8 أبريل، 2024 5:27 ص
Search
Close this search box.

“منور ضلعي” و”روعة” و”أحلى سيلفي”

Facebook
Twitter
LinkedIn

  بالرغم من إننا ما زلنا نقاتل من أجل خوض معركة الحداثة وحسمها؛ ونحن متحصنون على سواتر التراث والقدامة، إلا إننا ما زلنا تحت رهان المعركة التي لم تُحسم بشكل نهائي، وربما ناتج ذلك عن اخطاءنا في السبيل إلى الحداثة التطور؛ أو ربما أمسكنا بالحداثة من ذيلها، فألتفت حول سواعدنا، ولسعتنا، أوجعتنا للمرة الألف!!
(2)
  الأمر الذي جعلنا نجني ضحالة ثمار الحداثة، بل قشورها التي ألقاها علينا الغرب بلا تراجع، ليعرقل مسيرتنا؛ لا ليُعبد شوارع العقل ويرصفها بنبوءة التفكير، حتى أصبحنا أمة عصرية فذة في ممارسة الجهل (!!)؛ .. وصرّنا نتلقى كل شيء بطريقة فجة لا نصرف فيها لحظة من تفكيرنا، أو نوفر جزء من وقتنا من أجل صناعة أو اختراع وسائل ترفنا التي من شأنها أنْ تضمن عيشنا الهانئ؛ فصارت حتى المراسلات والشات والدردشة تتم بطريقة كوبي بيست (Copy bast)؛ أحدهم (رجل دين معمم) يتهجم عليَّ ويخاصمني ثم “يحاججني” بأدلة قرآنية قطعية (نصوص مقدسة) منقولة من الجوجل (Google) نقلاً حياً رسوماً قرآنية وتفسيرات للطبري وابن كثير؛ .. فما الفرق بين نقل الأفكار الغربية، ونقل تفسيرات الموتى (تفسيرات أكل التاريخ عليها وشرب)؛ أنا متيقن إنْ ثقافة الجوجل هي مؤامرة بحد ذاتها لأناس ساذجين يختصرون القرآن بصفحة أنترنت!!
(3)
 ليس هذ فحسب؛ بل إنْ ثقافة شبكات التواصل الاجتماعي أوصلتنا لعدمية التفكير أو المعاينة أو التجريب، لم يعد يلفت اهتمامنا جائع أو متسول أو موقف انساني مؤلم بقدر ما صار يجلب انتباهنا صورة عارية لمثلة أو فنانة أو لمايوه سباحة لمتسابقة دولية أو نهدٍ نافر لعداءة؛ أو زندٍ للاعبة مضرب، هذا هو جوهر تفكيرنا نحن اليوم أمة أقرأ؛ .. طبعاً أمة أقرأ سورة الفاتحة على موت القيم والضمير الانساني فينا!!
(4)
أحد الأصدقاء يشارك صورة لأحد أقربائه وهو في سرير العناية المركزة وفي أخر سكرات الموت وضعه مزري، ومؤلم وحزين، يحتاج لـ “دعوات إلكترونية”؛ (!!) فهو ليس في غرفة الانعاش وإنما في غرفة الدردشة والشات (!) بعد يأس علاجه؛ وأنت تشاهد مظهره المؤلم تنهال عليك التعليقات من كل حدب وصوب بين “منور” وأخر يعلق “بإبداع”، وأخر يكتب “روعة”؛ أي روعة تلك التي تتحدثون عنها (!)، .. لقد أوصلنا التخلف والجهل المقدس إلى التعبير عما بداخلنا بدون النظر للمشهد؛ هذه هي رّثاثة الحداثة وضحالة العَوُلمة التي يريد أنْ يوصلنا الغرب إلى نقطتها؛ وها نحن وصلنا إليها بدون مشقة أو تكليف!
(5)
   لقد شكلت كلمات (روعة، منور ضلعي، مبدع، احلى سيلفي) جوهر فكرة الدردشة في الفيس بوك؛ واختصرت ثورة التقانة والمعلوماتية في هذه الكلمة فقط بالنسبة للعرب؛ وصارت الاعجابات أكثر من الإشعارات نفسها، لم تعد قيمة للتقنية بعد موجة الجهل المقدس !!
أنا شخصياً أفكر في ترك الفيس بوك .. فهل يؤثم تركه؛ وما هي عقوبتي في الدنيا والأخرة .. أفتوني يا “شيوخ المودّرن”، .. ويا جنود الله الهاربين!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب