18 ديسمبر، 2024 11:25 م

من الذي اتصل بـ(داعش)؟؟  

من الذي اتصل بـ(داعش)؟؟  

كثير من الامور كانت ستتم بيسر, وتنجز بسهولة لو كانت الحلول للاستعصاءات التي تخنق المشهد الامني والسياسي في طول وعرض المنطقة باليسر الذي يتحدث به وزير الخارجية البريطاني السيد فيليب هاموند, والذي عدّ ان حل الازمة و”انهاء هذا الجنون”,  لا يحتاج الا الى مكالمة تليفونية من الرئيس بوتين الى الرئيس الاسد يقول له فيها “إن اللعبة انتهت”.فعلى الرغم من قدرة مثل هذه العبارات على اثارة المخيلة , الا ان الواقع يمد لنا لسانه كل مرة مؤكدا على تعسر الحلم بنهاية سهلة لهذا “الجنون” خصوصا ونحن نتابع قوات جيشنا الباسلة وعشائر الانبار الاصيلة وهي تكافح في استعادة السيطرة على مدينة الرمادي التي تحولت الى قائمة طويلة من الشوارع والازقة والاحياء الواجب تحريرها شبرا شبرا وسط الهجمات الانتحارية والمفخخات والقناصة والموت المزروع كالدغل الضار وسط البيوت والمدارس وعلى الارصفة والاسواق والضمائر المغيبة..وهنا قد يقول قائل ان في هذا الكلام نوع من التحامل سيء النية على الرؤى الستراتيجية للسيد هاموند, فان هناك الكثير من الشواهد على ان بعض الظروف الموضوعية قد تؤثر على طبيعة ومسارات المعارك..وان هناك ما يؤكد هذا الكلام.. ولا داعي هنا لاستدعاء التاريخ ليخبرنا بما اختزنته الايام من حوادث لمدن سقطت بيد الغزاة بيسر وسهولة – بل وتسهيل- بصورة تثير الاستغراب -ان لم يكن الريبة- ولكنها حدثت..وعلى الهواء, ولم تجد فيها “الجزيرة” ولا غيرها غضاضة ولا موضوع يستحق النقاش..وقد كان من الحكمة ان يلملم المتابع اوراقه ويعود الى البيت طائعا مفسحا المجال والسنين للنسيان, لولا ان الوقائع محملة بشحنة من السلاسة, بصورة زائدة قليلا عن الحد الذي يمكن معه التخلي عن هوايتنا الاثيرة بسوء الظن..وهذا الظن السيء بالذات , قد يكون وراء التساؤلات الكثيرة التي تمزق القلب عن ذلك التناوب المربك مابين العسر واليسر الذي يحكم طبيعة المعارك حسب الجهة التي تضغط على الزناد. وهنا يقفز السؤال..لم يتوجب على العراقيين ان ينزفوا كل هذا الدم والدموع والمقدرات مقابل اي متر ينتزعوه من براثن الارهاب الوحشي المتغول..؟؟ ولم عليهم -دون غيرهم- ان يبرروا كل اطلاقة بندقية للعديد من الجهات والقوى حتى قبل ان تستقر في هدفها المنشود؟؟.. ولم على معاركهم ان تضبط على دقات ساعة -وقلب- المسارات السياسية المتشابكة كخيوط العنكبوت, وما الذي يجعل داعش هنا بكل هذه الشراسة والتماوت ولكننا نراه ينكفيء في مناطق اخرى بلا قتال باريحية وتواضع وخضوع كعمال المياومة , ولماذا على جيشنا ان يطلق اسماء شهداؤه على اعمدة الكهرباء في الرمادي -مثلا- ولشهور, وفي مكان آخر من العراق , ومع نفس هذا الـ”داعش”, نجد ان البيشمركة يدخلون سنجار ” سيراً على الأقدام ” ببدلات وعربات نظيفة وبالاف الاعلام الملونة كزفة عرس قروي, دون الوجل من عبوة هنا او قناص هناك, وكأن “داعش” استلم امر الانسحاب “التكتيكي” من خلال مكالمة تليفونية عجلى..نتفق ان هذه التساؤلات قد تعتمد كثيرا على الهواجس في مقاربتها , وبالتاكيد اننا لا نملك اجابات واضحة عنها , وقد لا نتحصل عليها قريبا, ولهذا فاننا لا نملك امام هذه التداعيات سوى ان نرجو ان لا يكون هناك من مؤامرة حقيقية وراء ما يجري. نعود الى المكالمة التليفونية, والى السيد هاموند..فيبدو ان ما قاله قد اثار اهتمام – او حنق- المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ما جعلها تكتب تحت ضغط نفس الهواجس التي تمر بخاطر العراقيين: ” دعونا نفكر في هذا الموضوع. لو كانت الأمور ستتطور وفقا للسيناريو الذي يحاول زملاؤنا البريطانيون إقناعنا به، وينتهي هذا الجنون مع رحيل الأسد، فإلى أين يا ترى سيذهب داعش؟ هل سيتصل به أحد ويقول له إن اللعبة انتهت. يرجى الانتباه إلى السؤال: من الذي سيتصل بداعش؟”..وهنا قد نستطيع صياغة السؤال بالشكل التالي, من الذي اتصل بداعش في سنجار؟؟ ولماذا اغلق هاتفه في الرمادي؟؟..