22 نوفمبر، 2024 10:23 م
Search
Close this search box.

من أجل تعزيز دور منظمات المجتمع المدني العربية

من أجل تعزيز دور منظمات المجتمع المدني العربية

قد تكون ظاهرة انتشار منظمات المجتمع المدني بكثرة ظاهرة جديدة في وطننا العربي حيث أصبح تعدادها بالآلاف في كثير من بلادنا وهذا أمر طبيعي، طالما يوجد قانون ينظم انشاءها وعملها وتمويلها وإدارتها؛ لكن ما أثار انتباهي هو ندرة وجود منظمة فاعلة، لها ثقلها ووزنها وتأثيرها لتحقق الهدف من انشائها. فقد تكون في كل دولة منظمات فاعلة مهنية وذات مصداقية ولها تأثير ومقبولية واسعة وقد تكون أقوى من الأحزاب وحتى من الحزب الحاكم لكن مع الأسف هذه المنظمات لا تتجاوز نسبتها 5% من مجموع المنظمات أو أقل من هذه النسبة، إذ لا بد من تجاوز العقبات لمعرفة أسباب عدم جدواها ولإيجاد معالجات وحلول لتصل المنظمات العربية إلى مصاف المنظمات الأجنبية في مراقبتها ومهنيتها وإعداد التقارير الاحترافية في مجال اختصاصها كحقوق الإنسان والشفافية ومراقبة الانتخابات .. الخ.
ولكل ما تقدم لا بد من معرفة أسباب عدم تبوء المنظمات العربية الصدارة في كسب ثقة المواطن والاعتماد الدقيق على تقاريرها محليا وعربيا ودوليا التي نجملها بالنقاط التالية: –
1- عدم تفعيل قوانين تأسيس المنظمات بحيث لا تستكمل إجراءات التأسيس بينما تحصل المنظمة على إجازة التأسيس عن طريق الواسطة أو إن بعضا منها يميل للحاكم أو الحزب الحاكم.
2- وفق القوانين النافذة لا بد من وجود جهة رسمية ترعى وتراقب إجراءات التأسيس وتتابع مقرات وأعمال ونشاطات وتمويل تلك المنظمات فلا نجد هذه الأمور متبعة بشكل مهني.
3- أهم فقرة ((التمويل)) كل المنظمات تجمع بوضع صبغة على أن التمويل ذاتي أي من اشتراكات المنتمين لها أو الجهة التي يخولها قانون الدولة بتمويل المنظمات وفق ضوابط وإجراءات يحددها قانون تأسيس المنظمات. وغالبا ما تفشل كثير من المنظمات بسبب التمويل خارج الضوابط أو طرق الصرف.
4- كثيرا ما نسمع وقد يكون صحيحا بأن أحزابا أو دولا أو شخصيات تمول بعضا أو كثيرا منها وحتما كل جهة تمول تريد مقابل هذا التمويل موقفا أو تحقيق مأرب. وبهذا تفقد استقلاليتها في العمل وأعداد التقارير الاحترافية. وهنا يكمن عدم أو قلة وجود منظمات لحقوق الإنسان أو لمراقبة نزاهة الانتخابات أو الأداء الحكومي تتمتع بالمهنية والاستقلالية الكافية التي تجعل تقاريرها معترف بها محليا دوليا.
5- بعضها يخالف التعليمات ويخوض مضمار السياسة وهذا ما وجدته فعلا بأن رئيس منظمة سجلها هو ومجموعة أخرى لدى مفوضية الانتخابات العراقية كحزب سياسي. وهنا يبدأ السجال الطويل الذي يميز المنظمات الدولية وتفكير قادتها عن المنظمات العربية، ولا أقول جميعها لكن الكثير.
6- كثير من المنظمات نرى من يرأسها باقٍ منذ تأسيسها ولسنوات طوال وهو من يقرر ويمتلك جل الصلاحيات فكنا نلوم الأحزاب التي على هذا المنوال ويبدو أن المنظمات حذت حذو الأحزاب. فممكن أن نرى رئيس المنظمة من التأسيس والى الممات.
7- يوجد شخص “أو أشخاص” فوق النظام الداخلي بحيث لا تسري عليه أحكامه و لايمكن محاسبته مهما أخطأ.
