23 ديسمبر، 2024 1:14 ص

من المسؤول ولمصلحة من يتم قتل الطيارين العراقيين

من المسؤول ولمصلحة من يتم قتل الطيارين العراقيين

من المسؤول ولمصلحة من يتم قتل الطيارين العراقيين وباي دافع وحقد وترسبات وما باتوا يتفرجون
اعلنت مصادر رسمية عراقية وأمريكية في 6/9/2017 في بيانات لها مصرع الطيار العراقي ( الرائد الطيار نور فالح حزام رسن الخزعلي )، بتحطم طائرة من طراز(F-16 ) خلال طلعة تدريبية في ولاية أريزونا الاميركية، في حادث هو الثاني من نوعه خلال عامين. وتختزن الذاكرة العربية تاريخا أليما من جرائم استهداف الكفاءات المدنية والعسكرية والقيادات السياسية العراقية والعربية. وللإحاطة بهذا الموضوع سنتناوله في النقاط الرئيسية الآتية:
تجهيز العراق بالطائرات المقاتلة الأمريكية وتدريب الطيارين العراقيين، استهداف الطيارين العراقيين بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، استهداف الطيارين العراقيين حلقة في مسلسل استهداف الطيارين العرب، لماذا الاستهداف بعد اكتمال الدورات التدريبية..؟؟!!، ردود الفعل العراقية، ما هو المطــلوب..؟؟
أولا- تجهيز العراق بالطائرات المقاتلة الأمريكية وتدريب الطيارين العراقيين:
وفقا لاتفاقية التعاون الاستراتيجي العراقية- الأميركية، أو (الاتفاقية الإطارية)، التي نظمت العلاقة الثنائية العراقية- الأميركية في أعقاب إعلان انسحاب القوات الأميركية من الأراضي العراقية، فقد تعاقد العراق عام 2011، مع شركة لوكهيد مارتن الاميركية، على تزويده بـ36 طائرة نوع(F-16 ) وأرجأت الولايات المتحدة تسليم اول دفعة بذريعة اجتياح عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعدد من المحافظات العراقية في حزيران 2014، وخطورة الاوضاع الامنية التي شهدتها قاعدة بلد الجوية (في محافظة صلاح الدين/ شمال بغداد)، التي اختيرت كمكان خاص بهبوط تلك الطائرات. وتسلمت وزارة الدفاع العراقية، في الـ13 من تموز 2015، أربع طائرات (F-16 )، وتوالت عملية تسليم العراق أعداد منها لاحقا، إذ تشير بعض المصادر إلى أن عدد الطائرات التي تسلمتها الوزارة لغاية شهر أيلول 2017، بلغ 18 طائرة من النوع ذاته. واجهت تلك الصفقة العديد من العراقيل من داخل وخارج الولايات المتحدة، لاسيما من قبل حليفتها الاستراتيجية (إسرائيل) وأذرعها الضاغطة داخل مؤسسات الدول الأميركية. بالرغم من ذلك فقد أكد الطرفان الالتزام بالاتفاقية، وبناء عليه فقد أرسلت وزارة الدفاع العراقية عددا من الطيارين العراقيين للتدريب في القواعد الأميركية على قيادة طائرات (F-16 )، ولم يكد يمضي إلا وقت قصير، إلا وتناقلت التقارير في 27/6/2015 إعلان وزارة الدفاع العراقية (العثور على جثة طيار عراقي تحطمت طائرته المقاتلة من طراز(F-16 ) خلال مهمة تدريب في الولايات المتحدة الأميركية. وقالت ان العميد الطيار راصد محمد صديق قتل “بعد تحطم طائرته الـ (F-16 ) التي كان يقودها في مهمة تدريبية في الولايات المتحدة الأميركية”. واشارت الى أن فرق البحث تمكنت من العثور على جثته في موقع تحطم الطائرة في ولاية أريزونا الأميركية.) , وكان من المفترض ان يكون العميد الطيار راصد محمد صديق أمرا لسرب مقاتلات(F-16 ) في سلاح الجو العراقي وهو من الطيارين المشهود لهم بالخبرة والكفاءةـ والتفوق إذ كان قد تخرج من كلية القوة الجوية عام 1990 برتبة ملازم طيار … وكان طيارا للسوخوي الروسية حتى الاحتلال الأمريكي للعراق. ومن الإشارات ذات الدلالة، تلك التي أوردتها مجلة التايمز الأمريكية بالقول أن الطيار العراقي راصد محمد صديق الذي سقطت طائرته عام 2015،( كان هو الأفضل من بين زملائه ومهاراته في قيادة الطائرة وكاد إن يصبح أفضل حتى من المدرب الذي كان يعلمه قيادة الطائرة F-16..) ,ومرة أخرى يتلقى العراق صدمة مشابهة، إذ تم الإعلان بتاريخ 6/9/2017، عن مصرع الطيار العراقي ( الرائد الطيار نور فالح حزام رسن الخزعلي )، بتحطم طائرة من طراز (F-16) خلال طلعة تدريبية في ولاية أريزونا الاميركية، جاء الحادث الثاني من نوعه خلال عامين مشابها في الكثير من ظروفه وملابساته للحادث الأول.
