22 نوفمبر، 2024 4:59 م
Search
Close this search box.

من اجل قضاء عادل وقوي

من اجل قضاء عادل وقوي

يحكى ان احد قادة جيوش الاستعمار أراد الدخول إلى احد المدن غازياً ومحتلاً وحين وصل إلى تخومها بعث بجواسيسه ليستطلعوا عن أخبار المدينة وأهلها وحين عودتهم سألهم هل في المدينة قضاء عادل ومعلم ناصح ؟ أجابوه بنعم , فقال لهم لا ندخلها حتى يفسد قضائها وتهدم مدارسها حينها فقط ستكون لنا الغلبة .

ومنذ فجر الإسلام كان للقضاء منزلة عظمية لدى الشعوب ومكانة محترمة استمرت من عهد الرسول المصطفى (ص) والخلفاء الراشدين (رض)من بعده والى يومنا هذا هذه المنزلة ساهمت بإيصال الدولة الإسلامية إلى أوج عظمتها . ومن بين المؤسسات القضائية العريقة يحتل القضاء العراقي مكانة مرموقة قارعت الظلم والاستبداد وتحملت المسؤوليات الجسام وكانت خير سند لهذه الأمة التي عانت الكثير من الويلات على مر الأزمان , حتى ان النظام الديكتاتوري الذي حكم البلاد بالحديد والنار لما يقارب ثلاث عقود من الزمن لم يجرؤ على التدخل يوماً بأمور القضاء وان محاكمه الخاصة كان يقودها أناس لا دخل لهم بالقضاء لا من قريب ولا من بعيد .

اما بعد أحداث عام 2003 وما تلته من أحداث دامية ومأساوية والصراع الطائفي والقومي على كل الأصعدة فيشهد القاصي والداني ان القضاء قد يكون المؤسسة الوحيدة التي لم تتأثر بهذا الصراع واستمر بحياديته ونظرته الأبوية لجميع المكونات , ولو عانى اي شعب في الكون ما عاناه الشعب العراقي لكانت نهايته حتمية ومؤكدة , فالسمعة الطيبة والمنزلة العظيمة لم تكن لتأتي دون وجود قضاة شجعان وضعوا نصب أعينهم حماية حقوق الناس بكافة شرائحهم من العابثين يضعون كلام الله تعالى ((وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل)) أمام أنظارهم ومسامعهم .

ولأجل هذا لا بد من ان يكون المعيار لاختيار القضاة ضمن خطط مدروسة من كافة النواحي ومع ان المعهد القضائي العراقي وهي المؤسسة المعنية بهذا الاختيار لم يدخر جهد لذلك واستطاع تخريج كوكبة مميزة من القضاة يشار لهم بالبنان , الا ان اختيار عشرة أو عشرين شخص من بين الفي متقدم بامتحان قد يجتازه البعض بضربة حظ لا يمكن ان يكون المعيار الحقيقي لبقية المشاركين , فالعراق يمر بمرحلة خطيرة تستوجب وجود طاقات جبارة تعبر بالبلاد إلى بر الأمان , وان كلامي هذا لم يأتي من فراغ فخلال مراجعاتي إلى المحاكم وكذلك أحاديث الزملاء وجدنا بعض القضاة لا يملكون شخصية القاضي شكلاً ومظهراً ولباقة ولا حتى علمية ً إضافة إلى الإملاء الضعيف والخط الركيك والذي يدفعنا للتساؤل كيف استطاع هذا الشخص اجتيار الاختبار الصعب ؟

اعتقد ان امر كهذا يساهم بفقدان ثقة المواطن بالقضاء ويمحو تلك الصورة البهية لهذه المؤسسة العريقة , ومن باب حرصي على اسم وسمعة القضاء العراقي وعلى كافة مؤسسات الدولة اقترح ان يتم تغيير الآلية المتبعة من قبل مجلس القضاء الأعلى باختيار القضاة وبدلاً من زج مئات الأشخاص من حملة شهادة القانون في اختبار روتيني قد يجتازه من لا يستحق الوصول إلى هذا المكان أتمنى ان تتم مقابلة كافة المتقدمين وتشكيل لجنة مختصة ومتفرغة لذلك تتكون من أساتذة في مجال القانون وعلم النفس واللغة العربية يبدأ الاختبار بدراسة شخصية المتقدم من حيث الكاريزما واللباقة والفصاحة ومخارج الحروف وتنتهي بمهارات الخط والكتابة ومن يجتاز هذا الاختبار يتم امتحانه تحريرياً لمعرفة الأفضل من المتقدمين ولخلق جو منافسة حقيقي بين المتقدمين وبدل ان يتقدم الفي طالب ويخرجوا بنتائج غريبة ومضحكة في نفس الوقت , يدخل مائة طالب يستحقون تمثيل القضاء فعلاً ويكونوا خير خلف لخير سلف ويعيدون تلك الصورة الناصعة التي لطالما عرف بها القضاء العراقي الحيادي والمستقل .

أتمنى ان تكون هذه الرؤيا محل نظر واعتبار أمام القائمين على المؤسسة القضائية العريقة والمحترمة ومن الله التوفيق .

أحدث المقالات