23 ديسمبر، 2024 3:52 م

من بغداد الى غزة أمة تقاوم

من بغداد الى غزة أمة تقاوم

 بما أن فلسطين هي القضية وبوصلة الصراع ومساره السليم، وبما أن ابتلاع فلسطين هو مشروع استكمال بناء القاعدة المتقدمة للاستكبار والمنصة التي تمّ ويتمّ عبرها إدارة الحروب الشاملة والمتنقلة في المنطقة، حروب إدارة الفوضى الخلّاقة للوصول إلى مخرجات تتيح لها فرض الهيمنة والسيطرة والتسلط على الدول الرافضة لمشروعها وإكمال دورها لبناء ذاتها على حساب دماء وجماجم شعوب هذه الدول.

   وبما أن فلسطين هي النقيض لكل صراعات التقسيم والتجزيء ولكل شعارات حروب الوكالة ودوافعها المصنوعة والمسوقة عن طريق إعلام البترودولار الرخيص، وهي الضد النوعي لمشروع ولادة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات وبما أنها المعيار والحد الفاصل بين مشروعين متناقضين، مشروع وحدة وكرامة ومصير وحاضر ومستقبل ومصالح الأمة الإسلامية، ومشروع القتل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات ومسخ تاريخ وثقافة الأمة لأجل الهيمنة والتحكم برقاب البشر كلّ البشر.

   ولأن معركة غزّة اليوم ترسم المعادلات الجديدة وتحدد نهايات المعارك في زمن التحولات المفصلية في التاريخ، زمن الرضوخ لواقع توازنات القوة الجديدة والجلوس على طاولة المفاوضات وتحديد سقوف التنازلات وتوزيع النفوذ.

   لأجل كل ذلك تخوض غزّة معركة المصير وصراع الوجود ومعركة الدفاع عن الأمة كلها عن كيانها وثقافتها الحية عن قدسها ومقدساتها الدينية.

   ولأن الدواعش ودولتهم المزعومة، ومسعود البارزاني وأوهامه الفارغة، وبعثيي عزّة الدوري وحارث الضاري وأحلامهم المريضة، والقاعدييّن وأقرانهم في اليمن، والتكفيرييّن وحلفائهم في سوريا، والسلفيين ومستثمريهم في لبنان، لأنهم ليسوا أكثر من بيادق في اليد الصهيوأميركية، تؤدي أدوارها الوظيفية في ساحة المعركة الكبرى، بإشراف ودعم وتمويل من أنظمة الرجعية العربية النائمة لحد الساعة عمّا يجري في غزّة، وغطاء من مشايخ الفتن المذهبية وفقهاء الدمّ والقتل، وعلماء جهاد الانحطاط الجنسي الذين لم نسمع صوتهم في غزّة كما سمعنا نعيقهم في سوريا والعراق، حتى أن خليفة المسلمين الداعشي المزعوم لم يحرك ساكنا تجاه المذبحة المستمرة بحق “رعاياه” لأنه مشغول بجهاد ذبح العراقيين والسوريين من مسلمين ومسيحيين وكذا حال “الوالي” العثماني المتواطئ مع اليهود والذي طالما تاجر بفلسطين وقضيتها.

   لأنهم ليسوا أكثر من أدوات رخيصة وجزء من مشروع التآمر على الأمة وأرضها ومقدّساتها، لأجل كل ذلك فإن غزّة اليوم تُذبح من أجل العراق ووحدة أراضيه، وتحترق أرضها من أجل سوريا ونظامها الممانع، وتخوض معركة الدفاع عن لبنان وأهله، وتشاطر المظلومين في البحرين دمائهم وآمالهم، وأنصار الله في اليمن جهدهم وجهادهم، وتعبر عن رغبة الشعوب العربية والاسلامية في التخلص من الديكتاتوريات العميلة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

   غزّة التي فشلت كل محاولات محاصرتها وتطويقها، وكل محاولات تحريف وتضليل أبنائها المجاهدين، وتغيير بوصلة بندقيتها المقاومة، وإحباط مسارات تحويلها إلى صف خط السفاهة والمساومة، غزة هذه أثبتت يوما بعد آخر أنها جذر عميق في شجرة الرفض والممانعة، والعضو المعني مباشرة بمعركة الوجود والمصير، عضو تداعت له سائر الأعضاء، ووقفت معه، سواء بصواريخها وأسلحتها وتكتيكاتها القتالية ودعمها العسكري واللوجستي، أم بمواقفها السياسية وإعلامها ورأيها العام، وهي على استعداد لخوض المنازلة الكبرى التي ستقتلع جذور الغي والعدوان.

   العد العكسي لزوال الكيان الصهيوني بدأ من 25 أيار لعام 2000 ومأزقه الوجودي يتعمق منذ ذلك اليوم في كل معركة يخوضها وهو ما ستؤكده نتائج المعركة الجارية في نفس الوقت الذي سيتضاعف فيه بفاعلية حضور فصائل المقاومة وقوة ردعها.