ثانياً- استهداف الطيارين العراقيين بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران:
أعاد هذا الحدث إلى الذاكرة العربية تاريخا أليما من عمليات استهداف الكفاءات المدنية والعسكرية والقيادات السياسية العربية. بالرغم من أن الكثير من المتابعين لا يعدون تلك الحوادث استهدافا ولكنها حوادث ليس إلا..!!؟ في السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، كشفت الأحداث اليومية جوانب عديدة من المخطط الإجرامي الدولي باستهداف الكفاءات الوطنية العراقية ذات القيمة الاستراتيجية في ميزان القوة الوطنية، وخاصة من كفاءات الدولة والأساتذة الجامعيين والباحثين وكبار الضباط ومنهم الضباط الطيارين. وكانت الحصيلة من ذلك الاستهداف اغتيال المئات منهم سواء بشكل مباشر أو من خلال الحوادث الأمنية المدبرة، كما تعرض آلاف آخرين للمطاردة والتهجير القسري، فضلا عن واعتقال آلاف آخرين.إن مصادر لا حصر لها تؤكد أن الكفاءات العراقية من علماء وأساتذة جامعات وضباط وغيرهم قد تعرضوا لحملة منظمة للإذلال والتحقير والإهانة لتطويعهم وكسر شوكتهم، كما تعرضوا لحملة مخطط لها بإتقان للاغتيال وبمهنية عالية وبطرق احترافية ولحملة مطاردة واعتقالات ومراحل تحقيق واستجواب وتعذيب طويلة وكان القتل داخل المعتقلات مصيرا حتميا لغير المتعاونين منهم. ونقلا عن أوساط عراقية مطلعة في بغداد فإن الموساد الإسرائيلي طلب من المخابرات الأمريكية ترك ملف العلماء العراقيين برمته إلى عملاء الموساد في العراق، مشيرين إلى أن الموساد يريد تهجير هؤلاء العلماء أو اغتيالهم إذا رفضوا التعامل معه.. ومن المؤكد وجود تلاقٍ في أهداف القوى الدولية المتآمرة على حاضر العراق ومستقبله، إذ اتضح أن استهداف الطيارين العراقيين على رأس أهداف قائمة فرق الموت والاغتيال الإيرانية والإسرائيلية، ولكل منهما أسبابه الخاصة.. لما سجله الطيارون على مدى تاريخ الصراع العسكري على جناحي العراق الشرقي والغربي في دعم جبهات القتال العربية في كل الحروب التي شهدتها المنطقة ضد الكيان الإسرائيلي، وكذلك في حقبة الحرب العراقية-الإيرانية. كان التواطؤ الإيراني- الأميركي- الإسرائيلي واضحا لكل ذي بصيرة، فهناك قرار دولي بقطع هذه الذراع الطويلة للقيادة العراقية أي كان انتماؤها الحزبي أو الطائفي، وكان ذلك التواطؤ يحظى بمباركة سلطات الاحتلال الأميركي، ويبدو أنه ما يزال كذلك، بل أن هناك من يتهم جهات أميركية بشكل مباشر بالوقوف وراء تلك الأعمال أو في الأقل أنها على بينة من هوية الجهات المنفذة، رغم ما يفترض أنها تساعد العراق في بناء عوامل قوته الوطنية، وفقا لاتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين، التي تم في ضوئها ترتيب مجمل العلاقات الثنائية وتنفيذ الانسحاب من العراق عام 2010 صعودا. إن فاعلية دور القوة الجوية العراقية في الحروب الإقليمية العربية ضد إسرائيل، أمر لا جدال فيه، إذ أشرت معارك حرب تشرين الأول- أكتوبر1973 فاعلية مشاركة الطيارين العراقيين في المعارك وفي إسناد القطعات الأرضية. أما معارك الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988) فقد كشفت دورا أكثر فاعلية للطيارين العراقيين الذين زامنوا مراحل الحرب المختلفة، خاصة بعدما نجحوا في استمكان المنشآت العسكرية التي كانت تدعم المجهود الحربي الإيراني، وتدمير موانئ التصدير النفطية في الخليج العربي، التي كانت تمثل عصب الاقتصاد، ورافدا أساسيا في دعم الجهد العسكري الإيراني، وكذلك استهداف مطاراته وقواعده العسكرية وتجمعات قواته الأرضية على امتداد أكثر من (1200) كيلومتر التي تمثل خطوط المواجهة المباشرة، وفي عمق الأراضي الإيرانية، وما اشتهر بأنه (حرب المدن) و (حرب الناقلات)، وهي التي أدت بمجملها في تمكين القيادة العراقية من امتلاك عوامل قوة من خلال تحقيق ما يقرب من السيادة الجوية لمعظم مراحل الحرب، وهو ما أسفر بالنتيجة عن ارغام القيادة الإيرانية على تجرع كأس السم والقبول بالقرار الدولي ( 598) في 8/8/1988، الذي يعد يوما مشهودا في تاريخ العراق وفي تاريخ جيشه وخصوصا قواته الجوية. ومع اختلاف الظروف العراقية بعد الاحتلال الأميركي، ودخول اللاعبين الدوليين الكبار، وبالتآمر المفضوح مع العديد من صغار اللاعبين الإقليمين، والمحليين كذلك، شهدت مدن العراق وقراه حربا إجرامية شعواء وبدون هوادة استهدفت تصفية خيرة الضباط الطيارين، لتجريد العراق من هذه القوة الضاربة. لقد ظهر النهج الإيراني، كما هو الحال بالنسبة للنهج الإسرائيلي، مصمما على حرمان العراق من امتلال عوامل قوة عسكرية حقيقية، خاصة عندما تكون تلك القوة خارج تأثيرها وتلاعبها، ومنها القوة الجوية التي كان يفترض أن تنهض من جديد بحسب البيانات الصادرة عن الحكومة العراقية وحليفتها حكومة الولايات المتحدة الأميركية. ولعل الرفض الإيراني لإعادة الطائرات العراقية التي لجأت إلى المطارات الإيرانية عشية العدوان على العراق عام 2003، واعتبارها جزء مما تعده تعويضات عن حرب الثمان سنوات، يضاف إلى ما حصلت عليه من مكاسب استراتيجية جراء هيمنتها على الشأن العراقي وباتفاق وتوافق وتفاهمات مع الاحتلال الأميركي.
وخلاصة القول إن المؤشرات المتاحة في المشهد العراقي، تؤكد استمرارية تخادم وتوافق الرؤى الإيرانية- الإسرائيلية لاستهداف كل عناصر القوة الوطنية العراقية المادية والمعنوية وفي المقدمة منها سلاح القوة الجوية العراقية..
