23 ديسمبر، 2024 1:33 ص

من المستفيد من اغتيال الصدر!!

من المستفيد من اغتيال الصدر!!

راهن كثيرون على بقاء السيد مقتدى الصدر خارج دائرة الضوء السياسي، فأكتشفوا خطأ الحسابات بطريقة لا تختلف كثير عن المزاديات في ملف نهب المال العام، الذي يتبرأ منه الصدر بشكل لاغبار عليه، فهو لم يغتصب بيتا لمسؤول سابق ولم يقطتع لنفسه مساحات من أرض العراق ، مثلما ظل بعيدا عن الاتهام المباشر بالفساد، ما حصنه من اتهامات تسيء الى تاريخ عائلته ذات المد العروبي، لذلك يصر على رفض تسويف مطالب المتظاهرين بالقضاء على المفسدين.
ان المواقف السياسية السابقة للصدر لم تضعف مكانته الشعبية، لذلك فهو الوحيد الذي بمقدوره تحشيد الشارع العراقي مثلما حدث و سيحدث في الأيام التي تسبق تشكيل الحكومة وبعدها، فهو ” خرج للاصلاح في أمته”، بعد أن نخر الفساد عقول الغالبية المطلقة من السياسيين، ما يعزز هاجس الخوف في نفوس طبقة سياسية واسعة من الحلفاء المقربين، وكان ذلك واضحا في ” اجتماع كربلاء” الذي جاء بعكس المتوقع، فقد حافظ الصدر على مواقفه ما شتت الاجماع داخل التحالف الوطني، بينما تؤكد دعوته للاعتصام ابتعادة عن ” طبقة المراهنين على موت الشعب”.
وعندما يتحدث الصدر بشكل عفوي عن محاولة لاغتياله فانه يعرف جهات التنفيذ، الذي لا تريد المحافظة على أركان البيت العربي في العراق،لذلك أستبق الصدر الجميع ليعطي التظاهرات نكهة عراقية بقرار عدم رفع الشعارات أو الرايات الدينية و الاكتفاء بعلم العراق بوصفه الباب العالي الذي ينحني له الجميع، ما حقق للصدر القدرة على استقطاب شرائح مهمة من دعاة بناء الدولة المدنية ، قد يكون رئيس الوزراء حيدر العبادي من بينهم، و ما دار بينه وبين الصدر في الحضرة الكاظمية لم يترشح عنه الكثير.
ويذهب الخيال ببعض المراقبين حد القول بأن الصدر يتبنى خيار الدولة المدنية بعد فشل تجربة الحكم الدينية بشكل لاغبار عليه، وهو ما قد يسترعي انتياه السفارة الأمريكية، التي لا زالت تراقب الموقف ضمن استراتيجية ضبط الايقاع الأمني و السياسي من خلال ردود افعال باتجاهات مختلفة، تصب جميعها بانزعاج ايراني من مشروع الصدر الجديد، لذلك فان الأيام المقبلة حبلى بمفاجئات كثيرة، لأن البعض يراهن على الفتنة الطائفية بتحميل جهة ” بريئة تماما” أي محاولة لايذاء الصدر.
ليس هناك من مستفيد في اسكات صوت الصدر غير القابعين في متاهات الظلم السياسي و الفساد الكبير، ذلك لأن الرجل أخرج الاحتجاجات من التخندق الطائفي أو الحزبي باعتبارها صوت كل العراقيين، ما شجع شرائح المجتمع كافة على المشاركة فيها، وهو ما لا يطرب مسامع الحارثين بمعول الفتنة، والسائرين في متاهات قتل المواطنة على مراحل، ليكون الحديث بأسم العراق ترفا و الدفاع عن آخوة الشعب خرافة.
يعرف الصدر جيدا أخطاء المراحل السابقة و مستويات الولاء الحقيقي للبعض، مثلما يعي جيدا أنه دق جميع نواقيس الخطر، وهز الكثير من العروش التي ظن أصحابوها أنهم عن المسائلة مبعدون،و في المقابل فانه بات من الملح جدا الاعتبار بالقول الشهير ” من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر”، فلا يجوز جر الأمور الى الخلف بتعميق مفهوم المؤامرة، لأن محسوبين على الصدر خرجوا في مرحلة ما عن الطريق، فيما نضوج الأفكار حالة ضروية جدا للاقناع، وعليه فمن الانصاف أيضا اعطاء الرجل فرصة لتصحيح المسارات بعيدا عن شهاب التضليل، لأن بعضهم يقول ان مشروع الصدر الجديد هو لاعادة بناء المواطنة و المحافظة على عروبة القرار في العراق، فهل لا يستحق ذلك تضحية من الجميع !!.. سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة، ربما باعلان الصدر مشروعا سياسيا عابر للطائفية و الحزبية!! علما أن الصدر مطالب هو الأخر بالتخلي عن ظلم المرحلة السابقة و مصارحة الشعب بالمتورطين ليعطي ضوءا أخضر في آخر نفق الخوف من الطائفيين!!
[email protected]