لا يزال من المبكر جدا إضاءتهم للمدينة ، للأبواب والنوافذ ، او الطرقات و الجسور وضفاف الانهر ، اوتركهم أحذيتهم والسير حفاة في الطريق آمنين من قطع الزجاج المكسور والقاذورات المرمية في الشوارع ، أو دهن اجسادهم من نفط بابا كركر مثلما كانوا يفعلون في القرون الوسطى درء ً للوباء المنتشر ..
كما أن من السابق لأوانه إنقاذ انفسهم متحصنين في الملاجئ مرة ، اوملء عرباتهم بالمؤن مرة اخرى ، والحلم بمعاش تقاعدي بديلا ً للبطاقات التموينية المزورة .. حلم ينتهي في البنوك الوهمية التي لاتمتلك اساسا ً في الوجود ..
ومن المبكر جدا اختيار أسنانك من الفم وتسدد في عقدة لسانك، وملء جيوبك بالماء والطاقية بالرمل ، استعدادا للعطش في بلد مستقبله ساخن ومهدد بالتصحر …
من المبكر جدا الهروب إلى أجراس زجاج الصمت الصلد أو إخراج و تهجير الثعالب والذئاب من جحورها ، من السابق لأوانه أن تضع حدا لقبضة الإبهام!
من المبكر جدا ان ترسم الغيوم باللون الأخضر في سماءٍ صفراء وإخفاء الغابات الخضراء في أتربة الصحراء ، لتمرير الحيلة لآلهة الحب والجمال (عشتار) بالإيهام لها برمي حجارة في السراب وتفرغ ثدييها لآخر قطرة من الحليب ،
من السابق لأوانه أن تدهن محاور مركبات الجلادين وتعلم لغات الإلتصاق ، او القيام بتدريب أنفسهم في صعود الصواري أو لفهم باطن اللون الأحمر او اللون الازرق ، لترى العجائب من الامور والعلوم والمصائب !!
من المبكر جدا تعليم الحمام لتهمس في أذنها رسالة غير مكتوبة اساسا ً وعلى اصوات خرير الماء المنساب بين نتوءات الجدران المهيئة والمرفقة مع موسيقى الإلهيات لعلاج المصابين بالامراض النفسية ، وتقديم المعالم مع أسماء الأماكن الغير الموجودة إطلاقاً ، وإيهام الدليل بالطرق الغير المؤدية بتاتا ً و أن تحسب وتضرب الاخماس بالاسداس مترددا ً في إتخاذ القرار الفعلي او تتعلم تكشف غشا ً زهرا ً مغشوشا ً مسبقا ً لتعلن بالـ( دو شش ) اوتلعب بالنرد من دون عيون بصيرة و تأخذ النقود الممطرة بدون ديون !!
من المبكر جدا تعلم المشي على حبل مشدود ومصنوع من الأنهار الجبلية او الرقص ( على حبال من رمل ) دون أن تقع !!
او تعلم التزلج في الدوامة الصحراوية وبالمكانس السحرية ، مع هبوب الرياح ، اوالنوم في زمهرير البرد بين الاوراق الخريفية المتساقطة تحت ظروف الانجرافات والإنهيارات الإقتصادية الجليدية المتصقـّعة ، مثلما ينام المرء في البيت شتاءً تحت بطانية فتاح باشا الثخينة او ملفوفا باللحـّاف المطرّزة والمزركشة بالنقوش الشرقية .. مؤمن ..مخدّر ، وأطرش بالزفة !!
من السابق لأوانه السماح للبدو ملء معدته بالجوز واللوز ، اوالذي يتغذى على البلوط القديمة المرة ان يتعلم تذوق الشراب المعتـّق من عناقيد العنب وحب التوت والمشمش مثل عناقيد من الخير و الآمال ،
فمن السابق لأوانه ..!!
ومع ذلك فنحن ، في وقت مبكر جدّاً ! جدّاً ! حتى الآن ..أن نفكـّر..!! وشعوب اخرى تتسابق الصعود الى الفضاء لتصل الى ابعد نقطة ..!!