ثالثاً- استهداف الطيارين العراقيين حلقة في مسلسل استهداف الطيارين العرب:
إن المتابع لبعض الحوادث الشاخصة في مجال الاستهداف المدبر، وخصوصا في استهداف الشخصيات العسكرية سواء الطيارين العراقيين أو الضباط من دول عربية، لابد وأن يقفز إلى ذاكرته حادث استهداف مجموعة من الكفاءات العلمية والضباط المصريين عام 1999، إذ أسقطت الطائرة المسماة بـ (تحتمس الثالث) التابعة لشركة مصر للطيران طراز بوينج 767-300 بعد نحو ساعة من إقلاعها من مطار جون كيندي متوجهة إلى القاهرة/ رحلة رقم 990 ، وأدى إلى استشهاد 217 شخصا كانوا على متنها، على بعد ٦٠ ميلاً من الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية وكان من بين الضحايا (33) ضابطا من خيرة ضباط القوات المسلحة المصرية، بعدما أنهوا فترتهم التدريبية على أحدث المعدات الفنية العسكرية في الولايات المتحدة الأميركية، مع (3 ) علماء ذرة و(7) خبراء في مجال النفط، وأثبتت التحقيقات لاحقا، أنه تم التلاعب في الحجوزات الخاصة بالعديد من الضحايا وإلغاء سفر بعض الأشخاص الآخرين، بحيث يكونوا في طائرة واحدة ليكونوا صيدا سهلا، وقد رجحت الكثير من الكتابات التي تناولت الحادث أن تكون إسرائيل وراء ذلك الحادث …إن استهداف الطيارين العراقيين، جاء أيضا بعدما أكملا دورتهما التدريبية في ولاية أريزونا الأميركية..!!؟؟ ومن المؤكد أن هذه الحوادث بمجملها تنطوي على رسالة واضحة لكل العرب أنه لن يسمح لكم أن تمتلكوا أية امكانية علمية أو عسكرية تمنحكم التفوق..!! وخلصت العديد من التحليلات إلى أن أمريكا وحليفتها الإقليمية إسرائيل ( لا تريدان تخريج إي طيار متفوق وسيعاد السيناريو نفسه حين يظهر نابغا او طيارا ماهرا في سماء العراق.. وسيبقى الحال كما هو. والأمريكان لم يخسروا شيئا، فالطيار ليس أمريكي، والطائرة مدفوعة الثمن، وساعات التدريب مقبوض الثمن. وأسباب سقوط الطائرة غامض وتقارير أمريكية مستقلة تقول أن الطائرة تم تفجيرها في السماء وتم تعطيل المقعد الاضطراري للقفز بالمظلة ..) لكي يضمنوا عدم نجاة الطيار في كل الأحوال.ومن السهولة بمكان أن يستنتج المحلل أن ما يحدث عبارة عن عملية إجرامية تشارك فيها جهات عديدة، بحيث أن كل تلك الجهات حققت عوائد حسب توجهاتها، فالجهة التي تقوم بالتدريب ضمنت حصولها على مستحقاتها المالية بعد اتمام مستلزمات التدريب المنصوص عليها في العقود المبرمة بين الأطراف ذات الصلة.. ثم فسحت المجال بعد ذلك للجهات التي أعدت لهم خططا بالتصفية للتخلص منهم، قبل أن تحرم بلدانهم من المهارات والخبرات التي اكتسبوها في التجسيد العملي للقوة العسكرية لجيوش بلدانهم التي تظهر جلية لاحقا في التوازن العسكري الاستراتيجي في عموم منطقة الشرق الأوسط ..