23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

من بشائر القرآن

من بشائر القرآن

من أخلاق الرسول (ص) العظيمة، أنه كان يعمد الى المزاح أحياناً، فيزيل به ما تراكم من صدأ في القلوب، وشجن في النفوس، كل ذلك رأفةً منه وحنانا بالمسلمين والمسلمات .

وذات يوم جاءته امرأة عجوز تسأله ان يدعو الله لها بدخول الجنّة .

لقد كانت هذه العجوز بليغة في سؤالها للغاية ، ذلك ان الجنّة هي صيغة (منتهى الجموع –كما يقولون ) فلا شيء أغلى منها ، واذا ما دعا لها الرسول (ص) بالجنة ، ودعاؤه مستجاب، حصلت على غاية المرتجى ونالت أقصى المنى .

وهنا أراد الرسول (ص) ان يمازحها :

فقال لها ماؤداه :

ان الجنة لاتدخلها عجوز

وقد وقع هذا القول عليها موقع الصاعقة فاضطربت ، وانصرفت وهي تبكي بدموع ساخنة ..!!

فأمر (ص) ان تُرّد اليه ، وحين عادت قال لها مامؤداه :

انكِ لاتدخلين الجنّة وأنتِ عجوز ، ولكنك تدخلينها شابة .

أوما قرأتِ قول الله تبارك وتعالى :

( إنا أنشأنهن انشاءاً . فجعلناهن أبكارا . عُرُباً أترابا ) الواقعة 35-37

فابتسمت وفرحت وأدركت ولو بعد حين ان الرسول (ص) كان يمازحها

أقول :

بشائر القرآن كثيرة وليست خاصة بالعجائز …

إقرأوا بشارته للمتقين مثلاً

{ الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة }

يونس 63 – 64

وكيف لاتكون لهم البشرى ، وقد عاشوا حياةً نقية من الشوائب، ولم يغب عنهم ذكر الله ، كما ملأت محبتُه قلوبهم ، فأقبلوا عليه بالطاعات والعبادة الخالصة ، فكانوا أكبر من كلّ التحديات الأرضية ، بما شحنتهم به “التقوى” من عزّة ومناعة ،وقدرة على مواجهة صعوبات الحياة ومغرياتها، دون ان يتزحزحوا عن ثوابتهم قيد أنملة .

نعم ان المتقين هم عصارة المؤمنين، فليس كلُّ مؤمنٍ من أهل التقوى ، ولكنّ المتقين هم طليعة المؤمنين .

ومن هنا تجد القرآن الكريم ، يمتدح المتقين ويُثني عليهم :

قال تعالى :

( وإنْ تصبروا وتتَّقوا فان ذلك من عزم الأمور ) آل عمران /186

كما انه – جلت آلاؤه – تعهد بحفظهم وحراستهم حيث قال :

( وإنْ تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئاً ) آل عمران /120

وماذا أكثر من ان يكون المتقون في حفظ الله وحراسته ، يصونهم ويحميهم؟!

ثم انّ المتقين يحظون بمعيّة الله ، ومعيتُه تعني النصر والتأييد

قال تعالى :

(ان الله مع الذين اتقوا )

النحل /128

ثم لايقف الأمر عند هذا الحد، فهناك التعهد الإلهي بنجاه المتقين من الأهوال والشدائد ، مقرونة بالرزق الحلال :

قال تعالى :

” ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرْزُقْه من حيث لايحتسب ” الطلاق 2-3

وأروع ألوان الرزق – كما هو معلوم – الرزق غير المحتسب الذي ينهمر عليك كما ينهمر الغيث فيحيى الأرض الموات …

ومن مزايا المتقين ان الله سبحانه وتعالى يتولى إصلاح اعمالهم كما قال سبحانه :

(ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا . يُصلحْ لكم أعمالكم )

الاحزاب70-71

ثم انه – وهو الكريم الرحيم – يغفر للمتقين ذنوبهم :

قال تعالى :

{ يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلحْ لكم أعمالكم ويغفرْ لكم ذنوبكم }

وهل هناك أمنية للمؤمن أكبر من غفران الذنوب ؟

ومن المزايا التي يتمتع بها المتقون أنهم يحوزون على محبة الله تعالى ومن أحبّه الله ، فقد فاز فوزاً عظيماً لايُعادل باي فوز آخر :

قال تعالى

{ انّ الله يحب المتقين } التوبة /7

ومن جهة أخرى

نقرأ في القرآن قوله تعالى :

{ انما يتقبل الله من المتقين }

وهي بشارة كبرى بقبول أعمالهم والمدار – كما هو معلوم – على القبول .

ثم ان المتقين ينالون التكريم والتقدير والتفضيل

قال تعالى

{ انّ أكرمكم عند الله اتقاكم } الحجرات /13

وانّه سبحانه يكتب للمتقين النجاة من النار

قال تعالى :

{ ثم ننجي الذين اتقوا } مريم /72

وحسبهم هذه النجاة، وساما لايقاس به وسام ،فهو الأمان من كل الأخطار والالام …

واخيراً

فانه سبحانه يدخل المتقين الجنّة .

قال تعالى عن الجنة انها :

{ أُعدّتْ للمتقين }

وهكذا تتوالى على المتقين النعم والبركات والألطاف الإلهية .

ان التدبر في هذه البشائر هو المطلوب من كل أبناء القرآن ، وهو الذي يجعل نفوسهم تواّقة للمسارعة للاصطفاف مع قوافل المتقين الفائزين .

*[email protected]