المتحدث في السياسة بشكل عام في بلدنا يشبه الطبيب الشعبي، بعد عرض حالتك الصحية عليه، يحضر لك الأعشاب، يقول: (هذا الدواء إذا ما ينفعك ما يضرك). لكن، الحقيقة عملية تحضير الأعشاب مشكوك بنظافتها كليا، من أسباب ذلك:
1ـ ان الأعشاب لم تعد مثل أيام زمان طبعية برية لكون الحياة والصحاري كلها تلوثت بالإشعاعات.
2ـ بعض أصحاب المهن الوضيعة تحولوا الى أطباء أعشاب ومنهم الإسكافية.
المسألة الأخطر هي من هذا التبعيض، حدث ان تحول الاسكافي الى طبيب أعشاب ثم تحول الى سياسي؟!.
يتحدث الناس عن السياسة في كل وقت ومكان، كل اتجاه، يظهرون على الفضائيات في المقاهي أو سيارات الأجرة والأسواق، يوزعون المقترحات. هذا يتهجم وذاك يترحم والآخرين يهزون رؤوسهم.
يشعر بالتشاؤم العراقي من السياسي؛ هو من نكل به وسرق قوت يومه بينما يترحم أحيانا على العميل في السياسة الذي وضع يده بيد الأجنبي الغادر.
تأتي الأحزاب والمنظمات بشخصيات أعدادهم هائلة أكثر من أعداد حكومات دول كبرى. ينامون على قلب الوطن الى الظهيرة.
السياسي الحقيقي هو من يعمل في ارض العدو لصالح وطنه وليس من يعمل في داخل وطنه لصالح العدو.
هذه السياسة لها رجالها مثل الفن والرياضة والأدب والقانون والعسكرية إلا في العراق من يتحدث في السياسة تجده مع كل الاحترام والتقدير ولكن الحالة هذه موجودة، المتحدث هو الراكب في السيارة وسائق التاكسي ومنظف الدائرة ومرضى العيادات الطبية والعاطلين في المقاهي وباعة الخضر والبقر ..
السياسة بشكل عام علم من العلوم له مناهج ونظريات ومفاهيم ومصطلحات تدرس في جامعات ومعاهد ومراكز أبحاث.
صحيح السياسي في العراق ضرر هؤلاء فمن هذا جاء الحديث على لسانهم وليس على لسان النخبة السياسية.
تذكرت هذا وأنا أقرأ ما جرى من محاورة بين علماء اثنين هما الغزالي والزمخشري. كان الزمخشري قد طلب من الغزالي شرح قول القرآن الكريم: (الرحمن على العرش استوى).
رد عليه الغزالي من جملة أبيات:
قل لمن يفهم عني ما أقول
اترك البحث فذا شرح يطول
أنت أكل الخبز لا تعرفه
كيف يجري فيك أم كيف يؤول
فإذا كانت طواياك التي
بين جنبيك بها أنت جهول
كيف تدري من على العرش استوى
لا تقل كيف استوى كيف الحلول