هل هناك من يشكك في وجود مخططات الاستهداف ضد الكفاءات العراقية..؟؟!!.. نقول نعم هناك من يشكك، ولكن نقول أيضا أن هناك الكثير ممن يؤكد وجود مثل هذه المخططات، والمعلومات التي تتسرب بين الفينة والفينة تدعم تلك التأكيدات. بل أنها تؤكد استمرارية تنفيذ ذلك المخطط الإجرامي، وإن كان بإضافة صيغ أخرى منها الضغوط المعيشية والإغراءات ..الخ. علما أن مصادر عديدة كانت قد نقلت عن رئيس منظمة “عون”: تسجيل اغتيال 53 عالماً عراقياً واختفاء 27 آخرين منذ مطلع عام 2015، كما سجلت دائرة الجوازات العراقية مغادرة أكثر من 400 عالم عراقي البلاد خلال الأشهر الستة من كانون الأول 2014- أيار 2015. لقد تابعنا في مناسبات عديدة حوادث استهداف العديد من الشخصيات العلمية العربية في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وكان من بينها استهداف العديد من الطلبة الخليجيين وخاصة السعوديين المبتعثين إلى الولايات المتحدة، وكان يشار غالبا إلى أن بعضها كان لدوافع مالية لأن أولئك المبتعثين كانوا يظهرون علامات الثراء دون أن يحترسوا لوجود جهات إجرامية تتربص بهم، قد يبدو ذلك التفسير مقبولا إلى حد ما..!! لكن القضية مختلفة تماما مع قضية استهداف الطيارين والضباط والعلماء في الجوانب العلمية التطبيقية الحساسة على شاكلة الذرة والليزر والهندسة الوراثية البيولوجية وعلوم الفضاء والطيران الحربي .. الخ لأنها تدخل في صميم تكوين القوة المادية للدول العربية، وأكدت المعلومات المنشورة على مواقع الشبكة العنكبوتية أنها هدف مركزي في نشاط الأجهزة الخاصة الإسرائيلية كما هي بالنسبة للأجهزة الإيرانية.، والجهتان حريصتان كل الحرص على ترتيب مسرح الجريمة في كل حادثة على أنه مجرد حوادث قضاء وقدر.. وهو أمر لم يعد بالإمكان تصديقه..!! وبات في حكم المؤكد أن كل من إيران وإسرائيل يزعجهما امتلاك العراق طائرات حديثة من طراز أف-16 أو أي طراز حديث آخر، يقودها طيارون عراقيون .. فهذا يؤثر عليها من زاويتين، الأولى أن هؤلاء يشكلون إضافة نوعية للقدرات التسليحية والقتالية للعراق كدولة في حالة حرب مع إسرائيل، والزاوية الثاني، هي امتلاكهم أسرار تلك الطائرات ومعرفة عوامل القوة ونقاط الضعف فيها، وهو ما يعني التعرف على ما يعانيه سلاح الجو الإسرائيلي من جوانب الضعف لأن تلك الطائرات تمثل ركنا أساسيا فيه.. وركزت الكثير من التحليلات على ( أن اذرع اللوبي الإسرائيلي سعت منذ البدء إلى وضع عراقيل كبيرة لإفشال عقد الصفقة ( كون الطائرة تصل الى ابعد نقطه في إسرائيل .).
