كان لي صديق صاحب مزاج متميز , وعندما يحتدم النقاش بيننا في موضوع ما ويشتد غيضه يقول: ” منو يعرف فطومة إبسوك الغزل” , وأحيانا يضيف : ” ومنو يسمعها إبسوك الصفافير”!!
تذكرتُ صديقي والأحوال لا تتغير مهما كتبَ الكتاب , ونادى المصلحون والمفكرون والعلماء والباحثون.
المهم إن إرادة القوة هي الفاعلة , وما هو ضعيف لا قيمة له ولا دور.
فلا صوت يعلو على صوت القوة!!
ولا دوْر لأي موجود , إذا لم يكن وزنه يساوي قيمة مادية!!
الأقوياء يفعلون ويقررون , والضعفاء يفكرون وينظرون ويكتبون!!
فمهما قالوا صحيحا وصائبا , فأن ما يقولونه لن يتحقق , ما دامت مشيئة الأقوياء هي المقررة لمسيرة الحياة.
فالطبع البشري ميّال لما هو قائم ومتحكم بالواقع الذي يكون فيه , ولا يستطيع أن يرى أبعد من يومه , ومهما تكلمت معه عن القادم فأنه ينظره بنكران , أو تحدّثت عن موضوع ما , لا يمكن للبشر أن يستوعبه ما دام لم يعانية أو قد مرّ فيه.
ولهذا فأن الذين يكتبون ويفكرون ويجتهدون , ويريدون أخذ المجتمع إلى مستقبل أرقى وأقوى , لا يُصغى إليهم , ولسان حالهم يقول ” صرنا مثل فطومة”!!
فهل نقول للكتاب والمفكرين لا قيمة للكلمة ولا معنى للفكرة , فالأمور تسير على سكة الإرادة الأقوى فهي العادلة الصائبة , ومن يراها غير تراه يُحسب من العثرات والمعوقات , لأن الذي في الأجيج غير الذي في الهجيج.
والجواب أن في الإصرار والمواظبة والمطاولة طاقات , ستزعزع الوعي الجمعي , وستؤجج ما في الأعماق من إرادات الخير والنماء , وستتبرعم وتكون , فلكل فكرة وعاء , ولكل كلمة نوازع نماء , فلتكتب الأقلام حتى ينجلي الظلام!!