23 ديسمبر، 2024 3:03 ص

منهج كربلاء دستورا للحكيم

منهج كربلاء دستورا للحكيم

الذكرى الحسينية هي ذلك المنهج المتجدد في كل عام، بل هي الدستور الإصلاحي الأول على مر العصور، ان لكل إصلاح تضحية، وقدمت كربلاء خيرة الرجال ليستمر هذا الإصلاح، مدعوما بالاعلام الصادق على لسان زينب، لتستمر كربلاء منهجا خالدا، وعنوانا للمصلحين.
استمد الحكيم فكره الإصلاحي، من منهل عاشوراء العذب، حيث توجت هذه العائلة مسيرتها الجهادية بالعلم والتضحية والشهادة، مستمدة ذلك من عبق كربلاء ورحيقها، مستندة على الإعلام الصادق الرصين، الذي يثبت لنا حرصهم على الدين والوطن، فقد بعث عمار الحكيم في الأول من محرم الحرام، برسالة سياسية ودينية للشركاء في العملية السياسية ولأبناء الشعب العراقي، وللمحيط الإقليمي والدولي، كانت رسالة متزنة ومركزة، فيها تشخيص دقيق للعلة التي يعاني منها هذا البلد، سنضع بين يدي القارئ جوهر وخلاصة هذه الرسالة السياسية الناضجة.
ذكر الحكيم في مطلع هذه الرسالة، واقعة كربلاء، التي تعتبر موعدا للشرف والتضحية والاباء، موعدا للإخوة والفداء، ومواقف الشرف والكرامة، هيّ قمة القمم في الدروس والمعاني، ونحن العراقيون لنا الشرف ان يكون لهذه الأحداث مكان شاخص في قلوبنا، وعلى تراب هذا الوطن تتجدد كربلاء الشهادة في كل عام، وان علاقة العراقيين مع كربلاء هي علاقة مستقبل وليس علاقة ماض وتاريخ فحسب، فكل ما عملناه جاء من واقعة كربلاء، وكل ما سنعمله سيكون من اجل الحفاظ على رسالة كربلاء، هكذا لخص الحكيم هذا الحدث التاريخي من جانبه الديني، وارتباطه بالشعب العراقي.
أثنى الحكيم على انصاره ومؤيديه الذين اثبتوا ولائهم المطلق للقضية التي آمنوا بها، حيث وصفهم بالمؤمنين في زمن الادعاءات، والمخلصون في زمن التخاذل، وقال لهم بأننا تعلمنا من شهيد المحراب، ان لا نلتفت إلى الوراء، ما دمنا متوكلين على الله، ومقررين التقدم إلى الله، تعلمنا من شهيد المحراب أن نضحي من اجل الإسلام والامة والعراق، وان لا نحسب قيمة لتضحياتنا لأنها في عين الله، حيث كان لنا شهيد المحراب أبا وقائدا وقدوة، في كل ما عملناه، وذكر ايضا أن الأول من محرم الحرام يحمل سمو المعاني التي تميز كربلاء عن باقي الاحداث التاريخية، حيث تحمل الفكر والعلاج الناجع الذي يعتبرا درسا تاريخيا للإصلاح بكل معانيه السامية.
اتخذ الحكيم من محرم الحرام منهج ودستور، لشحذ الهمم وتشخيص الخلل من نظرة كربلاء الإصلاحية، فقد كان شعار الحسين عليه السلام في كربلاء هو الإصلاح، وبالتالي فأن الحكيم استمد من كربلاء كل اهدافها السامية، ليدعم تياره الجديد بفكر وثقافة التضحية والإيثار والفداء، ليتعلموا من كربلاء البذل والجود بلا مقابل، هكذا هيَّ كربلاء تعطي ولا تريد، كربلاء اعطت درس للاجيال في قمة الجود، يريد الحكيم أن يصنع تيارا وطنيا يؤمن بالإصلاح الذي يبدأ من إصلاح الشخص لنفسه اولا، فبدون إصلاح الشخص لنفسه تكون الشعارات كلها جوفاء فارغة بلا معنى.
ابلغ الحكيم برسالته هذه دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي، ان العراق امة محصنة بفكر وثقافة التضحية والإيثار والفداء التي استمدوها من كربلاء الشهادة، في كربلاء اثبت الحسين عليه السلام أنه اسمى من القيم، الحسين هو الحقيقة الثابتة على مر العصور، تمضي الدهور والاجيال وتتجدد كربلاء، هكذا تتخلد المواقف التي هيّ اطول من عمر التاريخ، فقد اخذ الحكيم كل هذه المبادئ من كربلاء، وزرعها في فكر أنصاره ومؤيديه، ليس على شكل مشاعر واحزان فقط، إنما حولها درسا ومنهجا يسيرون عليه في حياتهم.