23 ديسمبر، 2024 2:28 ص

من المنجزات المُذهلة للطب العربي الإسلامي التي علّمت الغرب أسس الطب

من المنجزات المُذهلة للطب العربي الإسلامي التي علّمت الغرب أسس الطب

من المنجزات المُذهلة للطب العربي الإسلامي التي علّمت الغرب أسس الطب (القسم الثالث والأخير)
عبر أربع مقالات سابقة عن معجزات الطب العراقي القديم (السومري الأكدي البابلي الآشوري) وكان عنوانها (حول أكاذيب وتلفيقات هيرودوتس “أبو التاريخ” عن بابل ، وكيف شوّه الأغريق منجزات الطب العراقي القديم) ، قدّمتُ للسادة القرّاء شذرات ذهبية من مخطوطة كتابي الذي أنجزته مؤخرا عن “موجز تاريخ الطب العراقي القديم والطب العربي الإسلامي” والذي تمنيتُ على السيّد وزير التعليم العالي والبحث العلمي النظر في إقراره للتدريس في الصفوف الأولى من كليات الطب في جامعاتنا لأنني وضعته أصلا لهذا الغرض عرضاً وأسلوباً ومحتويات ولأننا كأطباء تخرّجنا من كليات الطب ونحن نعرف كل شىء عن الطب الغربي ولا نعرف أي شىء عن الطب العراقي القديم الرائد في تاريخ البشرية وعن الطب العربي الإسلامي الذي أنار سماوات العصور المظلمة.
وقد انتقلتُ بعد ذلك إلى عرض شذرات ذهبية من المنجزات المذهلة للطب العربي الإسلامي الذي علّم الغرب أسس الطب في عصوره المظلمة وحتى أسس النظافة الشخصية (كانت الملكة إيزابيلا ملكة اسبانيا تفخر بأنها لم تغتسل سوى مرّتين في حياتها عند التعميد بعد الولادة وقبل ليلة الزواج!!) .
وفي القسمين الأول والثاني عرضتُ جانباً من المنجزات المذهلة للطب العربي الإسلامي ، وأواصل في هذا القسم الثالث (والأخير) عرض منجزات عجيبة أخرى تتعلق هذه المرة بالعالم والطبيب العربي أبو القاسم الزهراوي مع ملاحظة ذكرتها في القسم الأول وهي ان مصادر هذه المعلومات مُثبّتة في مخطوطة الكتاب:
الإنجازات الطبّية الريادية المُذهلة للزهراوي
أول عملية لإستئصال الغدة الدرقية في العالم
أجرى الزهراوي عملية استئصال الغدة الدرقية. وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوروبا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر أي بعده بتسعة قرون وقد شرح هذه العملية بقوله:
(هذا الورم الذي يسمى فيلة الحلقوم يكون ورما عظيما على لون البدن وهو في النساء كثير وهو على نوعين إما أن يكون طبيعيا وإما أن يكون عَرَضِيأ، فأما الطبيعي فلا حيلة فيه وأما العرضي فيكون على ضربين أحدهما شبيه بالسلع الشحمية والضرب الآخر شبيه بالورم الذي يكون من تعقد الشريان وفي شقه خطر فلا ينبغي أن تعرض لها بالحديد البتة إلا ما كان منها صغيرا أن سبرتها وفتشتها بالمدس فألفيتها تشبه السلعة الشحمية ولم تكن متعلقة بشيء من العروق فشقها كما تشق على السلع وتخرجها بما يحويها من الكيس إن كانت فى كيس وإلا فاستقص جميعها ثم عالج الموضع بما ينبغي من العلاج)
قارن ذلك بما كتبه صامول كروس، أحد مشاهير الجراحين الأمريكيين خلال القرن التاسع عشر- كتب كروس سنة 1866 ” هل يمكن إزالة الغدة الدرقية المتضخمة بالجراحة؟ إن التجربة تبين لنا أن الإجابة هي على وجه التأكيد بالنفي. أما إذا كان الجراح، طائشا لدرجة محاولة هذه الجراحة فسوف يكون محظوظا لو عاش ضحيته حتى يكمل هذه المجزرة. ان أي جراح أمين وعاقل ينبغي له أن يتجنب إجراء هذه العملية”.
لقد مرّت تسعة قرون كاملة منذ أن أجرى الزهراوي أول جراحة على الغدة الدرقية قبل أن يحدث تقدم حقيقي في هذا الفرع الهام من الجراحة على يد كل من هالستد والذي اعترف بفضل الزهراوي وسَبَقِه ، وتيودور كوخر.
أحسن وصف لعملية استئصال اللوزتين
إستئصال اللوزتين هي عملية جراحية لإزالة كلتا اللوزتين من التجويف الذي على جانبي البلعوم والذي يُدعي بالحفرة اللوزية وتُجرى عملية الاستئصال في حالات التهاب اللوزتين الحاد والمتكرر.