8- يفضل أن تختص المنظمة بمجال معين وتتميز به فتعدد الاختصاص يشتت الهدف ويبعثر العمل وحتى تقاريرها لن تكون بالمستوى المطلوب.
9- إعداد التقارير المهنية ضمن اختصاص المنظمة، سوآء دورية أو حسب كل حدث أو نشاط.
10- يفضل ان يكون لها موقع ألكتروني مرموق يليق بأهداف وشخوص المنظمة تنشر فيه كل إنجازاتها وأخبارها وإعلاناتها وتقاريرها وطرق التواصل معها .. الخ.
11- أن يكون لها مقر دائم يُرفد بالكوادر الإدارية والمالية والقانونية وتكنلوجيا المعلومات وكلما تُنظمت هذه الأمور تعطي أولوية التعامل معها من قبل المنظمات والهيئات الوطنية والدولية.
12- ان يؤمن كل أعضاء المنظمة بالعمل الجمعي التطوعي غير الربحي المنظم وهذا لا يمنع من إعطاء العاملين أجورهم وخصوصا المتفرغين.
13- لديها نظام داخلي غير مفعل بالصورة الصحيحة حتى إن كان مستوفيا لكل الجوانب ولكن غالبا ما يكون غير مكتمل وكل ذلك يعزز الفشل. لذا يتوجب احتواء النظام الداخلي للمنظمة تفاصيل كل الأمور المهمة التالية: –
1- النظام الداخلي أقرته الأمانة العامة وفق ما حدد بالنظام وطريقة تعديله على أن يكون فوق الجميع ولا يميز بين أعضاء المنظمة البتة إلا وفق بنوده.
2- المهام والصلاحيات لكل منصب أو مكتب في المنظمة وحتى لكل شخص. أي بمعنى التوصيف الوظيفي لمجمل أعضاء المنظمة وجميع مكاتبها.
3- إجراءات الصرف المالي وطرق التمويل وتحديد صلاحيات الصرف والمخولين بذلك بشكل دقيق.
4- طريقة إعداد التقارير المهنية ضمن اختصاص المنظمة.
5- بنود وفقرات إعداد موازنة سنوية وتقرير شامل بالصرف المالي للسنة المنتهية بحيث يمكن الاطلاع عليه بشكل واضح لكل الأعضاء وللحكومة ودائرة المنظمات.
6- طريقة اتخاذ قرار الفصل والتحقيق والعقوبة اوالمكافئة لأي منتسب من رئيسها أو أمينها العام إلى جميع موظفيها.
7- تُفصّل بشكل دقيق طرق وشروط الانتساب وإنهاء العضوية.
8- طريقة اتخاذ القرارات التنظيمية والإدارية.
9- تحديد اجتماع الأمانة العامة للمنظمة والفترة الزمنية للاجتماعات الدورية وشرح إجراءات التصويت على المناصب الرئيسية والفرعية.
10- تنظيم الأمور المالية بشكل قانوني سليم لا يتعارض مع تعليمات وزارة المالية والرقابة المالية بحيث لا يترك ثغرة للمساءلة.
11- وضع أسس للشراكة أو العمل المشترك سواء بندوات أو ورش مع منظمات دولية مماثلة لاختصاصها وأهدافها لأجل تعزيز قدرات المنظمة وكسب الخبرات أو تبادلها.
12- مآلات حل المنظمة وإنهائها وأين تذهب ممتلكاتها وأموالها. وتسوية كل ذلك وفق ما يحدده النظام الداخلي ويطابق قوانين الدولة ذات العلاقة.
نأمل ان ترتقي المنظمات العربية إلى مستوى المنظمات الدولية الرصينة وأكثر. وكل ما دون أعلاه لا يرتقي إلى الكمال ولا نقول إن كل المنظمات في بلادنا تحتاج أن نكتب عنها لتعزز مكانتها بل بالعكس هناك منظمات لها شأن كبير ومكان مرموق بين المنظمات الدولية ولكن لأجل تغيير مسار الكثير من المنظمات التي لم نسمع منها إلا الاسم رغم الأعداد الكبيرة لتعدادها.

نائب رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات سابقا

أحدث المقالات