18 ديسمبر، 2024 7:57 م

من أجل بغداد أنظف وأجمل

من أجل بغداد أنظف وأجمل

شعار لأمانة بغداد، ربما تجده وسط أكوام من الأنقاض، أو قرب مواقع الطمر الصحي داخل العاصمة، وقد يصادفك وانت في طريق المطار، ذهاباً أو إياباً، ” من أجل بغداد أنظف وأجمل”، ربما تشاهد أطفال صغار في عهدة مقاول ثانوي، يمسكون المقشاة لكنس الطرقات، او أفراد تعرف من سحنتهم أنهم ” عمالة أجنبية”، برغم البطالة المتفشية في البلاد، لكن، حركة يبدو من شكلها ذر الرماد في العيون، وبالنسبة للمشاة، ذر التراب، لاغير.هل جربت الطريق المؤدي الى مجمع الكليات في باب المعظم، المكان وسط بغداد، إنظرحولك، سترى المناظر ” الخلابة” تحيط به من كل جانب، حتى تشعر أنك محاصر بالنفايات النباتية، والمخلفات الحيوانية، والصناعية، الى جانب المياه الآسنة وطفوحات المجاري وهما يشكلان برك صناعية بروائح ” زكية”، وهذا الحال ليس إستثناءً، إنما هوأنموذج لشاهد على القذارة.
أما إذا سقط المطر، فإن روعة المشهد، تحيل كل شيء من حولك الى ” وحل”، فيما يجأر الناس بالدعاء بعد أن حاصرت المياه بيوتهم ، أو تدفقت الى الصالات والغرف : ” ربنا آمر سماؤك أن تقلع وأرضك أن تبلع”.وبالنسبة للقادمين الى العراق من الخارج، أول مرة، فإنهم يصابون بالذهول لحظة نزول طائرتهم الى مطار بغداد الدولي، حيث اللون الرمادي في إستقبالهم، فيما مدن العالم الأخرى التي سبق زيارتهم لها كانت مطاراتها محاطة بالخضرة، وجمال الشوارع وسعتها ونظافتها، والمطار، مقدمة لما بعده، والجواب بائن من عنوانه.
هاهو حال بغداد التي كانت في تأريخها المجيد، محط انظار العالم، فأي عالم من علماء الدنيا لا تصبح شهادته صحيحة إلا حين تختم من بغداد أو يزور بغداد أو يأخذ العلم منها، في حين حاضرها التليد وضعها في المرتبة الثالثة من بين أكثر عواصم العالم وساخة واحتواء على النفايات، وثامن عاصمة على مستوى التلوث البيئي، بحسب تصنيف منظمة اليونسكو.  
وبرغم ذلك، ترفض الأمانة ” الأمينة جداً” قبول هذا الواقع، وتحاول أن تسيس الموضوع، وتجعله حسد عيشة، وغيرة منها على إنجازها الأهم، شعارها الخالد : ” من أجل بغداد أنظف وأجمل”، فيما صدى الشاعر الشعبي الكبير ملا عبود الكرخي، يتردد من بعيد، مذكراً بحالها المأساوي : ” بغداد مبنية بتمر فلش وكل خستاوي”، لكن التمر بالتأكيد مستورد، بعد أن جرفت بساتين النخيل، وأصبحنا نأكل مما يزرع غيرنا.