وقد برع الكثير من الأطباء المسلمين في علاج اللوزتين الملتهبتين، واستئصالهما، مثل الطبيب والجرَّاح علي بن عباس والجرَّاح الشهير ابن القف.
أما أحسن وصف لعملية استئصال اللوزتين فيحدثنا عنه الزهراوي وهو يتكلم عن طريقته في استئصال اللوزتين، فيقول
(قد تَعرِض في الحَلق غدد تشبه الغدد التي تعرض في خارج، تسمَّى: لوزتان، إذا عالجتهما بما ذكرت في التقسيم فلم تبرأ، فانظر فإن كان الورم أبيض اللون مستديرًا، وكان أصله رقيقًا، فهذا الذي ينبغي أن يُقطع، والعمل فيه: انتظر قبل العمل، إذا كان قد سكن ورمه الحار سكونًا تامًّا، أو نقص بعض النقصان، فحينئذٍ أَجلسِ العليل بحذاء الشمس، ورأسه في حجرك، وتفتح فمه، وتأخذ خادمًا بين يديك فيكبس لسانه إلى أسفل، بآلة تصنع من فضة أو نحاس، تكون رقيقة كالسكين، فإذا كبست بها اللسان وتبين لك الورم، ووقع عليه بصرك، فخذ صنارة واغرزها في اللوزة، وتجذبها إلى خارج ما أمكن من غير أن تجذب معها شيء من الصفاقات، ثم تقطعها بآلة تُصنع من الحديد الهندي، أو الفولاذ الدمشقي، فإن لم تحضر هذه الآلة فاقطعها بمبضع حاد من جهة واحدة، وغير حاد من الجهة الأخرى، وبعد أن تقطع اللوزة الواحدة تقطع الأخرى على هذا النحو من القطع بعينه، ثم بعد القطع فتُغرغِر العليل بماء بارد، أو بخل وماء، فإن عرض له نزيف دم تغرغر بماء قد أُغلِي فيه قشور الرمان، أو ورق الآس، أو نحو ذلك من القوابض حتى ينقطع النزيف، ثم تعالجه حتى يبرأ.واخترع لهذه العملية الآلات اللازمة لذلك)

أول من وصف كيفية غسيل المثانة واخترع لذلك آلة (المِحقّنة / الزرّاقة / السرنجة) ستحدث فيما بعد ثورة فى عالم الطب

يُعتبر الزهراوي “أبو الجراحة” ، وهو أول من وصف كيفية غسيل المثانة واخترع لذلك آلة ستحدث فيما بعد ثورة فى عالم الطب ، حيث يقول:
(إذا عَرضَ في المثانة قرحة أو جمد فيها دم أو احتقن فيها قيح وأردت أن تقطر فيها المياه والأدوية فيكون ذلك بآلة تُسمى الزرّاقة تُصنع من فضة أو من عاج مجوفة لها أنبوبة طويلة على رقة الميل مجوفة كلها إلا الطرف فإنه مُصممٌ فيه ثلاثة ثقوب اثنان من جهة وواحد من جهة أخرى كما ترى والموضع الأجوف الذي فيه المدفع يكون على قدر ما يسده بلا مزيد حتى إذا جذبت به شيئا من الرطوبات انجذبت وإذا دفعت إلى بعد على ما تصنع النضاحة التي يرمي بها النفط في حروب البحر، فإذا أردت طرح الرطوبات في المثانة أدخلت طرف الزراقة في الرطوبة ، وجذبت بالمدفع إلى فوق فإن الرطوبة تنجذب في جوف الزراقة ثم تُدخل طرفها في الإحليل على حسب ما وصفنا في القثاطير ثم تدفع الرطوبة بالمدفع فإن تلك الرطوبة تصل إلى المثانة على المقام حتى يحس بها العليل)

ومن الجلي أن زرّاقة الزهراوي هي الحقنة العادية التي نستخدمها اليوم، فإذا أضيف إليها الإبرة يمكن إدخال الأدوية بواسطتها إلى داخل الجسم. ترى هل من المبالغة أن نقارن أهمية هذا الاختراع في الممارسة الطبية بأهمية اختراع العجلة في تطور الحضارة الإنسانية؟
يقول عالم وظائف الأعضاء الكبير هالّر: “كانت كتب أبي القاسم المصدر العام الذي استقى منه جميع من ظهر من الجراحين بعد القرن الرابع عشر
*أول من وصَف طُرُق التوليد، وشرَح طرُق تدبير الولادات العَسيرة
إستطاع الاطباء العرب أن يجمعوا معلومات قيمة عن أمراض النساء والقبالة (التوليد) ، والذين كتبوا عن هذه الامراض كثيرون وأهمهم الرازي وعلي بن عباس وإبن سينا والزهراوي ومهذّب الدين وإبن القف.

الا أن الزهراوي أشهر جراح مسلم في العصور الوسطى كان أكثرهم إبداعاً.
وما كتبه في التوليد والجراحة النسائية ليعتبر كنزًا ثمينًا في علم الطب، حيث يصف وضعيتي
(TRENDELEMBURE – WALCHER)
المهمَّتَيْن من الناحية الطبية، إضافةً إلى وصف طرق التوليد واختلاطاته، وطرق تدبير الولادات العسيرة، وكيفية إخراج المشيمة الملتصقة، والحمل خارج الرحم، وطرق علاج الإجهاض، وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت.
وسبق (د. فالشر) بنحو 900 سنة في وصف ومعالجة الولادة الحوضية، وهو أول من استعمل آلات خاصة لتوسيع عنق الرحم، وأول من ابتكر آلة خاصة للفحص النسائي لا تزال إلى يومنا هذا.
المصدر
المصدر الرئيسي لهذا القسم عن منجزات الزهراوي هو الموقع العلمي المهم الذي استقى منه المؤلف معلومات كثيرة وهو : إسهامات المسلمين في أكثر من مائة تخصص علمي – موقع إلكتروني.