19 ديسمبر، 2024 1:03 ص

من المظفر الى الصيدلي!!

من المظفر الى الصيدلي!!

يوم كان الدكتور سامي المظفر وزيرا للتربية كان التعيين حسب الاستحقاق و بتسهيلات لا علاقة لها بـ” بورصة الطائفية و الفساد” التي تشعبت في دوائر التربية بشكل خاص، بسبب طبيعة العمل فيها و تسهيلات انسانية يستغلها ضعاف النخوة الوطنية للكسب غير المشروع، بحيث تحول مستقبل العوائل و التعليم الى مضاربة بيد” سفهاء المال السياسي” ..لم يكن المظفر من ثقافة اسلامية بل كان خبيرا عراقيا مستقلا بكل كفاءة وطنية لذلك منع الفساد مبكرا فحافظ على اركان البيت التربوي من ” دودة الأرض” في التزكيات الحزبية و المناطقية”، ويشهد الكثير على هذه الحقيقية فشكرا سيادة الوزير ابوفراس أينما تكون اليوم.
 يأتي هذا الرأي في وقت بات الفساد في وزارة التربية على لسان” دلالات و دلالين” يختلفون في الملابس و الدعاء و درجات الخوف من “السحروأفعاله” لكنهم متفقون بالتزكية على بيع الوزارة بالتقسيط.. وظيفة المعلم = 8 الالاف دولار.. المدرس= 10 الالاف دولار صعودا حسب المنطقة و المدرسة، وعلى رؤوس الأشهاد فلم تعد القضية سرية أو مجتزأة بل مؤسسة تعمل ليل نهار لبيع كل شيء دون الاعتبار بمستقبل التعليم او العلاقات الاجتماعية و قبل ذلك هيبة التعليم ” كاد المعلم أن يكون رسولا”.
لا تعرف اذا كان وزير التربية الحالي الدكتور الصديلي مطلع على التقارير في هذا الباب التخريبي، وهل يسال عن الجهة السياسية التي تحكمت بالدرجات الوظيفية في مدارس الكرخ و الرصافة لأن ما يجري في المحافظات يحتاج الى عرافين كبار لفك طلاسمه.. كل شيء معروض على رصيف النفوذ و العلاقات أما الفقير فيقلب وجهه ذات اليمين وذات الشمال بلا أمل للفلاح.. كل ذلك يجري و الدكتور الصيدلي المعروف عنه الالتزام بثقافة اسلامية تنطوي على الاعتدال ” الموصلي المتوارث” و لم يتم اتهامه بملفات وهي في ميزان حسناته.. لكن ذلك ليس بيت القصيد.. فيا سيادة الوزير” الديرة منهوبة” فالوظائف التي تعلن عنها مقبوضة الثمن سلفا و مبيوعه ” عبر الانترنيت” باشراف مسؤولين كبار و صغار في الوزارة، حيث بات سائق المدير” راس الشليلة” في حالات كثيرة، بينما العلاقات الخاصة ” مربط فرس الفساد الالزامي”ومع ذلك يحدثونا بندوات عن مستقبل مزدهر للطفولة بينما مدارسهم طينية و غالبية المشرفين على تربيتهم يكنزون السحت” بلا وجع قلب أو وازع ضمير”.
أصبح لدينا في العراق ثقافة جديدة اسمها ” الفساد الاجباري” أي معرفة استحالة الحصول على عقد أو الدخول بمناقصة بدون ” تسهيلات نقدية بالملايين” لذلك انهارت هيبة مؤسسات الدولة و الاحترام المتبادل بين الطالب و المعلم وبين الجندي و الضابط بين العام و الخاص، فالرشوة باتت وصفة طبية جاهزة لا تختلف عن جشع الأطباء و عياداتهم التجاربة خارج قدسية المهنة و مبادئها الانسانية.. و رغم هذا الانحراف المجتمعي الخطير لا يزال العقاب أقرب الى المكافأة.. فلا المسؤول يحال الى المحكمة و لا الوزير يعرف ثقافة  الاعتراف بالفشل لذلك لم يستقيلوا رغم طول قائمة ” اللا انجاز”.
لا نريد أن يفهم البعض تحاملا على وزارة التربية أو مؤسساتها لكن ما يدفعنا الى تشخيص الخلل هو الخوف على مستقبل الطفولة في العراق، فالطالب الذي ينظر الى المعلم من أعلى بسبب الدروس الخصوصية والخوف من كشف مستور ثمن أسئلة الامتحانات و و سائل الغش الالكترونية ، تلتقي عند مؤامرة تخريب النفوس بطريقة مشابهة حد الوجع لتقاسم الضابط راتب الجندي علنا لذلك لم يتم التقيد بتنفيذ الواجبات و تتنوع وسائل الخروقات الأمنية.
عن أي مستقبل تعليمي نتحدث و المعلم يضطر لاقتراض مبلغ شراء وظيفته ليبدا رحلة العيش بالتقسيط وعلى مرأى و مسمع الجميع، أي جيل ننتظر و”تجار الخردة ” يتحكمون بمصائر الناس و الحكومة في غفلة من أمرها، لأن المسؤولين فيها ليسوا في خدمة الشعب بل لمصادرة المتبقي من أمل في النفوس.. معيب أن يتحول الفاسد و الفاشل الى واجهة اجتماعية!!
[email protected]