رابعاً- لماذا الاستهداف بعد اكتمال الدورات التدريبية..؟؟!!
ونعود إلى تحديد وقت الاستهداف، للإجابة عن التساؤل لماذا يتم الاستهداف بعد استكمال الدورات التدريبية..؟؟ وفي معرض الاجابة تتوارد في الذهن الكثير من الدواعي وراء ذلك، لعل من بينها:
1- إن الجهة التي تتولى التدريب قد حصلت على كامل استحقاقاتها المالية الواردة في العقود، وبالتالي لن يكون لها أية مصلحة في التدخل لمنع الاستهداف أو الكشف عن الجهات المنفذة له والمشرفة عليه.
2- إن ارتباط خطط بناء القوة في البلدان المستهدفة، بعودة تلك الكفاءات في زمن محدد، يجعل أي استهداف لهم بمثابة تعطيل أو اجهاض لتلك الخطط، لأنه يتسبب في حرمان تلك البلدان من عامل الزمن والتدريب والمال، مما يرغمها على معاودة الانطلاق من نقطة الصفر غالبا، في وقت تكون فيه التطورات التكنولوجية وموازين القوة قد تغيرت إلى مستويات أعلى، ولم يعد اللحاق بها ممكنا.. وهكذا دواليك..!!
3- إن التطور العلمي في المجالات العسكرية ظاهرة متسارعة، وهو ما يجعل إعادة العمل بشروط العقود التدريبية نفسها، لن يؤدي إلا إلى منافع محدودة قياسا بما يكتسبه المتدربون الذين يقطعون مراحل معتادة .. في ارتفاع كلفتها المالية.
خامساً: ردود الفعل الرسمية العراقية:
إن ردود الفعل الصادرة من بعض المسؤولين العراقيين سواء في مجلس النواب أو في السلطة التنفيذية كوزير الدفاع، كانت بالمجمل تتسم بغموض المغزى والضعف والحذر الشديد، ويمكن القول أنها جاءت ضعيفة ولا تنسجم مع مؤشرات الاستهداف ودلالاته الخطيرة التي تمس صلب الأمن الوطني العراقي..إذ عبرت قيادة القوة الجوية، عن ( “حزنها الشديد لفقدان هذا البطل الذي كان من خيرة طياري طائرات الـ F-16 والذي أكمل كل مراحل التدريب بتفوق عالٍ وكان خير من مثل العراق من حيث الالتزام والخلق الرفيع والضبط”. أما وزير الدفاع عرفان الحيالي فقد أمر بفتح تحقيق مشترك عراقي- أميركي بحادث مقتل الطيار العراقي.) , أما عضو هيئة رئاسة مجلس النواب (همام حمودي)، فقد وجه (لجنة الأمن والدفاع النيابية بالتحقيق حول تكرار تحطم طائرات الـ F-16 بقيادة طيارين عراقيين في الولايات المتحدة الاميركية، داعيا اللجنة للتنسيق مع وزارة الدفاع بشأن الموضوع. وفي بيان صحفي قال حمودي ، ان “حادثة استشهاد الطيار نور الخزعلي تعتبر الثانية بعد استشهاد العميد راصد محمد، وهما في مهمات تدريبية في أمريكا”، مشدداً على “ضرورة الاسراع في كشف أسباب تكرار هذه الحوادث وكيفية عدم تكرارها مستقبلا بما يضمن سلامة الطيارين والحفاظ على الكفاءات العراقية”.) , وأما رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية (حاكم الزاملي)، فقد أبدى استغرابه من حادثة سقوط طائرة ثانية من نوع F-16 … وقال الزاملي، في بيان له، ان “التدريب وصل المراحل النهائية مرحلة القتال الجوي ويعد هذا الطيار من أمهر الطيارين العراقيين، وان تكرار هذه الحالة يثير استغرابنا حيث