن الديمقراطي ، وهي ربما تخشى أن يطبق السيد رئيس البرلمان (الشريعة الاسلامية) بالزواج من (أربعة نساء) على طريقة دعوة النائبة السابقة (جميلة العبيدي) بأن على الرجل ان يكمل دينه ويتزوج أربعة ، وتذهب بالتالي أحلام زوجة (الحلبوسي) بالحفاظ على زوجها أدراج الرياح.. ولا نعرف إن كان (الصراع) على منصب (السيدة الأولى) سينتهي بـ (التوافق) أو بـ (أغلبية الأصوات) ، حتى وان كان الحضور من حمايات مجلس النواب، كما يقال ، أم أنه سيتم الإختيار عن طريق (القرعة) !!
والقضية التي تدخل مرحلة الجدل منذ أزمان كثيرة هو أنه لم يطلق على (حواء) زوجة نبينا آدم عليه السلام من الألقاب ما حظيت به زوجات أنبياء كثيرات، وملكات في التأريخ ، ولم يقل عنها أحد أنها (سيدتنا حواء) بالرغم من ان (آدم عليه السلام) يطلق عليه (سيدنا آدم) ، لكن (المسكينة)، بقيت وحدها وقد تحملت (الخطيئة) ، وتهمتها أنها (أكلت التفاحة)، ولم تخبر (هيئة النزاهة) عن سجلها وما تملك من قصور ومليارات في البنوك !!
(البعض) من رجالات ديننا من يعد المرأة أنها (ناقصة عقل ودين) ، وانها خلقت من (ضلع أعوج)، وغيرها من (التهم) التي ما انزل الله بها من سلطان، بالرغم من انهن هن من نسلم لهن الاٌقدار، ومن تطيب بهن النفوس ، وتميل اليهن الافئدة والقلوب، ولولاهن لما عرف الحب ولا الغرام، ومع هذا تمت معاقبة (حواء) بالنزول من السماء الى الأرض، مع سيدنا آدم ، الذي (تلقى من ربه كلمات) ، وأكلها (مربع) كما يقال!!
و(حواء) في العراق ، تشعر الآن أنه تم تغييبها وتهميشها، وابعادها عن مركز القرار ، وقد مورست ضدها سياسة (انتقائية) من أعلى هرم السلطة ومن (المحكمة الاتحادية) بالرغم من ان المرأة في وقتها لم ترتكب جرما او تسرق من المال العام، ولم تجر (إستفتاء) او طالبت بـ (الإنفصال) عن آدم ، سوى انها تناولت (تفاحة) ، ولم تخفف عنها العقوبة الى (حبس لمدة سنة) مع وقف التنفيذ او تدفع غرامة ـبمبلغ (200 دينار)، أي أقل من (ربع دينار عراقي)، بالرغم من انها كانت تعد حدثا ، وهي في مقتبل العمر، وتمنت لو طبق عليها قرار مجلس النواب العراقي، بإحالتها الى التقاعد بكامل راتبها !!
حواء ، تشكو همها كما يبدو، وهي ترغب بتقديم طلب الى محكمة لاهاي للعدل الدولية، لانها تعد (الحكم الإسلامي) على الطريقة العراقية، سوف يعرضها لغبن كبير، وان (عدالة) محكمة لاهاي، أفضل إنصافا بكثير من (المحكمة الإتحادية) ، وقراراتها (ملزمة) على صعيد دولي!!
أجل..إن (حواء) تشعر ان أكلها (التفاحة) تسببب لها بكل هذه اللعنة ، والمرأة تقول أنها لم ترتكب ذنبا ولم تقتل أحدا ولم تسرق مالا ولم تغتصب حق أحد ، ومع هذا عدت (خارجة عن القانون) ،بالرغم من انها ، كما تقول، لم تتنازل عن مقدرات دول أو تسلم عروش او تسمح بهزيمة جيوش، بالرغم من ان من لم يحفظ سيادات الدول أو وحدة أراضيها لم يقدم الى القضاء ، ويحاكم بتهمة التفريط بحقوق تلك الدول وحقوق شعبها، وذنبها كما تقول أنها كانت تعيش في حديقة غناء وأرادت ان تأكل تفاحة، لتشعر بلذة طعمها، وهي تتساءل : من منكم لم يأكل التفاح..فمئات الملايين تأكل التفاح منذ آلاف السنين وسرق الكثيرون ثروات بلدهم ومارسوا الربا في أعلى صوره، وارتكبوا الموبقات وأضاعوا هيبة دولهم، ولا أحد يحاسبهم على فعلتهم، في حين صارت قضية (أكل التفاحة) أشبه بـ (زقنبوت) ووجهت لها تهمة (الخيانة العظمى) ، بالرغم من أن التفاح من أفضل الثمار المحببة لبني البشر!!
وتقول حواء إن هناك من النساء من أقامت (علاقات غرام) حتى مع أنبياء ، واتهمت احدهن بشق قميص صاحبها، لكنه سمح لها أن يتزوجها في نهاية المطاف، وهي أي حواء، لم (تخرج عن بيت الطاعة) لزوجها، وما زال يمارس عليها (العصمة) وما يزال الرجال (قوامون على النساء) حتى هذه اللحظة، وهم من يرمونهن على قارعة الطريق ، متى شاءوا ، إن وجدوا (فاتنة حسناء) تتربص بهم في إحدى علب الليل ، بل يفضلون الزواج من (جميلات)، حتى وان كانت أخلاقهن ليست على مايرام!!
وترى (حواء) ربما أن شركة (أبل) وهي من كبريات الشركات الأمريكية المتخصصة بأجهزة الحاسوب والموبايل، هي الوحيدة التي أنصفتها، بأن إستخدمت علامة (التفاحة) رمزا لتلك التجارة التي درت عليها المليارات، وهي تقول : لولا (حواء) لما انفتحت علينا كل هذه المليارات من أبواب السماء!!
ولا يدري كثيرون هل من حق (حواء) أن يرفع عنها (الغبن) بعد كل تلك السنوات العجاف، ولم نعرف حتى هذه اللحظة، هل شملت بإجراءات المساءلة والعدالة والعفو العام، وهل يسمح لها بأن تدخل الجنة، أم أن قرارات الاجتثاث،ستحرمها من هذا الحق!!
ويبدو أن (حواء) تشعر أن (محكمة العدل الدولية) سوف تنصفها هذه المرة، واذا ما كسبت الرهان هذه المرة، ويحكم عليها بـ( البراءة) ، فهي ستشعر بالفخر والاعتزاز ، وستعاد لنساء العالم الهيبة، بعد ان استردت حقوقهن، ولم يعد بمقدور حتى الرجال، ان تظلم المرأة، او أن يطلقها أحد متى شاء وعلى مزاجه، وستعود لها (العصمة) بعد ان كانت بيد الرجال، ولا تستبعد ان تعاد للمرأة هيبتها ودورها الذي سلبته الأقدار بعد قرون من الظلم والطغيان، لتبقى هي سيدة الموقف، وبإمكانها ان تسقط أكبر إمبرطوريات، اذا أراد من يجرب حظه العاثر المواجهة معها!!
ومع هذا فقد أوصانا أحد الشعراء بالإهتمام بالمرأة والنساء عموما لأنهن من وجهة نظره (قوارير) ، حتى قال الشاعر عنهن إكراما لمنزلتهن :
إن النساء قوارير خلقن لكم وقد أوصى الله خيرا بالقوارير!!