القسم الاول
كما ذكرت في الحلقة السابقة من ارشيف الذاكرة ، فقد عملت في بداية حياتي الصحفية في مجلة الاذاعة والتلفزيون ، وفي الحقيقة فقد عملت وبصفة متدرب في جريدة الراصد الاسبوعية والتي كان يرأس تحريرها المرحوم مصطفى الفكيكي ، وفي الجريدة تعرفت على جاسم المطير حيث كان يشغل مهمة سكرتير التحرير وتقربت اليه كثيرا اذ كنت ازوده ومن خلال الارشيف بكل الصور والاخبار وكان يعطيني كل مايكتبه لكي اطلع واتعرف على اسلوب الكتابة والمعالجة ، وكان يعمل في الجريدة ايضا مجموعة من المتمرسين والحرفيين الكبار منهم الراحل ابراهيم زاير والذي ربطتني به صداقة ودودة وساهرة يعقوب وجمعة اللامي ومؤيد الراوي ، وفي الليل كنت اذهب الى المطبعة للاشراف على تنفيذ صفحات الجريدة ومطابقتها مع التصميم حيث يستمر العمل لغاية منتصف الليل ، وعلى الرغم من قصر المدة ومحدودية العمل في الراصد ، الا انها كانت تجربة منحتني القدرة والشجاعة في اقتحام هذا الميدان ، واضافة لي تجربة عملية مكنتني من الاستفادة منها في دراستي الاكاديمية في قسم الصحافة كلية الاداب حيث كنت في المرحلة الدراسة الاولى ، وطيلة هذه المدة لم يصرف لي المرحوم الفكيكي سوى 35 دينارا وكنت فرحا بهذه التجربة ولم اهتم لقلة البلغ ,
وتبقى البداية الحقيقية في عملي الاحترافي والمهني هي في مجلة الاذاعة والتلفزيون ، وبالاخص من خلال معرفتي المناطقية مع رئيس تحريرها الراحل زهير الدجيلي والذي وفر لي كل الرعاية والاحتواء بعد ان لمس مني الجدية والمثابرة والقبول بأي تكليف او طلب ، اضافة الى التحاق جاسم المطير في العمل بالمجلة كسكرتير تحرير ايضا .
بعد مرور فترة قصيرة في العمل في قسم الارشيف والذي وفر لي فرصة كبيرة للاطلاع والتعرف على معظم المجلات والصحف العراقية والعربية والاجنبية التي كانت ترد الى المجلة ، والتعرف من خلال القراءة المتواصلة للاخبار والتقارير والتحقيقات وباقي المواضيع على اسلوب الكتابة وطبيعة واساليب التصميم ، وادركت حينها ان رئيس التحرير كان مهنيا وحرفيا اذ اختار لي قسم الارشيف كبداية للعمل ، فهو بحق شكل عندي المرتكز الاساسي للولوج الى عالم الصحافة .
ولكن كانت ترافقني ثمة تحديات ورعب كبير كوني اتفاعل بحكم العمل مع هامات ومتمرسين كبار من الصحفيين الذين كانوا آنذاك يشكلون الصف الاول من صحفيي العراق ، وانا الاصغر سنا من بينهم ، فالفارق في التجربة والممارسة الصحفية بينهم وبيني لاتقل عن خمسة عشر عاما وكل الذي يميزني عنهم هو دراستي الجامعية للصحافة ، وللتأريخ اذكر وبكل التقدير والاحترام والاجلال بعضا من هذه الهامات الكبيرة ومنهم ، المرحوم زيد الفلاحي ، المرحوم عباس البدري ، المرحوم فالح عيد الجبار ،المرحوم رياض قاسم ، المرحوم رشيد الرماحي ، رياض شابا ،المرحوم عارف علوان ، خالد الحلي ، زهير الجزائري مريم السناطي ، سلام مسافر ، سهيل سامي نادر ، تركي كاظم جودة ، صباح عطوان ، قاسم حسين صالح ، فاطمة المحسن ، ومجموعة اخرى ، عذرا لعدم ذكرهم بسبب النسيان ، وليس كل هذه المجموعة كانت على الملاك الدائم وانما يجري التعامل معهم بنظام ما يسمى سابقا ــ على القطعة ــ اي تصرف لهم اجور على قدر مايكتبون ، وكان من يعمل على الراتب الثابت بحدود الست او سبع اشخاص كنت انا واحدا منهم . وفي هذه الفترة تعرفت على الكثير من صحفيي العراق ممن كانوا يترددون على المجلة وايضا في تلك الفترة انتميت الى نقابة الصحفيين وحصلت على هوية النقابة والتي حملت الرقم 913 وبصفة عضو عامل لأن النقابة منحت امتيازا لطلبة قسم الصحافة بمنحهم صفة عضو عامل مباشرة ، ومازلت احتفظ بها ومجددة لغاية 2021 .
ازاء احساسي بالتحدي ، وبعد ان تطورت علاقتي بالجميع ، صار لزاما علي ان اتوسع في القراءة والمعرفة، وصرت اقرأ مصنفات في الادب والسياسة والتأريخ وايضا في المناهج والمدارس الصحفية والاعلامية، وكان المبتغى من هذه الخطوة هو حرصي على التواصل مع مجموعة المجلة في النقاش او ابداء الرأي ولو في الحدود الدنيا عندما نجتمع في سهرة ما او ترويحة ما ،وفعلا خلال فترة من التواصل في القراءة احسست وقد اصبح لي دورا في المساهمة في النقاشات ، او حتى في اجتماعات هيئة التحرير . واصبحت فيما بعد القراءة والاطلاع والمتابعة هي مرتكز المستقبل الذي كنت انشده .
ويليه القسم الثاني