سبقه استشهاد العميد الطيار راصد في ٢٠١٥ الذي وصل الى المرحلة النهائية”. و ان “سقوط هذه الطائرات في القواعد الجوية الامريكية وتأخير نتائج التحقيق وتنصل الأمريكان عن تعويض العراق عن الطائرات المتحطمة وتأخير نتائج التحقيق كذلك يثير استغرابنا”. ودعا (الزاملي) القائد العام للقوات المسلحة لـ”تشكيل لجنة مشتركة من لجنة الامن والدفاع البرلمانية ووزارة الدفاع للوقوف على الأسباب الحقيقية لتكرار هذه الحوادث التي أدت الى استشهاد خيرة الطيارين العراقيين”. في السياق ذاته، فإن عضو لجنة الامن البرلمانية ورئيس كتلة الفضيلة النائب (عمار طعمة) طالب (بإجراء تحقيق تشرف عليه لجنة فنية عالية المستوى للكشف عن اسباب سقوط الطائرة العراقية F-16 في ولاية أريزونا الاميركية… وان “الحادث المؤسف الذي تعرض له الرائد الطيار نوري الخزعلي … يثير كثيراً من الشكوك والاستغراب خصوصا وأنها ليست الحادثة الاولى بل سبقتها حادثة مماثلة قبل ما يقارب سنة أدّت لمقتل عقيد طيار ايضا، علماً ان تقارير التقييم المهني تشير الى أن كلا الطيارين الفقيدين من الأكفاء وذوي الخبرة العالية وقد أكملا أغلب المراحل التدريبية بتفوق قبل مقتلهما بحوادث تحطم طيارتيهما”. وتابع عضو لجنة الامن البرلمانية ان “جميع المؤشرات المذكورة تدعو لفتح تحقيق تشرف على إجرائه لجنة فنية عالية المستوى للكشف عن الأسباب الحقيقية لوقوع هذه الحوادث المؤسفة والمثيرة للريبة ولمنع تكرارها مستقبلا وان احتمالات توفر أسباب مقصودة أو تخريبية في الحادثتين ليست ببعيدة”.) , أما السفارة الاميركية في العراق فقد أعلنت في بيان لها يوم 7/9/2017 (ان واشنطن وبغداد تعملان حاليا على إجراء تحقيق شامل بقضية مصرع طيار عراقي اثناء التدريب على طائرة F-16 أمس في القاعدة العسكرية الجوية بأريزونا الاميركية مؤكدة انه سيتم اعلان النتائج حالما تصبح متاحة .) وأشارت السفارة الى (ان “الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة تدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية لضمان قدرة هذه القوات على حماية بلادها”. ..) , (الغريب في الأمر ان ساسة عراقيين في السلطتين التنفيذية والتشريعية أنكروا الحادثة ووصفوا الخوض في تفاصيلها خط احمر وهي من ملفات الأمن القومي المصون. تماما كما تم تجاهل الحادثة إعلاميا ورسميا وشعبيا …)
سادسا: ما هو المطــلوب..؟؟
1- أن تتولى جهات وطنية عراقية تأمين ومتابعة وضع المبتعثين والمتدربين في الخارج في مختلف التخصصات المهمة، لا أن يتركوا فريسة سهلة لاستهدافهم من قبل الجهات الأجنبية المعادية للعراق، تتلاعب بهم كيف تشاء، لا يهمها سوى الحصول على المكاسب المالية، وهي بعيدة كل البعد عن الاهتمام بالمصالح الوطنية العراقية..
2- أن تتولى جهات عراقية متخصصة، التحقيق في الحوادث التي يتعرض لها المبتعثون.
3- ضرورة إطلاع الرأي العام العراقي والعربي على نتائج التحقيقات في كل تلك الحوادث.