23 ديسمبر، 2024 3:55 ص

من أين يأتيهم الانضباط؟

من أين يأتيهم الانضباط؟

وكيف لهم أن يعرفوا للنظام معنى وممارسة؟
أين نشأوا؟
وعلى يد من تربّوا؟
وفي أيّة بيئة ومحيط وجو؟
كيف كانوا يسيرون في الشوارع؟
راجلين أم راكبين؟
وكيف كانوا يصعدون إلى وسائل النقل قبل أن تكون لهم سيارات وحمايات وقبل أن يكونوا شيئا يذكر؟
وكيف كانوا يتسوّقون؟
وأيّ دور كانوا يلتزمون؟
وفي عيادة الطبيب؟ وفي ردهات المستشفيات؟ كيف كانوا يتحركون؟
وفي قاعات السينما؟ وفي المسارح؟ إن كانوا ارتادوا في حياتهم مسرحا أو دارا للسينما؟
وكيف كانوا ” يمشّون ” معاملاتهم؟ وتعييناتهم؟ وتعيينات أولادهم؟
أليس بالواسطة والرشوة والتهديد والتوسل؟
فمن أين يأتيهم الانضباط؟
وكيف لهم أن يمارسوا أبسط أنواعه؟
هؤلاء يصدق عليه القول بأنّهم ” خنزير مخنوق “.
العراقي بطبعه مفردا مجردا بسيطا نفرا عدو لأي ضبط ولأي انتظام ولأي شرع
فكيف به إذا كان من ” النخبة ” و ” العينة ” و ” الزبدة ” و العارفين من ” آكلي لحم الكتف “؟
الله ورسله وملائكته والناس أجمعون يعرفون ويشهدون على سبل هؤلاء في الوصول إلى المكان الذي وصلوا إليه.
أنا لا أعرف يقينا كيف وصلوا، لكن يكفيني ما أراه فيهم ومنهم لأعرف يقينا كيف وصلوا
وكيف وصلوا؟
وماذا حملوا معهم؟
وصلوا بكلّ أمراض مجتمعنا
وبكل الطرق الملتوية فيه للوصول
وبكلّ سبل الضرب تحت الحزام والطعن من الظهر والالتفاف على الضمير.
شرعوا وهم عارفين بوجهتهم وبمكاسبهم ومغانمهم
مستعدين للتعارك والتنابز والتشاتم والتقاتل والتطاعن إلى أقصى مديات ذلك كلّه
مستعدين لكلّ شيء إلا الخدمة
مضحين بكل شيء إلا مصلحتهم الخاصة الضيقة.
فمن أين يأتي الضبط والانضباط لمثل هؤلاء؟
وكيف لهم أن يعرفوا للنظام معنى وممارسة؟
أرأيتم جلساتهم في البرلمان؟
إن سوق هرج ليأنف أن يقارنوا به
ويأنف ” حمّام النسوان ” و المقهى والنادي وقد خلقا أصلا للهرج والمرج.
” رئيس ” يخاطبهم أو يحادث أحدهم وما من مستمع.
بل ما من جالس في مكانه
فلمن ” يخرط ” هذان؟
يتبادلون الأحاديث والضحك و” الرئيس ” ينتظر…
أرأيتم ” حاشا قدركم ” مجلس العموم البريطاني؟
والجمعية الوطنية الفرنسية؟
بل أرأيتم كيف هم الأردنيون والأتراك والجيبوتيون والصوماليون والألمان؟
البرلمانات في العالم كلّه تلتئم للنقاش وتقديم الحلول والمشاريع بينما ” برلماننا ” و” نوابنا ” يلتئمون لحبك المؤامرات و التخندق وعقد الصفقات والتقاتل وكيل التهم والعراك والتسقيط والتشفّي وكسر العظام.
حريّ بنا أن ندرس نشأة كل مرشح للبرلمانات القادمة وتربيته وتعليمه وثقافته وسيرته وصحيفة سوابقه.
هكذا نضمن أن يصل إلى قبّة البرلمان وهو مؤهل للخدمة والعمل والبناء.